
يأتي إعلان وزير تمكين الشباب، محمد عبدالله ولد لولي، عن إطلاق الإطار المحلي للتشاور مع الشباب ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإصلاحات الموجهة لترسيخ حضور الشباب في الشأن العمومي، وتحويل مشاركتهم من مستوى الخطاب إلى مستوى الفعل.
إن الإطار الجديد، كما قدّمه الوزير، ليس مجرد هيئة رمزية تضاف إلى الأجسام القائمة، بل محاولة لإعادة هندسة علاقة الشباب بالسلطات الإدارية والمنتخبين، عبر آلية تشاورية منتظمة ومؤسَّسة.
فمنذ سنوات، ظلّ حضور الشباب في تحديد أولويات التنمية محدودا، غالبا ما يُستدعى في لحظات دعائية أو في إطار مشاريع ظرفية قصيرة العمر.
أما الجديد اليوم فهو العمل على إرساء هيكلة متدرجة، بلدية، مقاطعية، جهوية، ثم وطنية، تعطي للشباب صوتا منظما وقابلا للتأثير، مع لجان منتخبة لمدة عامين قابلة للتجديد مرة واحدة.
هذه الهندسة تشير إلى رغبة واضحة في الانتقال من مرحلة “استشارة الشباب” إلى مرحلة “الشراكة معهم”.
ويعزّز إضافة ممثلين عن السلطات المحلية والإدارية داخل هذه اللجان طابعها العملي، كما تقلل من فجوة التواصل التي كانت في السابق أحد أكبر معيقات المشاركة.
لقد أكّد الوزير أن الإطار الجديد لن يكون مجرد منصة كلام، بل سيرتبط بتكوينات عملية تساعد الشباب على الاستفادة من الفرص الاقتصادية والمشاريع التنموية داخل مناطقهم.
هذا الربط بين التشاور والتأهيل نقطة محورية؛ إذ لا معنى لإعطاء الشباب صوتا دون أن يُمنحوا ما يكفي من أدوات لاستثمار ما يُطرح من فرص.
ويمكن أن تُحوِّل التكوينات المرتبطة بالاقتصاد المحلي، لا سيما في المناطق ذات الإمكانات الزراعية أو المعدنية أو السياحية، مشاركة الشباب من مجرد رأي إلى قدرة إنتاجية ومبادرات اقتصادية ملموسة.
إن إعلان الوزير عن إنشاء هيئة تنسيق وطنية تشرف على الإطار وتتابع تنفيذ برامجه يطرح بعدين متباينين، هما البعد الإيجابي وبعد التحدي، إذ يضمن الأول انسجام عمل اللجان المحلية، وتوحيد المعايير، ومنع تحول الإطار إلى تكتلات محلية غير منسَّقة، بينما يمنع خطر الإفراط في المركزية أو تحويل الهيئة إلى حاجز بيروقراطي يحد من استقلالية اللجان ويبطئ اتخاذ القرار.
وحين يقول الوزير إن الهدف هو “تعزيز الدور المحوري للشباب في التنمية وتغيير العقليات وترسيخ روح المسؤولية”، فهو يلمّح إلى بعد اجتماعي أعمق، هو الانتقال من ثقافة التلقي والاحتجاج إلى ثقافة المبادرة والمشاركة في الحلول.
إن الإعلان عن الإطار المحلي للتشاور مع الشباب يشكّل، بلا شك، خطوة نوعية في مسار تمكينهم، فهو أول تصور منهجي متعدد المستويات يضمن تمثيلا محليا حقيقيا، ويربط بين المشاركة والتكوين والفرص الاقتصادية.
ويرى المراقبون أن نجاح هذا الإطار سيجعل من الشباب شريكا أصيلا في الحوكمة المحلية، وسيحوّل طاقاتهم إلى قوة تنموية حقيقية في كل شبر من أرض الوطن.
وكالة الوئام الوطني للأنباء



.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)