حدث وتعليق/ الجيش الوطني.. مؤسسة قوية ومتماسكة فوق الانتماءات وتحت راية الوطن

الوئام الوطني : في كلمة لافتة ومعبرة موجهة لمجموعة من ضباط الجيش الوطني في مدينة أطار، أكد قائد أركان الجيوش الوطنية الفريق محمد فال ولد الرايس، أن الجيش الوطني “شريحة واحدة وقبيلة واحدة”، مشددًا على أن العسكريين “غير معنيين بحسابات ولا برهانات السياسيين”، وأن ما يهمهم هو “الحفاظ على كيان الأمة وتماسكها والاستعداد الدائم لخوض معركة الدفاع عن الوطن في كل الظروف”.
هذا التصريح، بكل ما يحمله من وضوح وصرامة، يعكس توجها وطنيا ناضجا داخل المؤسسة العسكرية، ويبعث برسالة اطمئنان للمجتمع والنخب السياسية بأن الجيش باقٍ في موقعه الطبيعي كضامن للأمن والاستقرار، لا لاعبا في ميدان التجاذبات.
وفي بلد كـموريتانيا يتسم بتعدد مكوناته الاجتماعية والثقافية، تأتي عبارة “شريحة واحدة وقبيلة واحدة” كرسالة رمزية عميقة، تعني أن الجيش ليس تجسيدا للتعدد بمعناه السلبي بل تعبير عن الوحدة الوطنية، حيث تنصهر الانتماءات في خدمة الجمهورية. إنها دعوة للتجاوز العملي لكل ما يمكن أن يفرق بين أبناء الوطن داخل هذه المؤسسة السيادية.
إن تشديد القائد الأعلى منصبا في الهرم العسكري على أن الجيش لا يتدخل في “رهانات السياسيين” يكرّس مبدأ الحياد السياسي للمؤسسة العسكرية، وهو أحد الأعمدة الرئيسية لأي ديمقراطية مستقرة.
وفي السياق الموريتاني، يُعد هذا التذكير أكثر من ضروري، خاصة مع التجارب المتقلبة في محيطنا الإقليمي حيث طغى في بعض الدول منطق الانقلابات أو عسكرة القرار السياسي.
ما يجعل هذا الخطاب ذا بُعد عملي وليس مجرد إنشائي، هو التأكيد على الاستعداد المستمر للدفاع عن الوطن. فموريتانيا تواجه تحديات معقدة على حدودها، أبرزها تنامي نشاط الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، والهجرة غير النظامية، والجريمة المنظمة.. لذا فإن انتباه الجيش ويقظته الفكرية لا تقل أهمية عن قدرته العملياتية.
إن تصريحات قائد أركان الجيوش ليست فقط توجيهات داخلية، بل هي رسائل خارجية أيضا، تؤكد للعالم أن موريتانيا تمتلك مؤسسة عسكرية محترفة، محايدة، وملتزمة بالدفاع عن السيادة لا التدخل في السياسة. وهي مقاربة بالغة الأهمية في محيط مضطرب تهيمن عليه النزاعات والتدخلات العسكرية في الشأن المدني.. فالقائمون على الشأن العام يدركون جيدا أن الجيش عندما يكون موحدًا، جمهوريًا، ومتيقظًا، فهو ضمان الدولة ومصدر ثقة المواطن.. وهذا هو الجيش الذي تحتاجه موريتانيا في هذا المنعطف الحاسم من تاريخ العالم، والمنطقة على وجه التحديد.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

خميس, 17/07/2025 - 20:40