
كان فخامة الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني -وفقه الله وحفظه- موفقا في اختياره المتكرر لقرية ودان منبرا يدعو من خلاله إلى نبذ القبلية والطبقية والعنصرية ، وحث النخب والشخصيات الفاعلة والمؤثرة في المجتمع على المشاركة في التوعية بخطر هذا الداء العضال، والتحذير منه…
ذلك أن مدينة ودان من المدن التي تأسست من أول يوم على تقوى من الله، وجرى تأسيسها على يد أربعة رجال حجاج، تعاقدوا وتحالفوا على الخير والمحبة؛ فأصبحت ذريتهم تشكل وحدة قبلية، قائمة على مبادئ ومواثيق لا على نسب مشترك..
وعرف أهلها بنبذ القبلية والتعصب، ومحاربة الحمية الجاهلية.. وقد كتبوا قبل ثلاثمائة و سبعين سنة ميثاقا أخلاقيا وعقدا اجتماعيا لافتا للانتباه، يشكل سابقة من نوعه في المنطقة، ويعبر عن وعي ظاهر بخطر الفرقة والشرائحية، ويمكن أن نسميه "بميثاق ودان لنبذ التعصب والطبقية".
اتفق أهل ودان حسب هذا الميثاق على محاربة ما طرأ في قريتهم "مما لم يكن في أسلافهم"، حسب الميثاق، وهو "الحمية والعصبية، وأن من فعل ذلك منهم على ابن أو أب أو أخ، فضلا عن غيرهم من الأقارب، أو على مولى أو راع، أو أجنبي يزجره وينهاه من حضره أو سمعه وجوبا".
ثم استشهد الميثاق بنصوص عديدة منها قوله تعلى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا" ثم قال محرر الميثاق: "ففي هذا زجر وترهيب عن الحمية والعصبية لمن نور الله بصيرته، واعلموا أن الخير كله في الموافقة والشر كله في المخالفة" وتضمن الميثاق حثا على التواضع وترك الفخر، والتمسك بمحاسن الأخلاق، والعفو والصفح..
وختم الميثاق بالتبرئ من كل من دعا إلى العصبية أو خرق هذا الميثاق، "وإسقاط شهادته والتبرئ ممن اعتبر شهادته" وكل ذلك بمثابة حرمان للمخالف من الحقوق المدنية، وسحب للجنسية منه…
وقد جرى توقيع هذا الميثاق من طرف عدد من علماء ودان منهم: الشريف محمد بن عمر، وأحمد بن الأمين بن عبد الله بن صائم الشمس، وأحمد بن سيدي محمد بن الرايد، ومحمود بن شمس الدين الأوقيتي..
وكان توقيع هذا الميثاق يوم عاشوراء من سنة 1072هـ الموافق 5 سبتمبر 1661م


.gif)
.png)
.jpg)
.gif)

.jpg)

.jpg)