لم يكن من باب الصدفة، أو من الغرابة بمكان، تغيير رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أجندة زياراته الداخلية، والذهاب على جناح السرعة إلى دولة الكويت الشقيقة بمجرد تداول خبر وفاة أمير البلاد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، يوم السبت الماضي.
فالرئيس الغزواني، أقدم على هذه الخطوة الاستعجالية تقديرا منه لحكومة دولة الكويت وشعبها الشقيق، وترجمة لمتانة العلاقات الأخوية التي تربط القيادتين والشعبين على مدى عقود من الزمن، والتي بدأت قبل استقلالهما، حيث كانت الكويت قبلة للشناقطة الذين قاموا برحلات الحج واستوطن بعضهم تلك البقاع الطاهرة وما جاورها مضطلعين بمهام التدريس، فكانت الكويت إحدى تلك الأماكن منذ مطلع القرن العشرين.
ثم إن دولة الكويت كانت أول دولة تسخر إعلامها للتعريف بموريتانيا تاريخيا وأثريا وأدبيا، فجاء اسم بلد المليون شاعر، الذي عُرفت به البلاد على نطاق واسع، ثمرة تحقيق وعنوان عريض في مجلة العربي الكويتية العريقة.
ومنذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وبعد زيارة صاحب السمو الشيخ صباح السالم الصباح، أمير دولة الكويت الأسبق، ساهمت الكويت في تنمية موريتانيا في كل المجالات من خلال تقديم المساعدات السخية ضمن تعاون وترابط أخوي ظل يتعاظم مع مرور الزمن.
وقبل أكثر من نصف قرن من الآن، بدأت مؤسسات التعليم والتكوين الكويتية في استقبال عشرات الطلاب والمتدربين الموريتانيين من ذوي الثقافة العربية، حيث ساهموا في كسر هيمنة ثقافة المستعمر حينها على غالبية الموريتانيين ممن اقتصرت دراستهم على المحظرة وعلومها الشرعية والعربية.
ودعما للبرامج التنموية وإنشاء البنى التحتية، ظلت الكويت تقدم، بواسطة الصندوق الكويتي للتنمية وغيره من مؤسسات التمويل العربية والدولية، مساعداتها السخية إلى الدولة الموريتانية، كما قامت بواسطة هيئاتها الإنسانية والخيرية بالتمويل المباشر لكثير من المشاريع والبرامج الإغاثية والاجتماعية والإسلامية المنتشرة في مختلف ربوع موريتانيا، وهو ما لا يزال متواصلا حتى اليوم.
وخلال السنوات الأخيرة، وقعت الكويت وموريتانيا عددا من الاتفاقيات تتعلق بالخدمات الجوية والتعاون في مجالات الشؤون الإسلامية والأوقاف والتعاون الاقتصادي والفني والتجاري.
كما شملت مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين مجال النقل الجوي والتعاون في المجال الصحي، فضلا عن توقيع اتفاقيات مع الصندوق الكويتي للتنمية لتمويل مشاريع في مجالي توفير الطاقة والمياه، علاوة على الشراكة بين الصندوق الكويتي للتنمية وصندوق الإيداع والتنمية.
وترتبط موريتانيا والكويت بلجنة مشتركة للتعاون الثنائي بين البلدين، حيث تهدف هذه اللجنة إلى إرساء الأطر القانونية اللازمة لترقية التعاون في جميع المجالات ومتابعة المعاهدات والاتفاقيات والبرامج الموقعة بين الدولتين.
وفضلا عن العلاقات الرسمية، تحتضن الكويت جالية موريتانية نوعية غالبيتها من النخبة متعددة الاختصاصات، حيث تساهم هذه الجالية بفعالية كبيرة في قطاعات التعليم والأوقاف، وغيرها.
لقد سارع فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لتقديم التعازي للأمير الكويتي الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وللشعب الكويتي الشقيق، في وفاة الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عليه رحمة الله، بعد أن أعلن الحداد على وفاته لمدة ثلاثة أيام في عموم موريتانيا.
وكالة الوئام الوطني للأنباء