حدث وتعليق/ التحضير الجيد لمعارض رمضان.. وزيرة التجارة تعيد الكرَّة

لم يأت اجتماع وزيرة التجارة والسياحة، السيدة زينب بنت أحمدناه، مع اتحادية التجارة في سياق عادي أو بروتوكولي، بل يندرج ضمن مسار تراكمي بلغ ذروته خلال شهر رمضان الماضي، حين نجحت الدولة، ولأول مرة منذ سنوات، في إدارة الضغط الاستهلاكي الموسمي بكفاءة عالية، انعكست مباشرة على وفرة المواد الأساسية واستقرار أسعارها.

لقد شكّل رمضان المنصرم اختبارا عمليا لسياسات التموين وضبط السوق، وتمكنت الحكومة من اجتيازه بقدر معتبر من النجاح، وذلك بفضل التنسيق المبكر مع الفاعلين التجاريين، وتوفير مخزونات كافية قبل ذروة الطلب، إضافة إلى تفعيل معارض رمضان كآلية تدخل ذكية خففت العبء عن الأسواق التقليدية وحدّت من جشع المضاربة. وهو ما جعل المواطن يلمس، لأول مرة منذ زمن، فارقا واضحا بين الشعارات الجوفاء والواقع المعاش.

وفي هذا السياق، يكتسب تأكيد الوزيرة على “أهمية التنسيق المشترك لضبط واستقرار الأسعار” بعدا عمليا، إذ لم يعد مجرد إعلان نوايا، بل خلاصة تجربة أثبتت أن الشراكة مع القطاع الخاص، حين تُبنى على الوضوح والثقة والالتزام، يمكن أن تتحول إلى رافعة حقيقية للاستقرار الاقتصادي، بدل أن تبقى علاقة شد وجذب عقيمة.

كما أن الإشادة باتفاقيات الأسعار تعكس وعيا رسميا بأن ضبط السوق لا يتحقق بالإكراه الإداري وحده، بل عبر خلق توازن عقلاني بين حماية المستهلك وضمان هامش ربح مشروع للتاجر.

وقد أظهرت تجربة رمضان الماضي أن هذه الاتفاقيات، حين تُرفق بالرقابة والمتابعة، تسهم في كبح الارتفاعات غير المبررة، وتحد من الفوضى التي كانت تطبع الأسواق في مواسم سابقة.

ويُحسب للقطاع الوصي أيضا إدراكه المبكر لأهمية التحضير الجيد لمعارض رمضان، ليس فقط من حيث التوقيت، بل من حيث التنوع، والانتشار الجغرافي، واستمرارية التزويد.

فالنجاح السابق أرسى نموذجا يمكن البناء عليه وتطويره، خصوصا عبر توسيع نطاق المعارض لتشمل الأحياء الهشة وأطراف المدن، وتعزيز آليات المراقبة لضمان التزام جميع المتدخلين بنفس القواعد.

أما الحديث عن “المراجعة الدورية للأسعار”، فيمثل انتقالا مهما من التدخل الموسمي الظرفي إلى الحوكمة اليومية للسوق، بما يسمح برصد الاختلالات في وقتها، والتعامل معها قبل أن تتحول إلى أزمات اجتماعية أو احتجاجات صامتة تثقل كاهل الأسر محدودة الدخل.

وفي المحصلة، فإن هذا الاجتماع يعكس إرادة سياسية واضحة لتحويل نجاح تموين رمضان الماضي من تجربة موسمية ناجحة إلى سياسة عمومية مستدامة، قائمة على الشراكة والمسؤولية والرقابة.

ويبقى الرهان الأكبر هو الحفاظ على هذا الزخم، وتحصينه من التراخي أو الاستغلال، حتى يصبح استقرار الأسعار قاعدة راسخة لا استثناء مؤقتا، ويستعيد المواطن ثقته في قدرة الدولة على حماية قوته اليومي، خاصة في أكثر فترات السنة حساسية.

 

وكالة الوئام الوطني للأنباء

ثلاثاء, 16/12/2025 - 22:44