مع الإعلان عن فوز الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي جرت السبت، تدخل موريتانيا مرحلة جديدة من تطورها السياسي والاقتصادي، وسط تحديات عديدة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
ويشير خبراء ومحللون موريتانيون، إلى مجموعة من الملفات العاجلة، الداخلية والخارجية، على طاولة الرئيس الغزواني.
وكان الرئيس الغزواني قد حصل على أكثر من 56% من أصوات الناخبين الموريتانيين البالغ عددهم نحو 1.9 مليون ناخب، ليفوز بولاية رئاسية ثانية في ثامن انتخابات رئاسية تشهدها موريتانيا منذ إطلاق مسار التعددية الديمقراطية فيها عام 1992.
وأوضح الكاتب والمحلل الموريتاني، ونقيب الصحفيين الموريتانيين السابق، محمد سالم الداه، أن موريتانيا مقبلة على مرحلة مهمة من التطور السياسي والاقتصادي والتشريعي على نحو يستجيب للتحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة، وهو ما يضع الرئيس الغزواني أمام مسؤوليات عديدة خلال ولايته الرئاسية الثانية التي تمتد لخمسة أعوام قادمة.
وطالب محمد سالم الداه الرئيسَ الغزواني بالتركيز على اختيار الفريق الذي سيعمل معه خلال المرحلة المقبلة بعناية كبيرة، من خلال إشراك أصحاب الكفاءات والانفتاح على النخبة.
وقال نقيب الصحفيين الموريتانيين السابق إن الرئيس الغزواني مطالب خلال ولايته الرئاسية الجديدة بالعمل المكثف على دعم ومساندة الشباب الذين يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع الموريتاني، وبالعمل على مكافحة مظاهر الفساد والبطالة عبر آليات اقتصادية وقانونية وتشريعية متكاملة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، إضافة إلى تكثيف الجهود الرامية لتحقيق طفرة تنموية على الصعد كافة.
وذكر محمد سالم الداه أن ملف الهجرة غير النظامية يشكل أحدَ أبرز التحديات التي تواجه موريتانيا حالياً، لا سيما أن البلاد أصبحت وجهة عبور وتوطين للمهاجرين، وتستضيف الآن أكثر من 150 ألف نازح في مخيمات «أمبرة»، وبالتالي فالرئيس الغزواني مطالب بالعمل على وضع حلول جذرية لأزمة اللجوء تجنباً لانعكاساتها التي قد تؤدي إلى اختلالات اقتصادية واجتماعية معقدة، إضافة إلى ما تمثله من مخاطر أمنية واجتماعية جراء تدفق موجات الهجرة من أفريقيا نحو أوروبا مروراً بالأراضي الموريتانية.
كما دعا نقيب الصحفيين الموريتانيين السابق إلى تولية المسؤوليات لمن هم قادرون على العطاء اعتماداً على كفاءاتهم الحقيقية.
ومن جانبه، أوضح المحلل والكاتب الموريتاني، عبد الصمد ولد أمبارك، أن الرئيس الغزواني يراهن، خلال ولايته الرئاسية الثانية، على تنفيذ ما جاء في برنامجه الانتخابي الذي يرتكز على مجموعة من الخطوط العريضة، وخاصة تلك المتعلقة بالملفات الأمنية والتنموية، بما يتوافق مع حجم التحديات المحيطة بموريتانيا، سواء في دائرتها العربية أم في دائرتها الأفريقية.
وذكر المحلل والكاتب الموريتاني، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن ما تشهده دول الجوار في منطقة الساحل الأفريقي من اضطرابات وتوترات أمنية يشكل إحدى أكبر التحديات التي تواجه موريتانيا خلال الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الغزواني، لا سيما مع تأثر سكان المناطق والقرى الموريتانية الحدودية بتداعيات النزاعات المسلحة التي تُعاني منها دولة مالي المجاورة، وهو ما يجعل الرئيس الغزواني مطالباً بالحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني لمواجهة التهديدات الأمنية القادمة من دول الجوار، إضافة إلى العمل على تحسين الظروف المعيشة للمواطنين، وتعزيز فرص الاستثمار، وتوفير السلع الأساسية.
وقال أمبارك: إن موريتانيا مقبلة على طفرة اقتصادية مترتبة على استغلال موارد الغاز والبترول وغيرهما من الثروات الطبيعية التي تنعم بها البلاد، وبالتوازي مع ذلك لا بد من تكثيف جهود محاربة الفساد الإداري والمالي، وإحداث تغيير وتجديد داخل النخب السياسية، مشيراً إلى أن الرئيس الغزواني يراهن على خلق رفاه مشترك للشعب الموريتاني من خلال ارتكازه على البعد الاجتماعي في محاربة الهشاشة، ومعالجة الغبن الاجتماعي والفوارق الاجتماعية داخل بنية المجتمع الموريتاني، إضافة إلى خلق ديناميكية جديدة فيما يتعلق بالملفين الأمني والتنموي.