علق مراهق على بعد مرمى حجر من اليابسة فقامت الدنيا ولم تقعد واعلنت حالة أستنفار من أعلى سلطة في البلد وهرعت وتم استقدام فرقة خاصة من الدفاع المدني ترافقها طائرة عسكرية لانتشال المراهق رغم وجود اكثر من طريقة آمنة وبسيطة للقيام بذلك أخذا بالاعتبار قربه من اليابسة.
منذ سنوات وأعرق وأكبر واحة في ولاية ( آدرار) تموت بصمت ولا أحد من أولئك جميعا يحرك ساكنا رغم أن الأمر يتعلق بواد له رمزيته الوطنية الخاصة فجميع من شارك من الأبطال في معركة تجكجة الفاصلة ضد المستعمر بقيادة القائد البطل سيدي ولد مولاي الزين ينحدون كلهم من واد أمحيرث وسطروا بعزمهم وشجاعتهم فصول احدى ابرز معارك المقاومة الوطنية.
ومنذ الاستقلال وواد امحيرث محل إهمال وتهميش واقصاء من طرف الأحكام المتعاقبة وخارج الحسابات التنموية دون أن تشفع له تلك الرمزية الوطنية ولا حتى بساطة الحاجيات التي يتطلع لها ساكنة هذا الواد الذي حباه الله بساكنة طيبة منسجمة كادحة مسالمة وموقع جغرافي مثالي واستيراتيجي وجذاب .
وحتى لا نتيه في نماذج الغبن والتهميش التي طالت واد امحيرث سنختصر على مثالين رئيسين لم يعرهما أي نظام حتى الآن أي اهتمام بما في ذلك النظام الحالي الذي أرتدى عباءته الجديدة قبل أسابيع واطلق الشعارات المدوية عن ما ستحمله المأمورية الجديدة من خير للبلاد والعباد.
المثال والحقيقية الصادمة الأولى أن هذا الواد يحتاج فقط لتعبيد الطريق التي لا تتجاوز 10 كلم التي تربطه بمقاطعة اوجفت وأطار وانواكشوط وهو مالم يتحقق رغم بساطة ومشروعية ووجاهة وإلحاح هذا المطلب من أجل فك العزلة التي يرزح تحتها هذا الواد منذ عقود.
المثال والحقيقة الصادمة الثانية أن واحة امحيرث التي كان يضرب بها المثل في جودة التمور ووفرتها تكالبت عليها سنوات الإهمال والنسيان وندرة الأمطار ليستحيل معظمها إلى خشب مسندة دون أن يحرك ذلك شعرة واحدة لدى القيمين على الشأن دون أستثناء رغم هول ما حدث وكأن رؤوس النخل تم قطعها في عمليات إعدام جماعية لتبقى سوق النخيل واقفة بكل كبرياء وشموخ كماهي عادة هذه الشجرة المباركة.
وبعد سنوات عديدة كانت السماء الرؤوف الذي رق لحال هذه الواحة العريقة فحلت أمطار الغيث وإن متأخرة حاملة معها الأمل
من جديد ولأن الواحة خارج حسابات التنمية من طرف القطاعات الحكومية المعنية فقد جرفت السيول حيزا كبير من النخيل الذي خارت قواه بسبب الإهمال وعدم توفير أبسط حماية لهذه الواحة
لنفقد بذلك إرثا تطلب قرونا ليأخذ البهاء الذي كان عليه وكان بمقدورنا أن نتكبد تلك الخسارة لو تحركت القطاعات المعنية في الوقت أو أخذت بأبسط التدابير الوقائية للحد من الكارثة التي لحقت بهذه الواحة.
إزاء هذه الوضعية هل ستستخلص الحكومة الجديدة العبر والدروس وتبادر من أجل فك العزلة عن هذا الواد ونجدة واحته العريقة لتكون بذلك إن فعلت أول حكومة تحرز شرف السبق في تجسيد خطوات حقيقية وملموسة على الأرض في إطار مكافحة الغبن والتهميش وإرساء دعائم التنمية في هذا الحيز الجغرافي الهام والتاريخي والعريق من وطنننا الحبيب؟..
الحسين ولد كاعم.