حدث وتعليق/ لقاء هام بين الطرفين بنواكشوط.. تحولات استراتيجية عميقة في العلاقات الموريتانية الأمريكية

الوئام الوطني : في خطوة تؤكد استمرار الزخم الدبلوماسي في علاقات موريتانيا الخارجية، استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، السيد محمد سالم ولد مرزوك، بمكتبه في العاصمة نواكشوط، السيد جون توماشيفسكي، كبير الموظفين المهنيين بدائرة شؤون إفريقيا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، مرفوقا بالقائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بنواكشوط، السيد جون آيس.

ويأتي هذا اللقاء في سياق تطور ملحوظ في العلاقات الموريتانية الأمريكية، تجسد في مشاركة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في القمة الإفريقية الأمريكية الأخيرة، التي عُقدت بمشاركة قادة أربع دول إفريقية فقط، بينهم موريتانيا.

اللقاء لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل حمل في طياته مؤشرات واضحة على التقاء إرادات سياسية بين نواكشوط وواشنطن، ساعية إلى تعميق التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للشراكة، إذ عبّر الوزير ولد مرزوك عن تقدير موريتانيا لهذه القمة التي اعتبرها أساسا متينا لتطوير العلاقات، لاسيما أنها جاءت تتويجا لمسار متدرج من التقارب والتفاهم السياسي بين البلدين.

ومن جهته، شدد المسؤول الأميركي على اهتمام الكونغرس الأميركي المتزايد بتعزيز العلاقات مع موريتانيا، مشيدا بجودة التعاون القائم، ومؤكدا أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين الجانبين حول أولوياتهما المشتركة.

ورغم أن البيان الرسمي لم يُفصح عن تفاصيل محددة بشأن القضايا التي جرى بحثها، إلا أن السياق الإقليمي والدولي يوحي بأن ملفات مثل الأمن في منطقة الساحل، ومكافحة الإرهاب، والدعم التنموي، قد شكلت محاور أساسية للنقاش.

فموريتانيا، التي تتمتع باستقرار أمني في محيط متقلب، باتت شريكا موثوقا في محاربة التطرف العنيف والهجرة غير النظامية، وهي قضايا تحتل مكانة متقدمة في أجندة السياسة الخارجية الأميركية تجاه إفريقيا.

ومن المرجح أن تشمل الشراكة الاستراتيجية المأمولة أيضا مجالات مثل التنمية الاقتصادية، والتعليم، والتحول الرقمي، والطاقة، وهي ميادين تُوليها واشنطن أهمية متزايدة في علاقاتها مع القارة الإفريقية.

ويعابر هذا اللقاء امتدادا لسلسلة من الخطوات المتبادلة التي تؤشر على بداية تحول نوعي في طبيعة العلاقة بين موريتانيا والولايات المتحدة، من تعاون تقني وأمني محدود إلى شراكة متعددة الأبعاد.

ويُلاحظ أن موريتانيا تحرص، في السنوات الأخيرة، على تنويع شركائها الدوليين، في إطار دبلوماسية تراهن على بناء توازنات جديدة تحمي مصالحها الاستراتيجية.

ويُفهم هذا الانفتاح، من الجانب الأميركي، في سياق اهتمام واشنطن المتجدد بإفريقيا، كرد فعل على تنامي النفوذ الصيني والروسي في القارة، وهو ما يجعل من موريتانيا بوابة محتملة لتجديد الحضور الأميركي في الساحل الإفريقي.

وفي المجمل، يعكس اللقاء بين وزير الخارجية الموريتاني وممثل الكونغرس الأميركي رغبة متبادلة في ترسيخ علاقات تقوم على المصالح المشتركة والتفاهم السياسي.

وإذا ما تُرجمت هذه الإرادة إلى برامج تعاون ملموسة، فإن الشراكة بين البلدين قد تشهد تطورا نوعيا خلال الفترة المقبلة، بما يعزز مكانة موريتانيا في محيطها الإقليمي ويُعيد رسم خريطة النفوذ الدولي في الساحل الإفريقي.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

 

خميس, 21/08/2025 - 21:51