بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم
السادة الوزراء
السادة الأمناء العامين
السادة المثقفين
السادة الفنانين
أيها الجمع الكريم،
يسعدني أن يجمعنا اليوم أول مهرجان وطني من نوعه، وهو المهرجان المؤسس، لكونه غير مسبوق في شكله ومضمونه وتنظيمه. كما أنه من أقرب المهرجانات الوطنية إلى قلوبنا جميعا؛ ألا وهو مهرجان الموسيقى الموريتانية بجميع تشكلاتها النغمية والتأليفية التاريخية والحالية.
وإنها لمناسبة سانحة للتذكير
أولا بتميز موسيقانا التاريخية الحية التي لا تزال في أوج عنفوانها الجمالي، وتأثيرها الاجتماعي، وتوحيدها للذائقة الجمالية الوطنية، وثانيا: لحمولتها الثقافية بثرائنا النغمي المدهش، وبمضمونها العظيم، الذي يشمل المقامات السباعية والخماسية، ويمزج بينها بفنية عالية، عبر اللحن البديع والإيقاع الجميل، إضافة إلى أنها تحمل ذاكرة أدبية ثرة، وتاريخا وطنيا مشتركا مجيدا.
وتعتبر آلة التيدنيت خاصة، آهم آلة موسيقية موحدة لجميع الموريتانيين بمختلف مكوناتهم الثقافية ومشاربهم، وجهاتهم، وأذواقهم المتنوعة حيث يمكنها عزف أكبر عدد من المقامات (24 طبعا أونوبة موسيقية، في الطرق الثلاث: الكحله، لكنيديه، والبيظه، عبر البحور الأربعة، أو الخمسة حسب المدارس: كر، فاغو، سنيمه بنوعيها، ولبتيت)، وذلك رغم بساطة شكل التيدنيت، وتواضع تركيبتها المورفولوجية. لكن عبقرية الفنان الموريتاني أيا كان جعلتها تعبر بصدق وبذخ عن كل الطبوع والمقامات المتداولة عالميا، مما نسميه وحدات كبرى وصغرى، من مثل الظهور والأشوار والردات والمداخل، المعبرة عن طبائع الإنسان، الموريتاني بأحلامه، وآماله، وآلامه، وبصفاء وصدق، فكانت موسيقى التيدنيت التقليدية بذلك تعبيرا أصيلا عن التاريخ الثقافي للإنسان الموريتاني وحبه للأرض وارتباطه بها على نحو فائق.
أيتها السيدات
أيها السادة
تنظم وزارة الثقافة والاتصال والعلاقات مع البرلمان، هذا المهرجان التأسيسي من أجل تثمين التراث الموسيقي الموريتاني الثري والحي، للتعريف به، وحفظه واستفادة الأجيال المستقبلية منه.
ولا شك أن خدمة هذا الحقل الخصب ستساهم في تهذيب الأذواق، وتغرس الاعتزاز بذاتنا الحضارية، كما توطد الوحدة الوطنية بعمق فوحدة مصدر موسيقانا وتنوعها في نفس الوقت يجعلها مؤهلة بجدارة للقيام بهذه المهمة النبيلة. مهمة مزج الأصالة بالمعاصرة.
ولا أدل على ذلك من تميز هذه الموسيقى في تجددها وقابليتها للتعبير عن طموحاتنا الإصلاحية المستقبلية، ولذلك فهي كفيلة بترسيخ وعينا من أجل تحقيق الانتماء لبلدنا وتاريخنا المشترك، بنبل وشرف.
السادة والسيدات
يدخل هذا المهرجان التأسيسي في إطار سياسة الحكومة التي يشرف قطاعنا على تنفيذها في المرفق الثقافي الحي والخلاق،، تناغما مع باقي قطاعات العمل الحكومي الذي يجري تنفيذه بصورة متكاملة ومتزامنة سعيا للنهوض بالبلد في كل المجالات، تحقيقا لطموحات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في برنامجه، الذي تسهر حكومة الوزير الأول المختار ولد اجاي على إنجازه ميدانيا.
إن هذا المهرجان يندرج ضمن سياسات فخامة رئيس الجمهورية الراعية لكل ما يعزز الذات الثقافية الوطنية، والامتنان التاريخي بجمالياتنا الفنية عبر عتبات مهمة، من بينها: إنشاء جائزة رئيس الجمهورية للفنون، وإنشاء معهد الفنون، وإعادة هيكلة الوزارة..
إن الرمزية التي تمثلها موسيقانا المتمحورة حول التيدنيت رمزية عظيمة، خاصة التيدنيت التي تعتبر رأس مال رمزي ثمين بأصالتها، وحضورها ومضمونها، ووجودها في يد كل فنان موريتاني مهما كان انتماؤه القومي، مما يجعلها بذاتها رمزا للوحدة الوطنية في أبهى تجلياتها.
أيها الحضور الكريم
لا يفوتني هنا أن أتقدم بجزيل الشكر للفنانين الموسيقيين والباحثين المشاركين في هذه النسخة الفاتحة، ومنظميها من القطاع وخارجه، على مابذلوه من جهد محمود في إعداد هذا المهرجان، وعلى ما سيبذلونه من جهد في تنظيم وإنعاش المهرجان ضمان لنجاحه.
وفي الختام أعلن على بركة الله افتتاح مهرجان الموسيقى المويتانية الأول.
متمنيا لكم النجاح والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله.