وكالة الوئام الوطني - رغم ضبابية المشهد الموريتاني الذي يقف على مفترق طرق، ورغم تعدد الملفات السياسية والثقافية والاجتماعية التي تحتاج الى تدخل جكومي عاجل، فان ثلاث ملفات شائكة تنتظر الرئيس الموريتاني بعد انتخابات يونيو 2019 ستكون الاكبر والاكثر تعقيدا بسبب تهديد بعضها لحياة نصف مليون موريتاني من جهة وتعقيداتها الاجتماعية من جهة اخرى اضافة لارتباط احدها بجيش من المنظمات الدولية.
أولها مجاعة كاسحة من المفترض ان تضرب الشرق الموريتاني وهو ما أكده برنامج الغذاء العالمى تفيد بأن 559 ألف شخص يواجهون شبح المجاعة بموريتانيا خلال الأشهر الثلاثة القادمة خصوصا في ولايات لبراكنه ولعصابه والحوضين وتكانت.
وتكلف مواجهة موجة الجفاف المنتظرة غطاء ماليا بسقف 7 مليون دولار، وفي هذا الاطار طالبت حركة "نستطيع" وهي حركة معارضة "منظمة الأمم المتحدة عبر ممثليتها في العاصمة الموريتانية نواكشوط بالسعي لمطالبة الحكومة الموريتانية وحكومات دول الساحل بوضع خطة مفصلة لمكافحة المجاعة وآثار التقلبات المناخیة في أفق قريب أمام الصحافة والمجتمع المدني والفاعلين السياسيين لنقاشها وكشف التمويلات التي تلقتها الحكومة في هذا الخصوص".
وطالب منسق الحركة في رسالة سلمتها الحركة لمكتب ممثل الأمم المتحدة في نواكشوط "بإعادة توجيه تمويلات الأمم المتحدة من أجل دعم مشاريع المجتمع المدني وتشديد برامج الرقابة لضمان أن يتم استثمار هذه التمويلات في مكافحة الجفاف ووضع حد للمجاعة".
الى ذلك تعتبر قضية ما بات يعرف بـ "ديون الشيخ الرضا، وهي عملية شراء واسعة للعقارات مع تاجيل دفع مقابلها، والتي تشير تقديرات الى انها تقارب 80 مليار اوقية أحد الملفات الشائكة التي سيرثها الرئيس الموريتاني القادم والتي لا يلوح لها حل في الأفق بسبب اقرار الشيخ الرضا نفسه بانه لا يمكنه تدبرها في الوقت الحالي رغم تعهده ببحث حل لها في اقرب وقت.
وتعهد بعض المرشحين لرئاسة موريتانيا بحل هذه القضية الشائكة، ولكنهم لم يقدموا تفاصيل حول الطريقة التي سيباشرون بها هذا الملف المعقد على المستوى القانوني والاجتماعي والعرفي، فيما يشير مراقبون ان هذا الملف في حال لم يتم حله بسرعة، فانه قد يتطور الى مواجهة بين ملاك البيوت ومن اشتروها بعقود قانونية صحيحة خصوصا في ظل حوادث دامية حصلت في الفترة الاخيرة وكانت قرية التيسير التي يقيم بها الشيخ الرضا على مشارف العاصمة نواكشوط مسرحا لها.
فيما تعتبر قضية محمد الشيخ ولد امخيطير المدون الذي اساء الى الرسول صلى اله عليه وسلم احدى القضايا الشائكة التي سيرثها رئيس موريتانيا الجديد.
وتشكل القضية مكملا لمثلث التعقيد في هذه الملفات ولا تقل خطورة في تفاصيلها ومسارها عن القضايا السابقة.
ومعروف ان محكمة موريتانية قضت مؤخرا بتخفيف الحكم على ولد امخيطير، بالحكم عليه بعامين كان قضاها في السجن بعد ان صدر عليه قبل ذلك حكم بالإعدام في عام 2014 بتهمة الردة وذلك بسبب تدوينة على فيسبوك عن الإسلام.
وتضغط عشرات المنظمات الغربية على القصر الرئاسي في نواكشوط لإطلاق سراح المدون الذي اثار غضب الموريتانيين.
ويقول دفاع ولد امخيطير ان بقاءه في السجن غير قانوني، فيما تجد السلطات حرجا كبيرا في اطلاق سراحه نظرا للانتقادات الشعبية التي قد يواجهها أي نظام يقوم باطلاق سراحه.
ومن المفارقات الحقيقية في هذه الملفات ان الشيخ الرضا صاحب ملف الديون كان قد ساهم في اعمال خيرية لمساعدة الفقراء الذين يعانون الجفاف والمجاعة، كما انه كان من قادة حركة النصرة التي حملت شعار المطالبة بإعدام محمد الشيخ ولد امخيطير الذي اعتبر مقاله مسيئا للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنه في نفس الوقت اعتبر ملفه الى جانب القضيتين من اكثر "الملفات الحمراء على المستوى الوطني".
وقد تمكن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بحنكة سياسية من ترحيل هذه القضايا الشائكة الثلاث الى من سيخلفه، وهي بالفعل مواضيع تحتاج الى الشجاعة والابداع قبل التمكن من حلها او التعامل معها.
وفي ظل الضغوطات الحالية للمنظمات الغربية في ملف ولد امخيطير، وتصاعد اصوات رابطة دائني الشيخ الرضا، والتهديد الوشيك للمجاعة التي تخيم على الشرق الموريتاني، فانه في الربع الثالث من 2019 ستكون هذه القضايا قد وصلت لأوجها فيما يكون الرئيس الموريتاني القادم دخل لتوه الى القصر الرئاسي، ما سيحتم عليه اتخاذ اجراءات سريعة لحلحلة اكثر الملفات الساخنة في موريتانيا.
هيئة تحرير الوئام