
شكّل خطاب معالي مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، السيد سيد أحمد ولد بنان، بمناسبة تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، محطة لافتة في تقييم حصيلة العام الجاري في مجال حماية الحقوق وتعزيز الحريات.
لقد تجاوزت أ لرسائل التي حملها الخطاب الطابع الاحتفالي للمناسبة، لتقدّم رؤية واضحة لمسار الإصلاحات التي قطعتها موريتانيا في هذا المجال، وما تزال تعمل على تعميقها.
وأكد المفوض أن حالة حقوق الإنسان في موريتانيا شهدت خلال العام الجاري تطورات كبيرة وإنجازات ملموسة، وهو توصيف يعكس إدراك السلطات لطبيعة التحسن الجاري، ويرتبط، في المقاربة التحليلية، بعدة عوامل من أبرزها توسيع هامش الحريات العامة وتعزيز الإطار القانوني الضامن لها.
كما تم تعزيز استقلال الهيئات الرقابية والقضائية، والتقدم في البرامج الموجهة للفئات الهشة، فضلا عن وتوسيع وتحديث آليات الرصد والمتابعة.
هذه الإنجازات، كما يرى مراقبون، تمنح موريتانيا موقعا متقدما بين الدول الساعية بجدية إلى ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وتجعل من خطاب المفوض ترجمة أمينة لانخراط الدولة في عملية إصلاحية طويلة المدى وليست مجرد مبادرات ظرفية.
إن أحد أهم محاور الخطاب كان التأكيد على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان (2024 – 2028) للسنة الثانية على التوالي. وتبرز أهمية هذه الاستراتيجية من كونها رؤية شاملة تجمع بين الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإطارا عمليا يحدد مسؤوليات كل قطاع حكومي، كما أنها تعتبر أداة لترسيخ العدالة الاجتماعية عبر محاربة الإقصاء والتهميش، رافعة لبناء مجتمع متماسك قائم على المواطنة والمساواة.
وبذلك، فإن تفعيل هذه الاستراتيجية يمثل انتقالا من المقاربات الجزئية إلى العمل الممنهج الذي يقيس النتائج ويربطها بالتنمية الشاملة.
لقد ربط المفوض بين تعزيز حقوق الإنسان وبرامج التنمية الاستراتيجية، وهو ربط يعكس رؤية الدولة للعلاقة بين احترام الحقوق وتقدم المجتمع. فترقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتمكين الفئات المهمشة، وتكافؤ الفرص في التعليم والصحة والعمل، ليست مجرد التزامات أخلاقية، بل هي جزء من معادلة التنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، يمكن قراءة الخطاب باعتباره تأكيدا على أن حقوق الإنسان أصبحت عنصرا أصيلا في السياسات العمومية، وليست هامشا أو مجرد ملحق.
وأبرز المفوض كذلك البعد التشاركي الذي تتبناه الحكومة، من خلال التعاون مع مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين. وهو ما يعزز الشفافية، ويرفع مستوى الرقابة، ويضمن مواءمة السياسات الوطنية مع المعايير الدولية.
كما دعا جميع الفاعلين إلى مواصلة العمل بروح المسؤولية والانفتاح، وهي دعوة تعكس توجها يهدف إلى تحويل حماية حقوق الإنسان إلى مشروع وطني مشترك، تتقاطع فيه أدوار الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الأممية والشركاء الدوليون.
ويُظهر خطاب المفوض أن موريتانيا تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ منظومة حقوقية أكثر قوة وتناغما مع تطلعات المواطنين. فالتقدم المسجل، والاستراتيجية الممتدة لخمسة أعوام، والانفتاح على الشراكات، كلها عناصر تشير إلى تحول نوعي في مقاربة الدولة لحقوق الإنسان.
وبذلك، فإن الخطاب لم يكن مجرد تقييم لمرحلة، بل خارطة طريق تؤكد أن تعزيز الحقوق والحريات يشكل خيارا استراتيجيا للدولة الموريتانية، وركيزة أساسية لبناء وطن يضمن الكرامة والإنصاف والعدالة لكل أبنائه.
*- المدير الناشر لوكالة الوئام الوطني للأنباء


.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)