شهادة للتاريخ… حين تسقط الأباطيل وتبقى الحقيقة: براءة سيدي ولد ديدي من تلفيقات «ملف المختبر»

تسجِّل هذه السطور شهادة للتاريخ، رداً على موجة من التلفيق الممنهج، غذّتها صفحات معزولة امتهنت التشويه وتحوّلت إلى منصات لتدوير الأباطيل. تلك الصفحات حاولت – في الأيام الأخيرة – استهداف الوزير والسفير والمدير والوجيه سيدي ولد ديدي في ما بات يُعرَف إعلامياً بـ«ملف مختبر الشرطة الوطنية». ورغم هشاشة السرديات التي تم الترويج لها، فإن خدمة الحقيقة تقتضي وضع النقاط على الحروف وبيان ما صمت عنه المزوِّرون عمداً.

أول الحقائق وأوضحها، أن العلاقة بين سيدي ولد ديدي والشركة التركية علاقة تعاقدية رسمية، موثقة بعقد محرَّر من طرف موثق قانوني ومسجَّل لدى المحكمة. هذه العلاقة تمنحه استحقاقات مالية واضحة لا لبس فيها، وهي معاملات تجارية مشروعة، لا يحيط بها أي غموض. ولم يُخفِ الرجل يوماً تعامله مع الشركة، بل صرّح به دائماً بصفته تعاملاً قانونياً مكتملاً، يخضع للوثائق والنظام، لا للتأويلات والتهويمات.

أما تلك الحملة التي تصدرتها بعض الصفحات ذات السجل الأسود في الفبركة، فهي مجرد صدى لعُقد شخصية وأجندات صغيرة، تُستحضَر عند كل استحقاق أو كلما لمعت أسماء وطنيّة طاهرة في المشهد العام. هي حملة تُدار ببساطة الضعفاء الذين لا يملكون حجة ولا وثيقة، فيلجؤون إلى ما اعتادوه: تزوير، واقتطاع، وتحوير، وإشعال الغبار حول الرموز المشهود لهم بالاتزان والخدمة العامة.

وفي قلب هذه الفوضى الرقمية، جرى تسويق «وثائق تحويلات مالية» زُعم أنها صادرة عن الشركة التركية. غير أن الحقيقة – كما هي، لا كما يريدها المفبركون – أن تلك الوثائق مختلقة من طرف موظف تركي سابق أقيل بتهمة السرقة، وقد سبق أن حاول ابتزاز الشركة داخلياً وخارجياً، فاختلق أوراقاً وعممها بحثاً عن مكسب أو انتقام. ومن العبث المهني والأخلاقي أن تُستَخدم تلك الأوراق الواهية لتلطيخ سمعة أشخاص لا علاقة لهم بفبركات رجل مطرود.

والأدهى من ذلك أن مختبر الشرطة الوطنية لم يُستَلَم أصلاً إلا بعد تقاعد الفريق مسغارو ولد اغويزي وبعد مغادرة الوزير محمد سالم ولد مرزوك وزارة الداخلية. وبالتالي فإن محاولات الربط بين الرجلين والملف لا تعدو أن تكون لغواً سياسياً لا يقوى على الوقوف على قدميه، عارياً من القرائن، خالياً من أي منطق واقعي. ثم إن الشركة التركية – بعد ذلك بسنوات – واصلت تجهيز مختبرات وبيع معدات لجهات أمنية متعددة، ما ينزع آخر ورقة توت عن الرواية التي بُنيت على الظن وسوء النية.

وللتاريخ أيضاً، فإن سيدي ولد ديدي صاحب سجل مهني ثقيل بالنزاهة: سبع سنوات مديراً للميزانية، وسنوات قبْلها مسؤولاً تنفيذياً في البنك المركزي، ثم وزيراً للاقتصاد. مناصب حساسة ودقيقة، لم تُسجل عليه خلالها خروقات ولا تجاوزات ولا شبهات، على الرغم من حساسية الملفات وتشابك المصالح فيها. فهل يعقل أن يعجز خصومه طوال تلك السنوات عن اتهامه، لينبري اليوم مُفبركو صفحات مغمورة لمحاولة تلطيخ مسيرة بهذا النقاء؟!

أما ما ادّعته بعض الصفحات حول «تصريحات تمسّ قائد الأركان»، فهو محض تلفيق، لا مستند له ولا ظل. لا وثيقة، ولا محضر، ولا شهادة واحدة تعضده. وهو افتراء مكشوف الغرض، يُراد منه إقحام المؤسسة العسكرية في جدل لا صلة لها به، وإشعال فتيل لم يشهده الواقع يوماً. فموقف سيدي ولد ديدي القانوني سليم، ولم يصدر عنه ما يمسّ مؤسسة ولا شخصاً فيها.

وبقوة الحقيقة وحدها نقول: التحقيق في ملف مختبر الشرطة سيُظهر – كما سيظهر كل تحقيق مهني – خلو ساحات سيدي ولد ديدي من أي شبهة، وغياب أي مسؤولية للوزير محمد سالم ولد مرزوك، وعدم وجود ما يربط الفريق مسغارو ولد سيدي بالموضوع. فالمكائد تُحاك، لكن الأوراق عند ساعة الحقيقة تتساقط، ويبقى الحق ثابتاً لا تهزه حملات التشويه.

ختاماً…

الحقيقة لا تحتاج إلى صراخ. نورها يكفي.

والنزاهة لا تسقطها صفحات تصنع جماهيرها من الوهم.

فالكذب يعلو لحظة، لكنه يهوي سريعاً حين يواجه سجلات نظيفة، ومسيرة عامة مشرفة، ورجالاً بنوا reputations لا تهدمها العواصف.

#البو ولد أحمد سالم

خميس, 11/12/2025 - 16:26