مرة أخرى، وبعد عشرة أشهر من درسه الأول المقدم للإدارة في حفل تخرج دفعات من المدرسة الوطنية للإدارة والقضاء والصحافة، جاءت زيارة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لمدينة روصو، التي عقد فيها أول مجلس وزراء في تاريخ المدينة، ليقدم درسه الثاني لمنتخبي وساسة الأغلبية الحاكمة.
كان الدرس واضحا وصريحا رغم ما حمله من دلالات عميقة.
لقد وضع درس رئيس الجمهورية في روصو حدا للتثمين المطلق للانجازات، والتعتيم المتعمد على النواقص، والتجاهل المتجذر لنقص الخدمات، خاصة في المجال الذي يعتبر شغله الشاغل منذ إعلان ترشحه وحتى اليوم.. ألا وهو قطاع التعليم، حيث قال بالحرف الواحد: "قناعتنا أنه بدون مدرسة جيدة لن نتقدم".
ففي ردوده على المتدخلين، خلال اجتماع موسع في مدينة روصو، قال رئيس الجمهورية إنه لاحظ أن "المتدخلين الذين ذكروه بما تنجز الحكومة نسوا كثيرا من ما لم يتم إنجازه مما هو مهم، خاصة في مجال التعليم الذي حين ينعدم ويكون بلا نجاعة لن تحدث تنمية، ولن يكون هنالك أمل بتقدم البلد فضلا عن الرقي به".
لقد فاجأ ولد الشيخ الغزواني الجميع باطلاعه على التفاصيل الدقيقة للتحديات التي يواجهها قطاع التعليم في ولاية اترارزه، مشيرا إلى أن الولاية "تعاني من نقص في الحجرات الدراسية قدره 229 حجرة دراسية، وتحتاج لكثير من المدرسين، فقد بنيت مدارس، وتم نقص العجز، وتم اكتتاب المعلمين والأساتذة.. لكن ذلك غير كاف".
وتجلى انحياز فخامة الرئيس لشعبه ضد حكومته، التي تبذل جهودا مضنية في سبيل تطبيق برنامجه الانتخابي، حينما طالب الأهالي بالضغط على وزارة التهذيب كي توفر المدرسين، مذكرا أن لديها عجزا كبيرا في المدرسين مع أنها اكتتبت خلال السنوات الأخيرة 8000 ما بين مدرس ومعلم ومؤطر 6000 منها من المدرسين.
دعوة أبانت عن الكثير من التصالح مع الذات، والصدق مع الناس، والوفاء بالتعهدات، والحرص على وضع التعليم في مكانته اللائقة، خاصة أنها تأتي قبيل تنظيم انتخابات برلمانية وجهوية وبلدية يحتاج فيها لأغلبية مريحة تضمن له مواصلة مشوار الإنجاز دون عوائق، لكنه فضل المكاشفة والمصارحة والنقد الذاتي على المكاسب السياسية الآنية.
وحتى لا تكون النواقص حديث شد وجذب بين الساسة، ما بين منكر ومزايد، بادر رئيس الجمهورية إلى تأكيد أن "النواقص حدث عنها ولا حرج في الماء والكهرباء وفي المدرسة وليس هنالك مجال إلا وفيه نقص ولا نتكتم على ذلك، ومن يريد أن يعيرنا بالنواقص سيجد كثيرا منها، لكن لدينا الإرادة للتغلب عليها، والموارد المخصصة لذلك موجودة".
لقد مثلت تصريحات رئيس الجمهورية في روصو قطيعة تامة مع عهود التدليس والتلبيس وتجاهل مصالج المواطنين، واستفراد المعارضين بالخطاب النقدي، رغم ما يلازم العمل البشري من نواقص، أنكرتها الأنظمة السابقة، واستغلتها المعارضات المتعاقبة.. فكان السبق الواقعي، المبني على النقد الذاتي والتصحيح المستمر، من نصيب النظام الحالي.
وكالة الوئام الوطني للأنباء