(افتتاحية الوئام ) خلف خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال حفل تنصيبه اليوم لمأموريته الثانية، ارتياحا واسعا لدى الرأي العام الوطني.
ذلك أن الخطاب جاء قويا وواضعا يد الإصلاح على جروح الخلل في مختلف المجالات وواعدا ومتوعدا في أهم الملفات التي تشغل بال الجميع.
غير أن رسالتين قويتين تضمنهما الخطاب كانتا على رأس أولويات المطالب الوطنية، تصدرتا الخطاب ونالتا حظا وافرا من التعهد بتطبيق فحواهما دونما تهاون.
الرسالة الأولى تتعلق بمواصلة إرساء دعائم الأمن التي تم تكريسها خلال المأمورية الأولى وحققت عبورا آمنا وحققت الأمن والاستقرار وصانت الوحدة الوحدة الوطنية، متوعدا كل من سولت له نفسه التطاول على أمن الدولة والنيل من وحدة المجتمع.
الرسالة تضمنت التأكيد على أن الأولوية لضمان الأمن والاستقرار كشرط لا غنى عنه للتنمية، وأنه ستتم تعبئة الموارد لضمان الأمن وتوطيد الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية، والسعي الحثيث لمساواة الجميع وتوزيع عادل للثروة والفرص.
أما الرسالة الثانية فصرحت، بشكل لا لبس فيه، بأن الحرب ضد الفساد ستندلع بلا هوادة ودونما تسامح أو تمييز أو استثناء، مطالبا الجميع بالمشاركة فيها عبر المنع والكشف والتظلم، وتأتي ضمن استراتيجة أشمل لإصلاح الإدارة وتقريبها وتطوير خدماتها.
الحرب على الفساد ستطيح برؤوس كبيرة طالما ظلت عصية على مجرد أن تكون عرضة لأصابع الاتهام، أحرى أن تطالها يد العزل والمساءلة.
ويأتي التأكيد، مجددا، على أن المأمورية الجديدة ستكون للشباب وبالشباب كإشارة إلى تعدد بدائل للمتورطين في عمليات فساد، وإشارة إلى أن نظافة اليد ستكون معيارا أساسيا في التولية للمهام العمومية.
وفضلا عن هاتين الرسالتين الهامتين، أعاد رئيس الجمهورية التأكيد على تعهدات هامة سبق أن أطلقها خلال حملته الانتخابية وضَمَّنها برنامجه الجديد، على رأسها، كما تقدم، تعهده الخاص للشباب الذي قال إنه "هو أمل أمتنا وعدتها وعتادها حاضرا ومستقبلا".
التعهد الخاص بالشباب يتضمن تكريس كل السياسات لمحاربة البطالة والتعليم وتكوين الشباب، وإنشاء جهاز إداري مدعوم يعنى بمعالجة قضايا الشباب.
واستمرارا لنهجه المتبع طيلة المأمورية الأولى بإطلاق جملة مشاريع اجتماعية توزع المساعدات العينية والنقدية وتمنح التأمينات الصحية وتقدم العروض السخية.
تعهد ولد الشيخ الغزواني بالاستمرار في دعم برامج شبكة الأمان الاجتماعي وتنويعها وشموليتها، واستغلال ما وصفه برأس المال البشري الذي تعهد بان يكون على سلم أولوياته، وذلك من خلال تنويع وتوسيع التعليم المهني والجامعي، وان تتحسن مستويات النفاذ إلى الخدمات العمومية كالماء والكهرباء، وبتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتعزيز نظامنا الديمقراطي عبر فصل السلطات وتعزيز استقلاليتها.
ومواصلة لنهجه في الانفتاح السياسي، تعهد الرئيس المنتخب بمواصل العمل بمبدأ الانفتاح والتهدئة السياسية والتشاور والنقاش واليد الممدودة للجميع، معلنا عن نيته فتح حوار شامل يريد ان يكون جادا وبعيدا عما عبر عنها بالمزايدات والمشاكسات والسعي للمصالح الخاصة.
وتجاوزا لتجاذبات الحملة الانتخابية واستقطاباتها، قال ولد الشيخ الغزواني إنه سيظل رئيسا لكل الموريتانيين ومسؤولا عن تحقيق تطلعاتهم، مشيدا بمهنية وكفاءة الهيئات المشرفة على الانتخابات، ومثمنا دور المجتمع المدني والأحزاب وقادة الراي في إنجاح العملية الانتخابية، ومقدما شكره لكافة المتنافسين في السباق الرئاسي في إثرائهم لتباين الرؤى والآراء، في إشارة لتجاوز الماضي والتطلع للمستقبل.
ونبه إلى انه استطاع إرساء دعائم العبور الآمن وتحقيق الأمن والاستقرار وصون الوحدة والتأسيس للمدرسة الجمهورية ودعم الطبقات الهشة... وغيرها من الإنجازات التي تحققت خلال سنوات المأمورية الأولى، متعهدا بمواصلة ذات النهج بوتيرة أسرع وأشمل تراعي حاجة الناس وتستفيد من التقصير والأخطاء.
وأوضح ولد الغزواني أن البرنامج الجديد الذي زكاه الشعب ليس مجرد وثيقة أعدت للدعاية، "بل هو عهد ووعد لن ادخر جهدا في تنفيذه، وأدعو الجميع للمشاركة في تنفيذ أهدافه ومقاصده"، بحسب تعبيره.
تعهدات الرئيس المنتخب شملت مواصلة اعتماد الدبلوماسية النشطة وحسن الجوار والإخاء والاندماج الاقتصادي للقارة الافريقية، مؤكدا أن الموريتانيين دعاة سلم وإخاء وحلقة وصل بين العرب والأفارقة.
لقد أبان هذا التنصيب المكانة التي تحظى بها موريتانيا قاريا ودوليا، والأدوار الهامة التي تلعبها لضمان أمن واستقرار المنطقة، كما شكل فرصة لتثمين السنوات الخمس الفارطة من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، سواء تعلق الأمر بالإنجازات داخليا، أو بشبكة العلاقات الخارجية المبنية على التعاون والاحترام المتبادل وفرض السيادة.
وكالة الوئام الوطني للأنباء