أكد رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال كلمته في أعمال الدورة التاسعة لمنتدى داكار الدولي حول السلام والأمن، على أهمية موضوع هذه النسخة "إفريقيا الإمكانات والحلول في مواجهة التحديات الأمنية وعدم الاستقرار المؤسسي".
وعبر فخامة رئيس الجمهورية عن تقديره للرسائل التي يواصل منتدى داكار الدولي إرسالها، والمتمثلة في صورة إفريقيا العاقدة العزم على الاعتماد علي ذاتها، والتفكير في التغلب على تحدياتها، بدل انتظار الحلول القادمة من خارجها، مضيفا أن هذا المنتدى، يوضح بشكل جلي القيادة المتبصرة لفخامة الرئيس ماكي سال.
وقال صاحب الفخامة إن التناقض البين في القارة الافريقية يكمن، في الفجوة الشاسعة بين إمكانياتها الهائلة من حيث الموارد الطبيعية والموقع الجيوستراتيجي والموارد البشرية، وهي عوامل كان ينبغي أن تجعل منها منطقة سلام واستقرار وتنمية، بدل انتشار الفقر والتخلف وانعدام الأمن وعدم الاستقرار الاجتماعي والمؤسسي، مؤكدا أن التغلب على هذا التناقض وتحويل هذه القدرات إلى أدوات تمكن من حلول ملموسة وفعالة، تواجه التحديات والأزمات الحادة والمتعددة الأوجه التي تمر بها القارة الافريقية، وهو ما يشكل حجر الزاوية في تنمية إفريقيا.
واعتبر فخامة رئيس الجمهورية أن إفريقيا أصبحت منذ أكثر من عقد من الزمن، مسرحا لمختلف أشكال العنف الإرهابي والاجتماعي والسياسي و العرقي، مضيفا أن هذه الظواهر تنتشر يوما بعد يوم إلى مناطق جديدة، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار الدول وإخراج مناطق كاملة عن السيطرة، لتتحول إلى مناطق حاضنة للعنف والتطرف، مضيفا أن هذا الواقع يسببه التقاء الفقر، وسوء التدبير، وغياب الآفاق، والتوترات الاجتماعية.
وقال رئيس الجمهورية إن القارة الافريقية مطالبة بالعمل على إطلاق إمكانياتها الهائلة من حيث الموارد وبناء حلول مبتكرة من خلال تحسين الإدارة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في دولها بهدف بناء تنمية مستدامة تضمن الرخاء المشترك، معتبرا أنه أصبح من الثابت أن أي معركة ضد انعدام الأمن، يجب أن تعالج القضايا الأمنية في تضامنها شبه العضوي مع الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل بيئتها العامة.
وأكد فخامة رئيس الجمهورية أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية عملت على تعزيز قوات الدفاع والأمن وإعادة تكييفها مع خصوصيات العنف غير النمطي المعاصر، مركزة في الوقت نفسه، على مكافحة الفقر وعدم الاستقرار، وتعزيز المؤسسات الديمقراطية، و الحريات الأساسية، ودولة القانون، في إطار إصلاح شامل في العمق لنظامها الاقتصادي، لإرساء أسس التنمية المستدامة، و عملت في الوقت نفسه على تحسين إدارتها الاجتماعية والسياسية، مضيفا أن بلادنا نجحت في تهدئة الحياة السياسية، وتعزيز الانفتاح والحوار والتشاور، و تعمل على استئصال التطرف من صفوف الشباب وتعزيز ثقافة الانفتاح والتسامح.
وأضاف رئيس الجمهورية أن النتائج على صعيد الأمن والاستقرار والتماسك الاجتماعي كانت مقنعة إلى حد ما، معتبرا أن البلاد تدرك أنه نظرًا لطبيعة الإرهاب والتطرف العابرة للحدود، لا يمكن من خلالها لأي بلد الشعور بالأمن الدائم ما لم يكن جيرانه في استقرار، معتبرا أن ذلك هو ما عملت من أجله موريتانيا مع جيرانها الأكثر تعرضًا للتهديد المباشر (مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد)، من خلال مجموعة دول الساحل الخمس، التي حشدت حولها العديد من مبادرات الدعم الدولي، كما حسنت بشكل كبير من قدراتها الجماعية على منع الهجمات الإرهابية والرد عليها بفعالية.
وأكد صاحب الفخامة أن مجموعة دول الساحل الخمس تمر بمرحلة حرجة ، بسبب انسحاب جمهورية مالي الشقيقة، مضيفا أن المجموعة ستتغلب على هذه التحديات، لتستمر في المعركة الجماعية ضد الإرهاب وانعدام الأمن بلا هوادة، وهو ما يصب في مصلحة المنطقة الإقليمية والقارة بصفة عامة.
وقال رئيس الجمهورية إن أجندة الاتحاد الأفريقي لعام 2063، جوهرها تحديد بناء التنمية المستدامة، معتبرا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب "إسكات البنادق" بشكل نهائي، من أجل تنمية شاملة تضمن الرخاء المشترك.داعيا إلى مضاعفة الجهود بهدف بناء الدول، بشكل حقيقي وقانوني، من أجل ديمقراطيات حقيقية قادرة على ضمان تداول السلطة في سلام واستقرار وشفافية، وضرورة العمل على تمكين الجميع من الوصول، على قدم المساواة، إلى ظروف حياة كريمة، والعمل على تهدئة الحياة السياسية، والتغلب على الخلافات الاجتماعية والعداوات العرقية، من خلال الحوار والتوافق، مؤكدا على أهمية رأس المال الاجتماعي والمعرفة المحلية للمجتمعات الأفريقية في منع الصراعات وإدارتها وحلها، و تسخير إمكانات الحلول التي يوفرها رأس المال الاجتماعي.
وعبر رئيس الجمهورية عن أمله في أن تساهم الاستنتاجات والمقترحات الناتجة عن هذه الدورة التاسعة لمنتدى داكار الدولي للسلام والأمن بشكل كامل في هذا الأمر.