الوئام الوطني : رغم سخونة مسح الرقص الإنتخابي والقراءات العرقية والحسابات المتعلقة باللائحة الوطنية للناخبين، فإن بعض الأخطاء التي ارتكبتها لحد الآن حملة المرشح الأقوى ورئيس الجمهورية الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني لن تمر بسهولة في ظل إشارات من رئيس الجمهورية بأن مسح الطاولة قد حان وقته.
من نافلة القول ان الرئيس هو اقوى المرشحين لعدة أسباب واضحة للعيان أبرزها نجاحه في معايشة ازمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وانعكاس هاتين الازمتين عن مختلف دول العالم اضافة الى نجاحه في التهدئة السياسية وتغيير خارطة الهشاشة الاجتماعية، لكن مالم يتم تلافي بعض الأخطاء فان شبح الذهاب لشوط ثان قد يكون واردا ما يضعف الحضور السياسي للرئيس.
ما يتردد اليوم في تفسير زيارة الرئيس لأحزاب الأغلبية هو ان الرئيس قد ينشغل بمهامه كرئيس للاتحاد الافريقي يحضور بعض الأنشطة المهمة على المسرح الافريقي والدولي وانه ربما لن يكون حاضرا في الحملة بكل تفصيلاتها، وهذه النقطة تحتاج لاعادة ترتيب.
مبدئيا لم تتصدى الحملة الإعلامية لهذا التفسير الذي راج في الساحة وربما غذاه الخصوم، وثانيا سيحتاج الرئيس المرشح للحضور ميدانيا بشكل مكثف ردا على الحضور الجماهيري الذي سجل في الحملة المبكرة لبعض المرشحين خصوصا المرشح بيرام ولد الداه وهو حضور سيكون على حملة ولد الغزواني قراءته والرد عليه بصفة الرئيس هو المرشح المركزي بفعل منصبه وبحكم الواقع في هذه الحملة التي تفتح على الكثير من الاحتمالات وعلى الأرجح ستكون حملة مفصلية في تاريخ موريتانيا.
ضبابية الإمكانات المتاحة لحملة الرئيس قد يتسبب في تأخر حسم الخيارات المتاحة بالنسبة لقادة حملته، إضافة الى انه لا يجب ترك الملعب مساحة لصغار السياسيين والباحثين عن موطئ قدم في الشأن العام لتصدر التبرعات للحملة بل يجب إظهار الحملة كحملة حقيقية لرئيس انجز تعهداته ويبحث عن مامورية ثانية بكل ما يقتضيه ذلك من شفافية وقدرة اقتصادية على ضخ الميزانية في الحملة التي لا ينقصها حضور رجال الاعمال والمسؤولين الذين حققوا مركزا اجتماعيا مرموقا بالإضافة الى الوجهاء.
كما يسجل بقوة ان المؤثرين الاجتماعيين وخصوصا الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية المؤثرة والحيوية والتي دعمت الرئيس منذ تسلمه للسلطة ودافعت عن برنامجه في اكثر لحظات الضغط السياسي تم تهميشها والتوجه لمؤسسات اكثر ضعفا ولم تكن يوما مدافعة عن برنامج الرئيس.
ان ذلك يؤثر بشكل سلبي على الصورة الإعلامية للحملة ويضعفها وبالتأكيد لم يتم التفكير فيه بما يكفي خصوصا ان هذه المؤسسات لا تزال تلعب الدور الأهم في خلق رأي عام مؤيد لمسيرة البناء التي يقودها فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني.
ومن الجدير بالذكر ان حملة الرئيس تحظى بقيادة جيدة في ظل تعيين وزير الإسكان والاستصلاح الترابي سيد احمد ولد محمد منسقا وطنيا لها خصوصا ان قطاعه كان من اكثر القطاعات إنجازا على الأرض، وتحقيقا لتعهدات رئيس الجمهورية والأكثر ديناميكية بالإضافة الى تعيين مدير ميناء نواكشوط المستقل سيد محمد ولد محم منسقا وطنيا مساعدا لها وهو صاحب الخبرة السياسية المميزة.
لكن الحملة قد تواجه مشاكل في ظل تعيين مساعدي منسقين ومنسقين خارج بيئاتهم السياسية ومكمن قواعدهم الجماهيرية ما يجعل إعادة قراءة حملة الرئيس وتقويم منهجها بشكل سريع سيكون ضرورة لتلافي أي احتمالات بالذهاب للشوط الثاني.
وبدون شك فان الذهاب لشوط ثان في الانتخابات الرئاسية سيعيد الى الاذهاب سخونة انتخابات 1992 و2007 وسيكون على المدى البعيد مهما للديمقراطية الموريتانية لكنه بالتأكيد سيكون ازمة لنظام ولد الغزواني الذي يقود البلاد -في حال نجاحه- لمأمورية ثانية لن يتمكن بعدها من الترشح وسيعبر أيضا عن ضعف حملته الانتخابية في تقديم إنجازات المأمورية الأولى وبالتالي لن يكون لصالح الرئيس.
في النهاية يبقى نجاح الرئيس هو الخلاصة الأفضل للانتخابات من الناحية الاستيراتيجية في ظل الوضع الافريقي الراهن والتحديات الخاصة بصراع أجيال السياسة وحتى للاستقرار في ظل الافاق الاقتصادية لكن بالتأكيد يجب ان يدفع احد ما أي أخطاء في الحملة وهذا يفضي الى نتيجة حتمية، وهي ان أي تراخ في حملة الرئيس قد يطيح برؤوس سياسية كبيرة بعد استحقاقات خريف 2024.
وكالة الوئام الوطني للأنباء