يوسف سباهيتش.. صوت الإسلام الهادئ في قلب البلقان (لقاء خاص)

 

 

من جذورٍ مصرية وصربية، ومن عباءة الأزهر الشريف، خرج المفتي محمد حمدي عثمان يوسف أو يوسف سباهيتش، كما يعرف محليا ليحمل على عاتقه مهمة ترسيخ الحضور الإسلامي في قلب البلقان، في واحدة من أكثر مناطق أوروبا حساسية وتعقيدا.

 

ولد المفتي في بلغراد، عاصمة يوغسلافيا السابقة، عام 1967، لأب مصري درس في الأزهر وعاد إلى صربيا مفتيا، وأم صربية تعود أصولها إلى البشانقة من البوسنة. 

 

في شخصية المفتي محمد حمدي عثمان يوسف، تتقاطع خطوط الإيمان والهوية، وتتشابك جذور الأزهر مع أرض البلقان؛ رجل هادئ، لكنه يعرف كيف يعبر عن رأيه بوضوح وحسم.

 

البدايات الصعبة

 

كانت الستينيات زمنا صعبا لبناء جماعة إسلامية منظمة في بلاد ما تزال خارجة من الحرب العالمية الثانية، وتعيش تحت حكم شيوعي. 

 

لكن والد المفتي، الشيخ مصطفى يوسف، القادم من الأزهر، نجح في كسب الرهان، ووضع اللبنة الأولى لحياة دينية متماسكة في بلغراد، رغم التحديات السياسية والمجتمعية.

 

يقول المفتي الشيخ يوسف في مقابلة مع «صحراء 24» إن الوضع في صربيا تغير، فأصبحت لديهم "كلية للدراسات الإسلامية، ومعهد ثانوي إسلامي، ونعيش تمام الحرية الدينية في منطقتنا”.

 

ويرى أن العقود الثلاثة الماضية حملت تحسنا كبيرا في أوضاع المسلمين داخل صربيا، بعد أن تجاوزوا فترات من التضييق والتهميش.

 

لا يتحدث المفتي بلغة الصراع، بل بلغة التربية والإصلاح، ويؤكد أن “اهتمام مؤسسة الإفتاء منصب على القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها نتعلم كيف يتحول الدين إلى سلوك يومي، مجسد في الواقع وليس نظريا فقط.

 

ملف كوسوفو

 

أما عن كوسوفو، فالموقف أكثر تعقيدا، يرى المفتي أن كلمة “كوسوفو” لا تعني شيئا بالألبانية، لكنها في اللغة الصربية تعني “عُشّ النسر” مشيرا إلى أن “المنطقة سكنها الصرب تاريخيا، لكننا نقف مع المسلمين هناك في حقهم المشروع”.

 

لكنه يستدرك: “منذ وصول التنظيم الحالي للحكم في كوسوفو، لم يُظهروا التزاما بالدين، ولم يدرسوا العلوم الشرعية، ولم يخدموا الإسلام كما يجب”.

 

ويؤكد الشيخ يوسف، أن الوضع في صربيا مغاير إذ لديهم مدارس دينية ومعاهد كذلك، مع إقبال واسع لأبناء المسلمين على دراسة العلوم الشرعية.

 

يشير المفتي إلى أن اعتراف بعض الدول الإسلامية باستقلال كوسوفو أثّر سلبا على المسلمين داخل صربيا، موضحا أن نسبتهم كانت تقارب 25٪، لكنها اليوم لا تتجاوز 5٪ فقط، وهو ما اعتبره تراجعا كبيرا في التأثير السياسي والديني للجالية المسلمة.

 

القضية الفلسطينية

 

يولي المفتي حسب تعبيره اهتماما قويا بالقضية الفلسطينية : “نحن نهتم بالقضية الفلسطينية من منطلق مفهوم عميق، وليس فقط كقضية سياسية، بل كواجب ديني وإنساني”.

 

فلسطين، بالنسبة إليه، ليست مجرد ملف دولي، بل بوصلة أخلاقية تحدد موقف المسلمين في أي بقعة من العالم.

 

وفي ما يخص الموقف من فتح سفارة في القدس، قال المفتي بحزم: “صربيا لن تفتح سفارة لها في القدس، بخلاف كوسوفو التي فتحت سفارة هناك. المسلمون في صربيا ضد هذا الخيار، ونتمسك بالموقف الإسلامي تجاه القدس”.

جمعة, 04/07/2025 - 18:18