حدث وتعليق/ الرئيس الغزواني يغرّد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد.. التشخيص والحلول

في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، قدّم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رسالة سياسية واضحة المعالم عبر تغريدة نشرها على منصة X، أكد فيها التزام الدولة الموريتانية بمواجهة الفساد والرشوة بلاهوادة، والعمل على ترسيخ قيم النزاهة والشفافية.

ورغم أن المناسبة أممية بطابعها، فإن توقيت الرسالة وسياقها الوطني يمنحانها دلالات تتجاوز حدود الخطاب الرمزي إلى أبعاد تتصل ببنية الحوكمة والإصلاح المؤسسي في البلاد.

وحين يصف رئيس الجمهورية مكافحة الفساد بأنها “معركة وطنية”، فهو يعيد تعريف الظاهرة باعتبارها تهديدا مباشرا لمشاريع الدولة التنموية ومصداقية مؤسساتها.

فالفساد، بمختلف أشكاله، لم يعد مجرد سلوك فردي منحرف، بل منظومة تعيق النفاذ إلى الحقوق والخدمات، وتقلص مردودية الاستثمار العمومي، وتضعف ثقة المواطن في الإدارة.

إن هذه الرسالة تؤشر على أن السلطة التنفيذية ترى في مكافحة الفساد شرطا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وليس مجرد بند في أجندة الإصلاح.

ويعكس إصرار فخامة الرئيس على أن المعركة “مسؤولية مشتركة” إدراكا بأن جهود الدولة، مهما كانت قوية، لا تكفي وحدها ما لم تتعزز بثقافة مواطنية ترفض الرشوة والوساطة غير المشروعة، وبتعاون جاد من القطاعين الخاص والمدني.

هذا الطرح ينسجم مع المقاربات الحديثة للحوكمة الرشيدة التي تجعل من مكافحة الفساد بيئة جماعية تشترك فيها المؤسسات عبر الرقابة والتشريع والشفافية، والمجتمع المدني عبر التوعية والرصد، القطاع الخاص عبر تبني قواعد الامتثال، وكذلك المواطنون عبر رفض الممارسات اليومية التي تكرّس الفساد الصغير.

إن رسالة رئيس الجمهورية لم تأت من فراغ، بل تتقاطع مع سلسلة إصلاحات تبنّتها الدولة في السنوات الأخيرة، أبرزها:

   •   تعزيز صلاحيات مؤسسات الرقابة المالية.

   •   توسيع صلاحيات محكمة الحسابات وتنشيط مسارات الإحالة.

   •   إطلاق المنظومات الرقمية للحد من التدخل البشري في المعاملات الإدارية.

   •   الدفع باتجاه شفافية الصفقات العمومية.

غير أن الرهان الأكبر لا يزال مرتبطا بقدرة هذه الإجراءات على إحداث تحول ثقافي يحد من القبول الاجتماعي لبعض الممارسات التي تُعد شكلا من أشكال الفساد اليومي.

وتكتسب رسالة الرئيس قيمة إضافية في ظل السياق الدولي الذي يضع مكافحة الفساد في صلب مؤشرات التقييم والتمويل والشراكات.

كما أن تعزيز الشفافية أصبح أحد المعايير الرئيسة لجذب الاستثمارات وتحسين مناخ الأعمال، وهو ما يمثل جزءا أساسيا من رؤية موريتانيا الاقتصادية للسنوات المقبلة.

إن تأكيد رئيس الجمهورية على مواجهة الفساد “بلا هوادة” ليس مجرد إعلان سياسي، بل دعوة لتشكيل تعاقد وطني تتضافر فيه إرادة الدولة مع وعي المجتمع، من أجل بناء إدارة فعالة، واقتصاد شفاف، ومؤسسات تحظى بثقة المواطنين.

وفي هذا السياق، لم تعد مكافحة الفساد مجرد التزام احتفالي بمناسبة دولية، بل خيارا استراتيجيا يحدد مسار الدولة ويؤطر مستقبلها التنموي.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

ثلاثاء, 09/12/2025 - 09:57