الجغرافيا والتاريخ من الثوابت التي تحكم العلاقة بين الشعوب المتجاورة وكلما حدث اختلال في تلك العلاقة نلجأ أول ما نلجأ للثوابت كميزان لتصحيح الخلل.
التعدي في الجغرافيا يفضح نفسه لمن أراد التستر عليه.
ويأبى الاستعمار إلا أن يطل برأسه كلما كانت مشكلة بين دولتين تفصل بينهما حدود ولو كانت طبيعية.
الشعبان الموريتاني والسنغالي تربطهما الصداقة في الجوار والأخوة في الدين.
خضع البلدان كما هو حال إفريقيا الغربية عدا نيجيريا وأجزاء من الكامرون وغينيا بيساوو والرأس الأخضر وغامبيا للاستعمار الفرنسي كما هو حال بلاد المغرب العربي عدا ليبيا.
عرفت المستعمرات الفرنسية في إفريقيا بإفريقيا الغربية الفرنسية AOF. كان مقر الحاكم المفوض لتلك المستعمرات بداكار التي أصبحت بموجب تلك الوظيفة عاصمة لكل إفريقيا الغربية الفرنسية.
إنه إقليم مترامي الأطراف يمتد شمالا من موريتانيا ولغاية ساحل العاج جنوبا ومن السنغال غربا ولغاية اتشاد شرقا، وكان لكل جزء حاكمه الإداري.
أما اندر على يسار النهر فكانت قد تأسست في 1638 م من قبل المستعمر وجعلها عاصمة لإقليم السنغال بحكم وقوعها على الأراضي السنغالية، وأما اندر الموريتانية على الجانب الأيمن فكانت مقر الحاكم الإداري لموريتانيا بحكم وقوعها على الأراضي الموريتانية وعاصمة للإقليم المويرتاني منذو العام 1920م ولغاية العام 1960م فكانت العاصمة الموريتانية الواقعة على الجانب الأيمن من النهر في الجانب الموريتاني تقابلها اندر عاصمة الإقليم السنغالي على الجانب الأيسر، أندر الموريتانية تسمى أندر الأبيض وأندر السنغالية تسمى اندر الأخضر. كان النهر ولا يزال هو الحد الطبيعي بين البلدين المتجاورين، فقلما توجد مدينة أو قرية على النهر إلا وكانت تحمل نفس الإسم في جزئيها المتقابلين وهو ما انطبق على مدينة اندر بجزئيها.
نهر السنغال أو نهر صنهاجة ينبع من جبال فوتاجالون بغينيا ومنها يخترق الجنوب الغربي لمالي مندفعا عبر الحدود السنغالية الموريتانية بطول يصل 1650 كلم إلى أن يصب في المحيط.
نبذة مقتضبة عن السنغال
المساحة 196710 كلم مربع، وعدد السكان 16 مليون نسمة ربعهم مغتربون، الناتج الوطني الإجمالي 27,66 مليار دولار، الدخل السنوي للفرد 1466 دولار أمريكي.
وللتاريخ فالشعب السنغالي شعب طيب، متمدن، ومنفتح، كادح، قلما تجد من بين أفراده من لا يتقن مهنة بمهارة. إنه مجتمع متماسك يغلب عليه النشاط النهاري الذي يبدأ قبيل صلاة الصبح، وأما النشاط الليلي فينتهي بعيد صلاة العشاء بساعة عدا عطل الأسبوع. النقل الحضري وعبر المدن في غاية التنظيم. رغم علمانية الدولة فإن ذلك لا يعني أنه لا توجد غيرة على الدين وعلى التقاليد الحميدة وإن تقاعست الدولة عن تطبيق القوانين حيال جرائم التعدي على الأعراض والممتلكات ليلا فهناك قانون الحارات والأحياء الذي يخافه المجرمون أكثر من خوفهم من سلطة الدولة ففي الغالب يقتل منتهك الأعراض على يد السكان قبل مجيء الشرطة وتسجل الجريمة باسم مجهول، أما السارق فيشبع ضربا إلى أن يشرف على الهلاك ثم يترك في الشارع إلى أن تأتي الشرطة لأخذه إلى المستشفى أو إلى السجن. أما السائق المتهور فعادة ما يفر بجلده ويترك سيارته على الشارع مخافة بطش الجمهور. المساجد نظيفة الفرش ومزودة بمولدات الطاقة في وجه الانقطاعات المحتملة كما أنها مزودة بالمواضئ. لمشايخ الطرق الصوفية المنتشرة تأثير بالغ على منتسبيها وهم كثر،. الشعب السنغالي من بين أكثر الشعوب الإفريقية تجاوبا مع الشحن الإعلامي. الشرطة في غاية الانضباط والأدب غير مرتشية كما يشاع. الخدمات الطبية تنم عن مهنية، فلا يستطيع الطبيب العام أو المختص استقبال أكثر من 20 مريضا في اليوم ذلك بأن كل جلسة مع كل زائر للطبيب تستغرق نصف ساعة على الأقل. توجد عدة مستشفيات جامعية. الادوية سليمة من التزوير. نسبة النجاح في الباكلوريا تتعدى 60%. فالجامعات الحكومية المتكاملة بالعشرات والخاصة عديدة إضافة إلى مراكز البحث العلمي متعددة المجالات.
الخدمة العسكرية إلزامية منذ الإستقلال وإن كانت انتقائية.
الصحافة حرة كما توجد عدة محطات إذاعية وتلفزيونية حرة. يمتلك السنغال دبلوماسية من أنشط دبلوماسيات القارة، وإن كان يوجد لنظام الأبارتايد الصهيوني المغتصب لأرض المسلمين المقدسة سفارة في دكار. كما توجد للمحافل الماسونية ممثليات في دكار. لم تنضم السنغال أصلا إلى حلف دول الساحل وفرنسا وحتى بعد انسحاب مالي مخافة جر البلاد لمستنقع الحرب. شبكة الطرق من أحسن الشبكات في إفريقيا الغربية. شوارع المدن واسعة وتتخلل مفاصلها الجسور الراقية. يمتلكون ميناء جويا وآخر بحري من بين الأحسن في الغرب الإفريقي. كل المدن والقرى تنعم بالماء والكهرباء والخدمات الضرورية الأخرى.
السنغال وصلت إلى شبه اكتفاء ذاتي للمنتجات الزراعية، بفعل الإرشاد الزراعي الفعال والمكننة ووسائل الري الحديثة ومن خلال شق القنوات لجر المياه إلى المناطق الجافة. حينما تتساقط الأمطار الموسمية يذهب الجميع من الوزير إلى الخفير بالتناوب لقراهم لزراعة الأرض. يزرعون الفول والذرة والفاصوليا والأرز والدخن والخضروات إضافة إلى أن لهم نصيب كبير في إنتاج الفواكه الاستوائية كالمانجا وما شاكلها وقصب السكر. المحميات الطبيعية بالعشرات، والتعدي على البيئة والحياة البرية يعد جريمة. لذا، فإن تساقط الأمطار على البلاد منتظم بمعدلات مجزية. الصناعات الغذائية منتشرة، أما الصناعات الكيماوية فمتطورة. يمتلك السنغال مجمعا ضخما للصناعات البتروكيماوية كان يديره الرئيس الحالي ماكي صال قبل رئاسته للبرلمان، كما يمتلك السنغال مصفاة لتكرير المنتجات النفطية ومشتقاتها. ويعتبر السنغال منتجا هاما للفوسفات والأسمدة والمنتجات المرتبطة بهذه الثروة.
إن كان السنغال بلدا زراعيا فهو بلد سياحي وللصيد البحري فيه نشاط وافر يعود بدخل وافر على السكان.
لغة الإدارة الفرنسية، وأما اللغة السائدة في البلاد فهي الولفية ومن لا يتلكم بها ويعتز بها فهو وإن كان سنغالي فإن انتماءه للسنغال مشكوك فيه.
الشعب السنغالي يعشق لغة القرآن الكريم ومن لا يستطيع الحديث بها يحاول، بلغة مكسرة وللعربية نصيب في التعليم من خلال المدارس الدينية المنتشرة في البلاد.
البرلمان مسؤول عن سن القوانين ومراقبة الحياة العامة، يسائل الوزراء كيف ما شاء ومن افتضح أمره يستقيل وينتهي أمره في الغالب إلى السجن.
توجد في السنغال جالية موريتانية يصل تعدادها إلى عشرة آلاف خمسها من الطلاب في مقابل جالية سنغالية في موريتانيا تقدر بثلاثمائة ألف مواطن سنغالي يعملون في الصيد البحري والحرف المختلفة، ويقدر الطلاب السنغاليين في المحاظر الموريتانية بثلاثة ألاف.
عود على بدء،
حينما كنت ملحقا عسكريا في السنغال ما بين الأعوام 2009 و 2012 اعتدت السفر برا ذهابا وإيابا من انواكشوط إلى دكار وعودة، لفت انتباهي الوضع الجغرافي غير السوي لمدينة اندر. فحينما أعبر الحدود بين البلدين عن طريق العبارة من رصو الموريتانية إلى روصو السنغالية وأدخل السنغال ينتهي بي الأمر إلى أكبر المدن في الطريق قبل دكار وهي أندر. وأنا مازلت داخل الحدود السنغالية أجد اندر أمامي بعد 100 كلم من السفر، وعند التوغل في المدينة يجد الزائر نفسه أمام جسر حديث النشأة بنته ألمانيا على أنقاض جسر قديم كان يسمى صالة أهل محمد لحبيب ويمسمى الآن جسر فيدرب بطول 300 متر هي عرض النهر. عبور الجسر من الجانب السنغالي إلى الجانب الآخر ينتهي بك افتراضا إلى دخول الأراضي الموريتانية حيث اندر لبيض الموجودة على الضفة اليمني، إنها مدينة أصغر من اندر السنعالية إلا أنه يوجد بها مقر والي اندر حيث كانت الإدارة الموريتانية قبل الاستقلال.
عبق بلاد شنقيط يفوح من أزقة البلدة ذلك بأن للأوطان نسيما. أندر الموريتانية الواقعة على الجانب الأيمن من النهر حيث الضفة الموريتانية، هي اليوم سنغالية بحكم الواقع.
حاولت البحث في الأرشيفات المتوفرة فلم أجد أثرا يفسر السبب ولا وثائق تسلط الضوء على هذه الحالة الاستثنائية والوحيدة على النهر وحسب علمي,
ما القصة إذن؟
يبدو أن السلطات الاستعمارية وقبيل الإعلان عن الاستقلال الداخلي للجمهورية الإسلامية الموريتانية 28 نوفمبر 1958 أصدرت مرسوما بتاريخ 24 يوليو 1957 بإنشاء عاصمة للكيان الجديد ولم تبدأ المباشرة في التنفيذ إلا مع وضع الحجر الأساس للعاصمة في 5 مارس 1958 والتي لم يكن يوجد فيها إلا دورا متناثرة من طين. إنه مركز الحل والعقد الجديد ومنطلق القرار السياسي. كان سكان مدينة اندر الموريتانية على ارتباط وثيق بإدارتهم في نشاطهم ومعاشهم ولما علموا أنها تتأهب للرحيل بكامل أطقمها عقدوا العزم على ألا يبقوا خلفها، فبيعت المنازل والنزل والدور الواسعة بأثمان بخسة. لقد كان الارتجال في خضم الاستبدال هو سيد الموقف. حينما رحلت الإدارة إلى مقرها الجديد ارتكبت خطأ سيظل سقطة في تاريخ الإدارة الوطنية وهو بفعل فاعل، ولكم أن تتخيلوا مقدار العبث الذي أحدثه الإداريون الأجانب بالإدارة الوطنية الموريتانية بحكم انتمائهم للجارة على الجانب الأيسر للنهر. لقد تعمدوا إخلاء المدينة الموريتانية من سكانها دون أن تحمل صفة مدينة موريتانية مهجورة أو مقبلة على استيعاب سكان موريتانيين جدد، فلم يعين حاكم على البلدة يمثل السيادة الوطنية ويساعد على تهدئة جزع السكان للرحيل ويكون سببا في جذب سكان جدد، وللعلم فإن غالبية الموظفين الإداريين الموريتانيين وغير الإداريين قبل الاستقلال كانوا يحملون الجنسية السنغالية وهو ما يفسر جزءا من الخطيئة الإدارية المرتكبة. بعد خلو المدينة من غالبية سكانها انتهز السنغاليون الفرصة وبسطوا سيادتهم على اندر الموريتانية دون جلبة إعلامية وبصمت مطبق، وهكذا أصبحت مدينة اندر الموريتانية سنغالية في غفلة من الزمن رغم أن النهر هو الحد الطبيعي بين البلدين بفعل القوانين الدولية وبفعل مبادئ الجغرافيا السياسية وبفعل التاريخ.
مسَلمات
لم يحتج المستعمر الفرنسي إلى قلم رصاص وممحاة ومسطرة لرسم الحدود بين موريتانيا والسنغال، فالحدود المشتركة بطولها البالغ 813 كلم أو يزيد كلها على النهر، فهي إذن حدود طبيعية، فحينما تكون الأنهار أو الجبال أو الوديان فاصلا بين إقليمين لشعبين متمايزين تصبح حدودا طبيعية كما هو الحال ما بين موريتانيا والسنغال.
لقد بذل الحاكم الاستعماري للسنغال الجنرال فيدرب 1818 ـ 1889 جهودا مضنية لإقناع أمراء اترارزة وتكانت ولبراكنة أن النهر هو الحد الطبيعي بين أرض البيظان والمستعمرة المسماة السنغال، حينما كان نفوذ تلك الإمارات يمتد إلى داخل الأراضي السنغالية الحالية ليصل تخوم اللوقة ودارا، على الجانب السنغالي.
وحينما أعلن الاستقلال لكلتا الدولتين كان النهر هو الحد السياسي والطبيعي لكل منهما في مقابل الآخرى. فالنهر هو الحد الطبيعي بين الدولتين بطوله ومنتصف عرضه، كل الأراضي الواقعة عن يمين النهر موريتانية، وكل الأراضي الواقعة عن يسار النهر سنغالية.
العجيب أن هذا الوضع غير الطبيعي والذي يجسد التعدي الصارخ على الحدود لا يزال قائما ولحد اليوم، فلا حكومة من حكومات الاستقلال إلى اليوم عملت على تصحيح هذا الوضع المعوج، ولا ريب أن لفرنسا الاستعمارية يد خفية في هذا الوضع. لقد عودنا الاستعمار أن يبقي خلفه ما يستدعي تدخله.
إنها مدينة موريتانية
مدينة اندر الواقعة على الجانب الأيمن للنهر مدينة موريتانية منسية يجب أن تعود إلى أحضان الوطن، فالوطن غير قابل للقسمة مع أحد لا يباع ولا يشترى ولا يوهب.
التاريخ عبر ودروس
التاريخ في ظاهره هو سردية للأحداث والأخبار وفي باطنه هو عبر ودروس تستحق الاعتبار. وضع المدينة الحالي وغير السوي حدا يوما بالسنغاليين في عهد سنغور إلى إعادة لتقييم الوضع على الحدود مع الجارة موريتانيا ولسان حالهم يقول. ما دام الموريتانيون قد سكتوا على استيلائنا على الجزء الموريتاني من مدينة اندر الواقع عل الجزء الموريتاني من النهر فلما لا نطالب بكل النهر وبضفتيه. على الأثر حدثت مكاتبات ومساجلات في هذا الشأن بين المرحوم المختار ولد داداه وسينغور الذي ادعى أن النهر كله سنغالي بما في ذلك حدود الفيضان على الجانب الأيمن الموريتاني. انتهت تلك السجالات بعد جدال إلى لا شيء، وقد يكون الهدف منها أصلا هو السكوت عن الوضع غير القانوني للجزء الموريتاني من مدينة اندر وبأمل أن تبقى اندر الموريتانية سنغالية، وتمادى الساسة السنغاليون بالتعبير عما يضمرون في نفوسهم شيئا فشيئا. فخلال مقابلة مع جون أفريك عام 1977 وفي خضم حرب الصحراء لم يتمالك سينغور في لهجة يختلط فيها التمني بالتشفي أن قال إن الكيان الموريتاني الحالي إلى زوال بفعل التفكك والتشظي.
تأسيس منظمة استثمار نهر السنغال أو نهر صنهاجة كما يقر سينغور في كتاباته التاريخية والاجتماعية، حسم الموضوع وإن كانت النوايا المضمرة لا تزال موجودة، ذلك بأن العدو المتفق عليه للسنغال، في العقيدة العسكرية السنغالية هو الجارة الشمالية موريتانيا، أخفوا ذلك أم أعلنوه.
فالنهر بحكم كونه منفعة مشتركة بين الدول الثلاثة أصبح نهرا دوليا يسري عليه ما يسري على الأنهار الدولية من قوانين دولية، فأي استغلال للنهر من أية جهة يجب أن يكون مشروطا بمبدأين التشاور والتراضي (** يستوي في ذلك دول المصب ودولة المنبع وإن كانت ليست عضوا في المنظمة وهي غينيا)
غير أن ذلك لم يصحح وضع اندر الموريتانية الموجودة بحوزة السنغاليين وبغير وجه حق. والغريب أننا نرى اليوم ونسمع ساسة من السنغال توحي تصريحاتهم أنهم أشد حماسا للعبث بماضي ومستقبل السنغال والمنطقة من الغوغاء والدهماء.
إن إطفاء الحرائق ليس كإشعالها
الحقيقة المرة
احتفاظ السنغال بالجزء الأيمن من مدينة اندر الواقع على الأرضي الموريتانية والعاصمة السابقة للبلاد ليس إشكالا حدوديا فقط بل هو تعد صارخ على السيادة الموريتانية ولا مبرر له قانونيا ولا سياسيا ولا تاريخيا، وهو وضع يجب أن يصحح وخرق يتوجب سده وإلا اتسع الخرق على الراقع، كما أنه ليس علامة لحسن النية وحسن الجوار.
التحدي هو الخطر المؤجل والتهديد هو الخطر الوشيك، وتجاهل التحدي قد يحوله إلى تهديد. يجب أن يصحح هذا الوضع وإلا سينتهي الأمر إلى اعتبار تلك المدينة مدينة موريتانية محتلة وستكون سببا في نزاع بين شعبين تجمعهما صداقة الجوار وأخوة الدين. السنغاليون في قرارة أنفسهم يعرفون أن المدينة مدينة موريتانية في جزئها الأيمن على النهر بحكم وقوعها على الأراضي الموريتانية وإن لم يعترفوا بذلك علنا.
ما الذي يجب فعله
الحفاظ على الذات مسألة غاية في الحيوية والذات هي الوجود والبقاء كمجموعة بشرية على إقليم يرتبط بقاء تلك المجموعة على وجوده، ومن أجل المحافظة على الذات قد تضحي الدولة بكل ما تسعى إليه من أهداف أخرى وغايات للمحافظة عليه كهدف حيوي لا خلاف على حيويته ولا يجوز التفريط في جزء منه قل أو كثر.
واجب البرلمان لموريتاني
على نواب البرلمان اشتاتا أو جميعا أن يتخذوا موقفا حازما من هذه القضية الوطنية.
واجب الحكومة الموريتانية
وعلى الحكومة الموريتانية تعبئة كافة الوسائل القانونية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والمعنوية لاستعادة هذه المدينة الموريتانية إلى حضن الوطن.
واجب القوى السياسية والمجتمعية
فما الذي على القوى السياسية بما فيها المعارضة فعله لاسترداد هذا الجزء من الوطن. وما الذي على القوى الفاعلة الأخرى بما فيها الشباب وقوى المجتمع المدني فعله.
كسب المعركة الأولى في استرداد اندر الموريتانية هو في أن تتحول هذه القضية إلى قضية رأي عام وطني أولا وقبل كل شيء. وبالإمكان الجزم قولا واحدا أن السنغال لا تملك حجة واحدة تبقيها ليوم واحد في مدينة اندر الموريتانية الواقعة على الضفة الموريتانية من النهر حتى ولو جاءوا بملء أهل السنغال محامين.
يقال أن من أعجز العجز أن تأخذ حقا هو لك بيدك وأنت قادر على أخذه بلسانك، ذلك بأنه قد يوجد في القوى الناعمة من القوة ما قد يفوق ما يوجد في القوى الخشنة من القوة، والمؤمن لا يسد عليه باب، علما بأن هذا الإشكال الحدودي ليس هو الأول بين دولتين ولن يكون، فلكل إشكال بين دولتين حل وإلا لما وجدت الدبلوماسية ووجد التحكيم الدولي.
الحجة بالحجة
وإن قال السنغاليون أنها أرض مستأجرة فلتأجير بينة وأجل.
وإن قالوا أنها أرض سنغالية بموجب صك من نصارى الفرنجة كعربون وفاء لأول رئيس للسنغال نصراني الديانة قلنا ذاك عطاء من لا يملك، ولنفرض أن الفرنسيين أعطونا الجزء الأيسر من مدينة اندر الواقع على الأراضي السنغالية فهل كان السنغاليون سيقبلون.
وإن قالوا أنها أرض سنغالية خالصة قلنا لهم النهر بيننا وبينكم هو الحد الطبيعي والسياسي أنتم عن يساريه ونحن عن يمينه، والجزء الأيمن من مدينة اندر موريتاني بحكم وقوعه على الأراضي الموريتانية الواقعة على الجانب الأيمن للنهر.
الخلاصة:
إنها فرصة ومحطة لالتقاط الأنفاس والاصطفاف في وقت ما أحوج أهل البلاد فيه لتوحيد الكلمة والهدف، وما ضاع حق وراءه مطالب، فهل من رأس لذلك.
هذا المقال يندرج ضمن سياق حق الرد على تصريحات تصدر من حين لآخر عن الطرف الآخر.
انواكشوط بتاريخ : 19 ذو الحجة 1444 هـــ
الموافق: الجمعة 7 يوليو 2023 م
*ـالمؤهلات العلمية:
باكلوريا وطنية
ليسانس حضارة وإعلام ـ المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية
بكالوريوس علوم عسكرية ـ جامعة مؤتة الأردنية
ماجستير علوم عسكرية وإدارية ـ جامعة مؤتة الأردنية
ماجستير علوم إستراتيجية ـ أكاديمية ناصر العسكرية العليا ـ مصر
عقيد متقاعد بتاريخ 31/12/2016 من مواليد مدينة أطار الموريتانية
بقلم: محمد لحبيب سيدي محمد معزوز