نواكشوط، 25 مايو 2024
- عزيزاتي الإفريقيات، أعزائي الأفارقة،
- أيها الإخوة والأخوات هنا وفي المهجر
في هذا اليوم 25 مايو، يوم أفريقيا، الذي نخلد فيه ذكرى ميلاد منظمتنا القارية، أتقدم إليكم بأطيب تمنياتي بالعيش في كنف السلام الدائم والرخاء المشترك والنجاح الباهر على درب التقدم.
يشكل هذا الحدث الهام فرصة للإشادة بالآباء المؤسسين الذين ما زالت رؤاهم تغذي التفكير حول مصيرنا المشترك وتدفع عملنا إلى إعطاء مضمون لآمالنا المشتركة. فمن خلال وضع مبادئ التضامن والوحدة والتكامل في الصدارة، أناروا لنا الطريق الصحيح، طريق الأمل.
وعلى وجه الخصوص، فقد بينوا لنا الارتباط القوي بين التحديات التي علينا مواجهتها ألا وهي تحقيق السلم والاستقرار والأمن والديمقراطية والسيادة والتعاون والتكامل والتنمية.
وفي هذا المضمار، فإن الدفع بهذه القضايا إلى الواجهة ومعالجتها سيمكننا، معًا، من بناء "أفريقيا التي نريد"، تلك التي اعتبرها رواد الوحدة الأفريقية، عن قناعة راسخة، مصدرنا المزدوج للمرجعية والإلهام.
وفي الواقع، فإن هؤلاء الرواد وضعوا قبل 61 عامًا، أساسيات هذا المثل الأعلى المشترك الذي يجب، أكثر من أي وقت مضى، أن نجعل منه بوصلة نهتدي بها في عالم يعاني من الأزمات والتغيرات المتلاحقة.
لقد تمكنا منذ الانتقال من منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي في عام 2002 في ديربان، من تعزيز إرث أسلافنا السابقين. لقد حررنا قارتنا من الاستعمار، وقضينا على الفصل العنصري، واستطعنا حل العديد من النزاعات الحدودية بالوسائل السلمية.
وعلى الرغم من هذه النقاط المضيئة، ومن بصيص الأمل هذا، مازال هناك طريق طويل لنقطعه على طريق السيادة الكاملة والتنمية والسلم.
وفي هذا العام، يركز احتفالنا بشكل خاص على الشباب والتعليم، وهما موضوعان رئيسيان في أجندتنا لعام 2063. إن شبابنا هو ثروتنا الأعظم وهو مستقبل قارتنا. إن الاستثمار في التعليم يعني ضمان حصول كل شاب أفريقي على المهارات والفرص اللازمة للمساهمة في تنمية قارتنا. فعلينا أن نعزز أنظمتنا التعليمية، ونشجع الابتكار والبحث، ونخلق فرص العمل لشبابنا.
وكجزء من أجندة 2063، يتم تحقيق رؤيتنا لأفريقيا متكاملة ومزدهرة وسلمية من خلال مبادرات رئيسية مثل الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (NEPAD) ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (ZLECAF). وهذه الرافعات ضرورية لتحفيز النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل مستدامة لشعوبنا.
وفي الوقت نفسه، نواجه تحديات عالمية تتطلب منا الاهتمام والعمل الجماعي. إن السلام والأمن الإقليميين شرطان أساسيان لأي تنمية مستدامة. وعلينا أن نكثف جهودنا لمكافحة الإرهاب والنزاعات المسلحة، ولتعزيز الاستقرار السياسي.
إن حقوق الإنسان وحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ هي أيضًا في صميم عملنا المشترك.
وتشكل السيادة الغذائية ركيزة أساسية أخرى. ويجب علينا أن نعمل لضمان نفاذ كل أفريقي إلى الغذاء الكافي والآمن والمغذي. ويمر ذلك عبر دعم الزراعة والابتكار والقدرة على الصمود في مواجهة الأزمات المناخية.
وعلى المستوى الدولي، يتعين علينا أن ندعو إلى إصلاح الحوكمة العالمية، على المستويين السياسي والمالي. ويجب أن تُسمع أصواتنا في الهيئات الدولية، ويجب أن تكون قواعد اللعبة متساوية لتمكين التنمية الشاملة والمستدامة لقارتنا.
إن الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، وخاصة للشباب والنساء، أمر بالغ الأهمية. وعلينا أن نكافح جميع أشكال التمييز وأن نخلق فرصا متساوية للجميع.
وتذكرنا هذه التحديات بأهمية المساعدة والتضامن المتبادلين. ومعًا، يمكننا التغلب على هذه العقبات وبناء مستقبل مزدهر لقارتنا.
وإنني أدعوكم جميعا إلى توحيد القوى والمواهب من أجل بناء أفريقيا الغد. أفريقيا ذات بنية تحتية حديثة، واقتصاد ديناميكي وشامل، ومجتمع عادل ومنصف. أفريقيا يستطيع كل شبابها وكل نسائها وكل مواطنيها أن يستغلوا إمكاناتهم الكاملة.
ولا يخطئن أحد: إن قارتنا غنية بتنوعها، وشعوبها الشابة وديناميكيتها، ومواردها السطحية والباطنية، ومواردها البشرية المؤهلة تأهيلا عاليا، ومغتربيها الملتزمين.
لكننا أقوياء فقط عندما نعرف كيف نجتمع ونتكاتف في مواجهة الخطوب والتضافر الهائل للتحديات التي تواجهنا.
فلنواصل معا مسارنا نحو أفريقيا قوية وموحدة ومزدهرة، ستولد دون شك من رحم تضامننا كما تصورها مؤسسو الوحدة الأفريقية قبل أكثر من نصف قرن.
عاشت أفريقيا تنعم بالسيادة والقوة!
عاش الاتحاد الأفريقي، سفينتنا الجماعية!
تحيا الوحدة الأفريقية، خلاصنا!