لقد تابع الموريتانيون بكل أسف في جلسة الجمعية الوطنية، مساء أمس، كلاما سوقيا، بل خطيرا على قيم المجتمع ومقام الغرفة التشريعية ورموز البلد ما كان لقائله أن يقوله بالمرة، فالإساءة لرموز البلد ومرجعياته وشخصياته العامة خيار لا يسقط فيه إلا ذوي الأمراض النفسية أو من فقدوا بوصلة الطريق السليم النير الذي ينير الدروب ولا ينبت الكلمة الخبيثة مكان الطيبة.
ومن المعلوم ضرورة أن الأحقية في الكلمة الطيبة إنما تكون للحاكم ومن يعينه في تدبير شؤون الرعية ولعامة إخوة الدين، ولا تكون إلا بالنصح بدل القدح في أعراضهم والتشهير بهم، ف"الدين النصيحية، قلنا لمن يا رسول الله؟، قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، وما عدا ذلك، فحق الحاكم على الرعية الطاعة المثبتة في محكم القرآن الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ"، صدق الله العظيم.
قد نتفهم جميعا أن حب الشهرة قد أفقد بعضا من صناع الوهم السياسي والخطابي في الآونة الأخيرة كثيرا من الواقعية واحترام مشاعر الناس، لكننا ما كنا نعتقد أن في غرفتنا التشريعية من لا يزال يسعى جاهدا، للأسف، أن يُرَمِّزَ نفسه على حساب إخوته في الدين والوطن والتاريخ وأن يزايد عليهم نهارا جهارا في محبة نبينا وحبيبنا محمد صل الله عليه وسلم، وهو المروي عنه قوله: "إذا قال الرجل: هَلك الناس، يريد بذلك إنقاصهم وتحقيرهم والترفع عليهم، لما يَرى من نفسه فضلا عليهم، فقد صار بذلك أعظمهم هلاكًا".
نعم يريد النائب المذكور ان يقنع نفسه بذلك ولو كذبا وعلى رؤس الأشهاد وأمام عدسات المصورين ومن خلاله للرأي العام أنه الوحيد المنتصر للجناب النبوي في هذه الأرض، وهذا مجرد وهم اصطنعه لنفسه فصدقه وحده.
فأي انحراف خطابي هذا وأية سوقية ابتليت بها غرفتنا التشريعية خلسة، لماذا النهش في أعراض الشرفاء والنبلاء والمحبين كابرا عن كابر لآخر الأنبياء والمرسلين عليه صلوات الله وسلامه؟.
والسؤال الأهم هنا و المثير لدى الرأي العام هو: متى كان المصطفى صلى الله عليه وسلم ينصر بفاحش القول والكلام الساقط واتهام الناس في أعراضهم وشرفهم ولو ضمنيا؟، وهو القائل في الصحيحين " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه".
ما قاله النائب المزايد على الناس في محبتهم وما بثه في الناس من فاحش القول وساقط العبارات من خلال مداخلته تلك، يجب أن يوضع له حد وأن لا يكون سحابة صيف وتنقضي.
لابد من تفعيل قوانين رادعة حماية لرموز البلد والشخصيات العامة وحتى العادية من الخطابات المزايدة وغير المهذبة تحصينا للمجتمع وتسويرا على القيم والأخلاق التي باتت معرضة لتفاهات الباحثين عن الشهرة ولو على حساب الآخرين في دينهم وشرفهم وعرضهم.. فقد آن لهذه المزايدات أن تتوقف.
وكالة الوئام الوطني للأنباء