الوئام الوطني (افتتاحية ) في المجال السياسي يختلط حابل الادعاء بنابل القناعة، فالكل سواء في هوى الحزب وخياراته والاستعداد اللفظي والدعم المؤكد بالتسويف.. فلا مجال للتمييز بين القياديين والأطر والوجهاء وعامة المنتسبين.
وحدها لحظة الحسم التي تسبق الاستحقاقات الانتخابية، وحينما يتم فرز لائحة المرشحين، يوضع الجميع على المحك، ويبدأ غربال اللوائح الانتخابية عملية التصفية الكبرى، فتنكشف الأقنعة وتظهر ادعاءات الكل على حقيقتها، فمنها ما يبرز بينة الصدق، ومنها ما تعوزه دلائل التبرير.
إنه الاختبار الحاسم الذي ينجح فيه المناضلون المنضبطون حقا، والأوفياء حقيقة، والمخلصون واقعا، والصادقون في الولاء لحزبهم والدعم لمرجعيته.
وفي المقابل، يكشف الاختبار الذي تطرح أسئلته الكبرى وتظهر عناوينه العريضة كل خمس سنوات، يكشف النوايا الحقيقية، فيكون الرسوب من نصيب الانتهازيين الذين انتسبوا للحزب بحجة الولاء والاقتناع، وهم في الحقيقة مجرد سعاة للمناصب، وطلبة للمكاسب الشخصية، متأبطين عصا الترحال السياسي كلما أجدبت مصالحهم في حزب شدوا الرحال عنه إلى حيث ينتجعون.
لقد دقت ساعة الاختبار الكبير، لكن سقوط البعض الحر لم يكن ظاهرة، كما أراد الكثيرون تصويره، بل إنه كان مجرد تأكيد لقاعدة الاخلاص والوفاء والانضباط الحزبي الذي تقيدت به الغالبية العظمى من قادة ومنتسبي الحزب، فلم تزدهم لوائح الترشيح إلا إصرارا على الدعم، وحرصا على الوفاء، وتقبلا لقرارات الحزب، وتفهما لمعاييره، وإيثارا لغيرهم من المناضلين.
إن الحزب السياسي، أي حزب، يجد في كل استحقاق انتخابي فرصة سانحة لتصفية الولاء والالتزام والانضباط، وهو ما يمكنه من تحديد السواعد التي يمكنه التعويل عليها، واستبدال الجدران الآئلة للسقوط، ليظل بنيانه قويا متماسكا في وجه الأعاصير التي يمر بها، ومستعدا لقطف ثمار الانتخابات التي يخوضها، فلا يبني على وهم، ولا يتكئ على خيال، ولا يستثمر في الانتهازيين.
وكالة الوئام الوطني للأنباء