العلامة الشيخ سيد المختار بن عبد الجليل (ت. 1267 هـ) :
في حـدود سنـة 1267 هـ وفي قلب المـنطقـة الوسطى من ربوع قومه في التخوم الشرقية لولاية الترارزة, وتحديدا في سهل آفطوط الممتد ما بين آڭروي وزَهْوْ العَيْن وأڭاد التيدوم٬ حيث كانت أسرة آل الشيخ عبد الجليل تقيم معظم أيام السنة, ولد لهذه الأسرة الكريمة غلام مبارك لن يكون كسائر أترابه حمل اسم سيد المختار لأبيه الشيخ عبد الجليل بن محمذن بن حبيب(آيِّيهْ) بن محمد فال بن منّارْ بن أشفغ محم الموسَوي الحِلي التندغي ولأمـه ابنة عم أبيه آمنة بنـت بابَ بن امِّيهْ, اللذين ينتهي نسبهما إلى موسى أحـد أبنـاء عبد الله الجد الجـامع لأحياء حـلة الأربعين جوادا.
فَقَدَ الـفتى أباه ولمّا يبلغ الحُـلم بعدُ تاركا له ثروة طائلة لا تقدر بثمن قوامها عز تليد ومجد أصيل ومال وفير يعين على نوائب الحق، ومن لطف الله ونعمه أن منَّ عليه بأم صالحة، لها همة عالية وباع واسع في فنون التربية والتهذيب فكان لذلك أطيب الأثر على تكوين ابنها الوحيد وصناعة مستقبله، فنشأ نشأة مميزة آتت أكلها وطاب جناها كما اشتهت الأم ووِفق ما خططت.
لم تكن بدايات رحلة الفتى مع طلب العلم وتحصيله موثّقة في مجتمع بدوي لا يأبه لتفاصيل حياة شيوخه ولا حتى كُلِّياتها، فهو إذن بجزئيات حياة أطفاله وحديثي السن فيه أقل اكتراثا وأكثر إهمالا، لكن من المرجح أن يكون الفتى مرّ ببعض محاظر حيه وفي مقدمتها محـظرة ابن عمه الشيخ محمد يحيى بن آيِّيهْ (ت. 1300هـ) وغيره، قبل أن تحين لحظة الرحيل خارج الديار بعد أن بدأت بشائر النجابة و النبوغ تتكشف آخذة بناصية الفتى صوب التميز والارتقاء في مدارج العلوم والحكمة، فكانت محطته الأولى في محـظرة ابن عمه الشيخ محمد عبد الرحمن (الشيخ محمد) بن الرباني (ت. 1315هـ) في منطقة الجزيرة قرب كرمسين، فصحبه زمنا إلى أن ارتحل الشيخ محمد إلى المنطقة الشمالية الغربية، فشد رحله إلى محـظرة العلامة أحمدو باب بن حامدت.
وبعد أن حقق الشيخ ما كان يصبو إليه وجمع في صدره ما قرت به عينه من علوم ومعارف عصره تاقت نفسه إلى علوم التصوف وعوالم التربية والتزكية٬ وكانت له فيها قواعد وأسس غرستها فيه أمه منذ نعومة أظافره٬ فكانت له أولا صحبة مع الشيخ محمد عبد الرحمن بن محمد خيرات الذي كان له تأثيــر بالغ على الحياة الروحية للشيخ٬ فقد كان كثيـرا ما يقول إن دعوة صالحة من هذا الشيخ لحقته يوم دعا له بعد أن أهداه ثوبا جديدا قائلا له: " ألْبسك الله ثوبا من حرير الجنة بعد كمال العرفان وطول العمر وتمام سعة الرزق".
لكن شيخ التصوف الأبرز في حياة الشيخ سيد المختار هو العلامة الشيخ محمد عبد الرحمن بن محمد السـالم (ت.1331 هـ)، الذي تصدر الشيخ على يديه في الطريقة القادرية المختارية بعد أن خلع عليه قميصه في إشارة رمزية منه إلى تصدره وإتقانه أصول وفروع هذا الفن.
بعد تصدره في مختلف المعارف العلمية والتزكوية تفرغ الشيخ لنشر منهجه وطريقته فأقبل عليه الناس ما بين طالب للدنيا وراغب في الآخرة، وقد تنامى إلى أسماعهم ما يتصف به من دماثة الخلق وسماحة الكف وسمو الروح وغزارة العلم فنال عنده كل طالب مبتغاه فكثر مريدوه وتشعبت علاقاته وعمرت مجالسه بالذكر والفكر والحكمة والموعظة الحسنة والدعوة بالرفق والتواصي بالحق، واشتهرت مناظراته مع استصحاب آدابها التي يجملها في مؤلَّفه "إنارة المسلمين" بقوله: ( هي: الإنصاف؛ والإنصات؛ والوقار؛ والسكينة؛ والاعتراف بالجهل؛ وتأمل المسائل، فمن لم يصاحب هذه الستة فكلامه في العلم غير مصيب).
لقد تهيأت للشيخ بفضل مكانته العلمية والروحية والاجتماعية شبكة من العلاقات المتنوعة شملت علماء أشادوا بعلمه ومنهجه، وشعراء نالَ مدحهم وثناءهم، وأمراء حظي بتقديرهم وتوقيرهم، نذكر منهـم على سبيل المثال لا الحصر:
- القـاضي محمذن فال بن أحـمـدو فال (ت. 1345 هـ)، الذي كان يرتبط مع الشيخ بروابط اجتماعية وعلمية، منها اشتراكهما في القول بالمعية، يقول القـاضي:
معيـة الإلــــه للأكــوان -- ثابتـــة بالنّـــصّ والبرهـــــان
الله ذات بالكمال متصف -- وباستحالة التجزئ عـــــرف
إلى أن يقول:
فاعتقـدِ المعيـة الذاتيه -- من غير خوض منك في الماهيه
بل بالذي يليق بالجليل -- من غيـــر تشبيـــــه ولا تعطيل..
- الشيخ محمد أحمد بن الشيخ محمد بن الرباني (ت. 1353 هـ)، ابن شيخه في العلم وتِرْبُه وصديقه الشخصي منذ أيام دراسته في محـظرة آل الرباني في الناحية الغربية، يقول الشيخ محمد احمد في رسالة ود وتقدير للشيخ سيد المختار:
على السيد المختار أسنى تحيـــــة -- تزيد على طعم المُدام من الدِّبْــسِ
وليٌّ سما من أن يحاول شـــــــأوه -- سُمُو السما عن أن تُناول باللمـس
فتى لم أزل أصفي حيـــــاتي دائما -- له الود إلا أن يغيبــــــــني رمسـي
ولو تُفتدى نفس بنفس من الردى -- بما قدر المولى فدته إذن نفــــسي
فلا زال يمسي في الكلاءة آمنـــــا -- ويصبح في حفـظ الإله كما يمــسي
عليه سلام الله ما الشمس أشرقت -- وما احْلوْلك الإظلام من غيبة الشمس.
- امحمد بن أحمد يوره (ت. 1340 هـ)٬ الذي يقول في الثناء على الشيخ، وكان قد سكن لبعض الوقت في قومه بني ديمان:
وابن عبد الجليل قطب جليلٌ -- يَتداوى بالقرب منه العليل
لا تَرُومَنْ على هداه دليلا -- أَعلَى الشمس قد يُرامُ الدليل؟
- الشيخ سيديّ باب بن الشيخ سيدي (ت. 1342 هـ)، كانت تربطه بالشيخ علاقات قوية قوامها الإعجاب المتبادل والسعي في مصالح المسلمين، وكان الشيخ باب من إعجابه بكرم الشيخ يقول: "إن جماعة منها الشيخ سيد المختار لا تستكثر شيئا من الدنيا يُجعل عليها".
- افاه بن الشيخ المـهدي (ت. 1355 هـ)، وكان قد حاور الشيخ حول التصوف، فلما سمع منه ورأى ما عنده، قال: "من أراد الـصوفية الـصادقة فليأخذها على هذا الشيخ"
- الأمير البركني المختار بن أحمدو (ت. 1945 م)، كان آل أحمدو ولد آغريشي يرتبطون مع آل عبد الجليل ارتباطا روحيا تعزز أكثر بين الشيخ و الأمير المختار، و كانت تجري بينهما المراسلات.
- لمرابط أواه بن الطالب ابراهيم التاڭاطي (ت. 1375 هـ)، وله أرجوزة في مدح الشيخ والثناء عليه.
- لمرابط اباه بن محمد الأمين اللمتوني (ت. 1380 هـ)، أخذ التصوف عن الشيخ، وكان يقول عنه: "حقيقة هذا الشيخ أنه متقدم أخره الله"، وله فيه مدائح، يقول في مطلع إحداها:
بشراك هذي مغان قد حوت دعدا -- فقف وسلم وسائل والتمس رشدا
إلى أن يقول:
شيخ بدا ورسوم العارفين عَفَت -- فأصبـحت بيمين يمنه جُــــــددا...
- عبدُ الله بن الشيخ سيديّ (ت. 1384 هـ)، وكانت تجري بينه و بين الشيخ مراسلات.
- الشيخ إبراهيم بن الحاج عبد الله انياص (ت. 1395 هـ )، كانت تربطه بالشيخ علاقات ود ومحبة و كانا يتبادلان الزيارات أثناء مقام الشيخ في السنغال.
- عبد الله القاسم بن سيدي محمد محمود (ت. 1975 م).
- الأمير عبد الرحمن بن اسويد أحمد (ت. 1982 م).
- الأمير سيدي آلبور انجاي أمير جلف بالسنغال، كان مريدا للشيخ، وكان يحرص على استشارته والأخذ برأيه في كثير من أموره.
ترك الشيخ مصنفات عديدة أغلبها رسائل ومباحث في العقيدة والتصوف، أوردها حفيده الأستاذ محمد عينين بن الشيخ إسماعيل في رسالة جامعية تحمل عنوان " الشيخ سيد المختار بن عبد الجليل: حياة وآثارا" على النحو التالـي:
1- كتاب البراهين في التوحيد؛
2- رسالة في حكم المعية؛
3- رسالة بعنوان "إنارة المسلمين"؛
4- مبـحث في الحكمة من تحديد الأوراد؛
5- رسالة بعنوان "العجالة" موجهة لأحد مريديه؛
6- مجموعة أجوبة على أسئلة طرحت عليه؛
7- رسالة في وصف إحدى رحلاته؛
8- نظم حساني بعنوان: "تفرغ زينه" في سيرة ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
عُرف الشيخ سيد المختار رحمه الله بمناظراته التي أثارت الكثير من الجدل وأسالت الكثير من الحبر بينه وبين مجموعة من أجل علماء عصره حول مسائل مختلفة منها:
مناظرة حول أحكام الردة دعاه إليها العالمان حبيب الله بن بكياه (ت. 1945 م) وحبيب الله بن أشفاغ الشقرويان، و مناظراته الشهيرة حول المـعية وأشهرها تلك التي جرت مع العلامة أبي بكر بن فتى الشقروي (ت. 1324 هـ وهو في طريقه إلى الحج) وقد حظيت هذه المنـاظرة بمتابعة واسعة من طرف النخبة العالمة وانقسم الناس فيها ما بين مناصر لما كتب هذا ومؤيد لما كتب ذلك، والمسألة نفسها كانت عنوانا لمناظرتين أخريين خاضهما الشيخ جرت إحداهما مع الشيخ أحمد أبي المـعالي بن الشيخ الحضرامي (ت. 1386 هـ) والأخرى مع العالم عبد القادر بن محمد بن محمد سالم (ت. 1337 هـ)٬ هذا بالإضافة إلى مناظرته مع العالم افّاه بن الشيخ المـهدي حول مفهوم التصوف.
كان الشيخ كثير الأسفار دائم التنقل، وقد جاب تبعا لذلك معظم المناطق الغربية و الجنوبية والوسطى من الوطن كما جاب مناطق واسعة من السنغال حيث كان يحظى بتقدير كبير من قِبل أمراء الضفة الجنوبية - ومنهم أتباع ومريدون له- كما كان يملك هناك أراضي زراعية واسعة على غرار ما كـان يملك في الضفة الشمالية، خصوصا في مَيْ مَيْ تندغه وجونابه، ولم يكن الفرنسيون يعرقلون هذه الحركة في الظاهر، بل إن ولاتهم وعيونهم كانوا يسهلون تنقلاته وتحركاته حتى يظل في مرمى سمعهم وأبصارهم.
كانت علاقة الشيخ بالغزاة الفرنسيين يطبعها الفتور والنفور من قبله والشك والريبة من جهتهم، ولم يكن يخفى عليهم وعلى عيونهم ما يعتمل في نفسه من حنق عليهم وما يبوح به في مجالسه الخاصة والعامة من تحريض ضدهم واستعداء عليهم، مع ما يعلمون عنه من سعة النفوذ وكثرة الأتباع ونفوذ الكلمة، فلا غرو إذن إن كانوا يبثون العيون من حوله ويرصدون تحركاته وسكناته، وقد صور "ابول مارتي" هذه النظرة في كتابه "إمارة الترارزة" بقوله:
"إن مواقفه المتمردة وتصريحاته المناهضة للفرنسيين تكفي لإدانته وتتطلب مراقبة خاصة له".
« Son attitude frondeuse et ses propos anti-français lui ont valu une condamnation et nécessitent une surveillance spéciale ».
وإن قراءةَ واستشرافِ ما بين سطور هذه الرسالة التي بعث بها المترجم الشهير محمدن ولد ابن المقداد (دودو سك) إلى الشيخ تظهر بجلاء مدى حرص المترجم على تتبع تفاصيل حركات وتنقلات شيخه٬ حتى وإن بدا الباعث الظاهري على ذلك مجرد المحبة الروحية وداعيه المعلن الاطمئنان على صحة الشيخ وسلامته:
بسم الله الرحمـن الرحيم، الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد. أما بعد فإنه السلام التام الطيب العام من الكاتب والباعث إلى شيخه ومحبه وصاحب عهده الذي لا يتغير ولا يتبدل، حضرة الولي الكامل ذي الفضل الشامل الشيخ سيد المختار، موجبه بعد السؤال عن الأحوال عامة وعن صحة بدنك خاصة، إعلامك أن المريد أتاني بكتابكم، وأني فرحت به غاية ونهاية لطول عهدي بخبركم، هذا وإن المريد بلغ السلام وأفهم الكلام أطال الله بقاءكم لنا ولسائر المسلـمين وأفاض عليكم و (عليكم) نعمه الضافية. والمطلوب من وافي فضلكم أن لا تقطعوا عني أخباركم وأن تكتبوا إلى كلما أمكن ذلك وتيسر لما فيه من سروري، وكلما انتقلتم من بلد إلى بلد فاكتبوا إلي ليطمئن قلبي، و السلام. صاحب عهدكم الذي لا ينساكم ولا يشغله سواكم، ومحبكم على الدوام في القرب والبعد. محمد ولد ابنو المقداد.
وتكشف أيضا الرسالة التالية التي كتبها الشيخ عبد الله بن الشيخ سيديَّ للشيخ سيد المختار ما كان يتعرض له هذا الأخير من كيد ونميمة يتقرب بها بعض السعاة ممن في قلوبهم مرض نفاقا وتزلفا بين يدي الغزاة:
بسم الله الرحمـن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله تعلى على سيدنا محمد وآله وسلم.
سلام إلى السيد الشيخ سيد المختار بن عبد الجليل إنا نحمد إليكم الله تعلى الذي لا إله إلا هو، ونخبركم أنا على العهد السابق، ونعلمكم أنا ربـما نسمع بعض ولاة الأمر يسأل عن شأنكم ويلقي بعض شياطين الإنس إليه نميمة ونجتهد في إطفاء ذلك حتى في الشهر الماضي جرى ما جرى من ذلك والله تعلى حسيب الظالم وحسب المظلوم هـ. انتهى المراد من الرسالة... والسلام كتبه عبد الله بن الشيخ سيديَّ لخمس... من شوال عام (1355هـ).
في ليلة الثلاثاء 20- 07- 1366هـ الموافق لمسـاء يوم الاثنين 09- 06- 1947م فاضت روح الشيخ راضية مطمئنة إلى بارئها في قرية جونابه شرقي لبراكنه التي اصطفاها لإقامته آخر عمره، فأضحت تربته فيها ومثواه رحمة الله ورضوانه عليه، وقد خلد الشعراء والعلماء هذا المصاب الجلل ورسموه لوحات حزينة تجسد لوعة الفراق الذي تجرعه أهل الفقيد ومريدوه ومحبوه والعارفون به وحجم الفراغ الكبير الذي خلفه رحيل الشيخ الجليل، وهذه نـماذج سريعة من تلك المراثي:
يقول القاضي محمدن بن محمذن فال بن أحـمـدو فال (ت. 1400 هـ):
أرى الأيام لم تـــبرح تــــدور -- لها حتما سرور أو غرور
فطورا يطلــــــع الدّبران فيهــا -- وأطوارا سعود أو بدور...
حياة المرء فيها زوْر طيــــف -- قليلا ما ثوى طيف يزور
وأهل الفضل فيها كالأســـارى -- وقد يرتاح إن فُك الأسير
إلى أن يقول:
فإن يك قد مضى عنها حميدا -- عديم الشكل والشيخ الكبيـر
فما إن مات من أبقى ثنـــاء -- وذكرا مثل ما يبـــقى ثبــير
تسامى السيد المختــار حتى -- تقاصر دونه الشّعْرَى العَبور
فكم للشيخ من وصف حميد -- يقصر عنه ذو الفكر الخبيــر
فعين ما بكت فيها جمــــــود -- ودمع ما جرى فيه نـــــزور
أباكٍ إثره لا تُجــرِ دمعـــــا -- فتبكيــه الروابي والصـخــــور
وتبكيه الأرامل واليتامـــى -- وتبكيه الأهلـــــــة والشهـــور
سقى قبرا تضمـــــنه حبي -- من الرضوان صيبـــه غزيــر
و عينـا سلسبيلا في قصور -- يطوف بهن ولدان وحور..
ويقول الشيخ محمد عبد الودود بن الشيخ محمد أحمد بن الرباني (ت. 1401 هـ):
سَهَّدَ المقلتين صُولي ليلِ -- بيْدَ نعي الشيخ ابن عبد الجليل
إلى أن يقول:
إن فعل الإله فعـــــــل جميـل -- منه نَغنَى إذن بصبر جميل
ليس شق الجيوب منا استنانا -- حسبنا الله واتباع الرسول
من لضيف بعد ابن عبد الجليل -- ونقيل يأتيه بعد نقيــــــل
وأيامى وصبيــــــة تتضـاغى -- وعليل به سعـــار الغلــيل
من يكونُ القبيـــلَ إن لَمّ أمر -- فيه يكفي القبيلَ أمر القبيل
من لغاو ضل السبيل إذا ما -- بايع الشيخ يهتـدي للسبيـــل
من لعار سَمْل الثياب إذا ما -- راءه عاد وهو ضافي الذيول
من لسار قد بات يخبط ظَلمَا -- في ليال من النعائـــــم ليل...
إن بيتا لآل عـبد الجليــــــل -- بيت عز و بيت مجـــد أثيــل
بيت علم بيت اقتصـاد وتقوى -- بيت وال لذي التجاء ذليل
بيت جود بيت المكارم بيت -- من بيوت الإله بيت الوصول
بيت سود بيت السماحة بيت -- طاب منه الفروع طيب الأصول
بيت حلم فيه المحامـــد تبنى -- وهو بيت النزول بيت النزيل
وابن عبد الجليل شيخ جليل -- ما رأينا مثل ابن عبد الجليل
لا تقس نجل ابن عبد الجليل -- بسواه من كل شيــخ جليــل
هو قطب الزمان إذ هو أربى -- عن نقيـــب وخيِّـــرٍ وبديـل
يستفيد الجليس منه عـــلوما -- بأسانيـــد صححت ودليـــل
إن نهج الجنيد و الجيْلِ نهجا -- ن قويما ن لابن عبد الجليل
إن الابرار في النعيم و منهم -- نجل عبد الجليل في خير جيل
قدس الله روحـــه وسقـــاه -- من شراب الفردوس والزنجبيل
وأنار الابــرار منــه بنـــور -- وأظلــوا منـــه بظــل ظليــــــل
إن كل التآبين والمدح فيــه -- لــو أطيـــلا كانا أقـل قليـــــــل
ليس بحر الخفيف يوفي رثاء -- ومديحا له وبحــــر الطويل...
ويقول أحمد باب ولد بوسيف:
أنى يجاب عن المسائل سائل -- من بعد هذا الشيخ لا بل سائلوا
أم كيف يرقى في المعارف عارف -- يختال في حلل الولاية رافل
أم كيف يعرف ربـــه ذو همـــــــة -- حيران لا يدري لما هو آئل
أم كيف سر النــــور يعرف ســره -- ومعالم المتشابهات أوافـــل
أم كيف لا إلا تجـــــــــــود بسرها -- أم كيف يوجد للأرامل كافل
مات السّخا مات الحيا مات الهدى -- مات الكمال الصرف جاع الآكل
لله ما قد أودعوا بطـــــن الثــــرى -- من عارف قد خلفته الاوائل
الشيخ سيدنا ومختار الهـــــــدى -- ختمت به للعارفين وسائل...
و من الشعر الحساني يقول محمد بن محمدن بن الشيخ عبد القادر بن الرباني (ت. 1390 هـ):
العلم اوفَ وُوفَ اصْبرْ -- والمعطَ ماتَ ينجبرْ
و العلم الظاهر فاصْــدرْ -- و العلم الباطن غارُ
والْمعْــطَ كــانْ المشتـهر -- للْـدارُ والْمَـــــــدارُ
هذُو فاتُ فامنينْ مــاتْ -- الشيـخ الْذيك اخبـارُ
سيد المختار ولا اتْلاتْ -- لاهِ تشتدْ اخْبـــــــارُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم الرجوع إلى المصادر التالية:
- الشيخ سيد المختار بن عبد الجليل: حياة وآثارا، إعداد الأستاذ محمد عينين بن الشيخ إسماعيل
- ديوان العلامة الشيخ محمد أحمد بن الرباني ، تحقيق الإمام محمد محمود بن أحمد يوره الرباني
- كتاب "إمارة الترارزة "، لمؤلفه "ابول مارتي".