افتتاحية/ مهرجان جول الثقافي.. التنمية المحلية والوحدة الوطنية وعبق التاريخ

لم يكن مهرجان جول، الذي أشرف على انطلاقته رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مجرد حدث ثقافي عابر، كما هو حال العديد من المهرجانات الثقافية التي تقام هنا وهنالك. 

فقد أبان مهرجان جول عن مدى قوة وتجذر الصلات الثقافية التي تربط مختلف مكونات المجتمع الموريتاني، والتي شكلت لوحة رائعة تحطمت على صخرتها الصلبة كل دعوات التفرقة والتشرذم، فارضة العزلة على أصحاب الطرحين الإقصائي والفئوي.

لقد أدرك فخامة رئيس الجمهورية أهمية مهرجان جول الثقافي، نظرا لتاريخ البلدة الثقافي والإسلامي العريق، فحرص على حضوره شخصيا كأول مهرجان غير "مهرجان مدائن التراث" ينال شرف حضور الرئيس.

لقد اختصر فخامة رئيس الجمهورية مبررات اهتمامه الشخصي بهذا المهرجان بقوله في خطاب افتتاح المهرجان: "إن تاريخ مدينة جول، بما يزخر به من موروث ثقافي متنوع ونفيس، وما يشهد عليه من بطولات أبنائها، وقوي تمسكهم بالدين الإسلامي الحنيف، وخبرتهم في علومه، ليجعل هذه المدينة جديرة بالاحتفاء"، ملفتا الانتباه إلى أنه، وفي جول، "تشكلت إحدى أشهر وأعظم الملاحم في تاريخ إفريقيا، ملحمة صمبا كلادجيكي، وكتبت صفحات مضيئة، من تاريخ مقاومتنا الوطنية".  

ومضى رئيس الجمهورية في خطابه إلى القول: "وهنا، كذلك، قامت منذ ما يناهز ثلاثة قرون الثورة الألمامية التورودية مع عبد القادر كان بفكرها المستنير وإصلاحاتها الاجتماعية المتقدمة، وإسهامها المتميز في الإشعاع الفكري والعلمي لبلادنا، ونشر الدين الإسلامي في سماحته واعتداله"، مشيرا إلى أن الشيخ محمود باه، جسد "طيلة القرن المنصرم، هذا الحرص فى نشر العلم والمعرفة وقيم ديننا الحنيف". 

لم يفت فخامة رئيس الجمهورية التنبيه إلى أن مهرجان جول يعتبر "فرصة لاستحضار تلك الأمجاد، وذاك الموروث الثقافي الغني، للمحافظة عليه نابضا في وجدان الأمة، وحاضرا في أذهان الناشئة، دعما لتنوعنا الثقافي وتعزيزا لوحدتنا الوطنية". 

ويأتي المهرجان ترجمة عملية لإصرار الرئيس على ترقية التنوع الثقافي، باعتباره إحدى أهم بوابات الوحدة الوطنية والانسجام المجتمعي، حيث يجد الكل ذاته وموروثه ضمن اللوحة الوطنية الكبيرة دونما إقصاء ولا تهميش. 

وكما حرص فخامة رئيس الجمهورية على ألا تظل المهرجانات الثقافية مجرد استعراض فولكلوري، ينتهي أثره بانتهاء فعالياته، بل تتعدى ذلك لتصبح مشاريع إنمائية تعود بالنفع على الساكنة، فقد مثل مهرجان جول فرصة اغتنمتها الدولة، ومؤسساتها المختلفة، للاعتناء بمواطني المنطقة التي شهدت تنظيم المهرجان. 

فقد عبأت الحكومة الموارد المالية اللازمة، لتنفيذ مجموعة متنوعة من البرامج الإنمائية، لصالح منطقة جول، في مجالات البيئة، والصحة، والتعليم، والمياه، والطاقة، والزراعة، والتنمية الحيوانية وغيرها ...،عملا على تحسين ظروف حياة المواطنين في المدينة، ودعما للتنمية المحلية بها، كما جاء في خطاب فخامة الرئيس. 

وعلى هامش التحضير لانطلاقة المهرجان، ترأس المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء "التآزر" السيد محمد عالي ولد سيدي محمد في جول حفل إطلاق جملة من الأنشطة والبرامج المعززة للمهرجان الثقافي لجول، وذلك بحضور عدد من أعضاء الحكومة ، ووالي ولاية كوركول ،والحاكم والعمدة وممثلين عن السلطات المدنية والأمنية في الولاية.

لكن خصوصية المهرجان، التي ميزت عن باقي المهرجانات المماثلة وألبسته تاج التميز ورداء السبق، تمثلت في توقيع "نداء جول"، الذي تم فيه الإعلان عن انخراط الجميع في ديناميكية وطنية جامعة هدفها عدم الارتهان لخطابات التفرقة وقطع الطريق عليها من خلال رفع الظلم والحيف والتمييز. 

وعبر النداء، الذي وقعه كل من فخامة رئيس الجمهورية والسيدة الأولى، وزعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، ووزير الثقافة، ورئيس المجلس الجهوي لجهة غورغول وعمدة بلدية جول، عبر عن تطلع الجميع، من مدينة جول، "لمستقبل أساسه المساواة والعدل والقانون والإنصاف.. مستقبل تتحطم فيه كل الفوارق، ويتساوى فيه كل المواطنين.. مستقبل تحتفي فيه الدولة بكل مواطنيها؛ دون أن تعبأ بأصولهم أو شرائحهم أو جهاتهم.. مستقبل تذوب فيه الأعراق والفئات والشرائح والقبائل في الدولة الوطنية، وتصبح المواطنة هي المعيار الشرعي والوحيد للانتماء لهذا الوطن"، بحسب نص النداء.

لقد جاء مهرجان جول ثقافيا في المضمون.. إنمائيا في النتيجة.. ومعززا لثقافة التعايش في المستقبل، فاستحق تسمية مهرجان التنمية المحلية والوحدة الوطنية وعبق التاريخ.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

سبت, 18/03/2023 - 07:48