الوئام الوطني ـ تقف موريتانيا في رئاسيات 2019 على مفترق طرق سياسي سيكون فرصة حقيقية للناخب الموريتاني الخارج من عشرية تخللها الكثير من الصراع، ووقفت فيها البلاد أكثر من مرة على شفى الاحتقان بعد انقلاب اطاح بأول محاولة ناجحة لخلق تبادل سلمي على السلطة وظل صداه مستمر الى اليوم.
ليس خفيا على الناخب ان البلاد التي تحظى بنظام ديمقراطي يتيح تنظيم الانتخابات بشكل دوري، تعاني واقعيا في الحقيقة من تدخل غير مسبوق للجيش في السياسة، وهو أمر استمر اربعين عاما بأوجه مختلفة.
لكنها اليوم تنال بفعل الكثير من النضالات فرصة ذهبية للعبور بأمان في ظل انتخابات رئاسية يعتبر أقوى المرشحين فيها في مواجهة النظام، الوزير الاول السابق سيدي محمد ولد بوبكر الذي يحظى بدعم سياسي من حزب تواصل وهو أقوى أحزاب المعارضة في البرلمان واكثرها انتشارا في السنوات الماضية، اضافة الى احزاب وشخصيات وازنة وكتل ومبادرات، وحركات شبابية.
ومن الواضح ان الصراع الحقيقي في انتخابات يونيو 2019 هو بين من يريدون التقدم والإزدهار والنماء والدولة المدنية، وبين من يريدون البقاء في المربع القديم، وهو صراع سيحسمه الناخب الموريتاني دون غيره في واحدة من اهم الانتخابات في تاريخ البلاد.
يقدم النظام الموريتاني مرشحه محمد ولد الغزواني وزير الدفاع وقائد الاركان السابق والشريك في انقلاب 2008 في استمرار واضح للازمة السياسية التي عصفت بالبلاد منذ عشر سنوات، باعتراف المرشح نفسه وبشكل ضمني، وهو ترشيح يحمل دفاعا غير اخلاقي عن واقع البلاد الذي يتميز بحصيلة بائسة ومؤسفة لا تخطؤها العين.
فمع تذيل البلاد لمؤشرات الشفافية، والمؤشرات الدالة على تدهور الصحة والتعليم وفي ظل تراجع استقلالية القضاء والحريات، والمجاعة التي تهدد نصف مليون شخص في عموم التراب الوطني والفساد الذي تميزت به ادارة الأمور خلال العشر سنوات الماضية، فان السلطة تسعى لتوريث غير شرعي للسلطة عبر تقديمها مرشحا قادما من المؤسسة العسكرية ويستخدم وسائل الدولة والجيش للوصول الى اهدافه السياسية في مخالفة واضحة للقوانين.
وضع لا يمكن مواجهته الا عبر الالتفاف حول أكبر قوة منظمة في المعارضة الوطنية ممثلة في حزب تواصل والأحزاب الداعمة والحركات والرموز الاجتماعية لمرشح التغيير الحقيقي سيد محمد ولد بوبكر والهادفة لانقاذ موريتانيا من دوامة الاحتجاز في مربعات اللوبيات القديمة ودولة العقل الواحد.
سيد محمد ولد بوبكر، السياسي الحصيف، ورجل الدبلوماسية المثقف والشاعر والاديب، ورجل الادارة المميز يقدم نفسه اليوم بقوة في المشهد، وهو في ذلك يلقى مناصرة القوى الحية في المجتمع، في مواجهته مع الدولة العميقة، وهذا ما يكشفه الانتشار الكبير الذي يحظى به والتفاف الموريتانيين حوله.
ان الطموح لدولة مدنية ودولة قانون يتم فيها اعادة الاهتمام بمربع الأمن والصحة والتعليم والقضاء، وتشييد دولة قانون قائمة على المساواة بين الناس، يستحق مواجهة حقيقية بين القوة المدنية ممثلة في المرشح سيد محمد ولد بوبكر، في مواجهة الدولة العميقة ودولة اللوبيات التي لم تخرج بعد من اخطاء عشر سنوات نتيجتها مجاعة وعدم حياد في القضاء وتدهور على مستوى الصحة والتعليم والقضاء والتي يمثلها المرشح محمد ولد الغزواني.
ان المزارع البسيط الذي يتم قمعه ومصادرة اراضيه من اجل مستثمرين وأثرياء، والعامل البسيط الذي انعكس عليه التخبط في سياسة شركات الدولة وخصوصا شركة المناجم والصناعة سنيم التي يتلاعب النظام اليوم بمصالحها، والطلاب والعاطلون والمرضى الذين لا يجدون علاجا في مستشفيات بلدهم، وضحايا الحالة المدنية من مواطنين تم اقصاؤهم، وقطاعات التعليم والخدمات العمومية والنقل، وسكان القرى النائية الذين همشتهم الدولة وتناست مطالبهم، وسكان المدن الراغبين في اصلاحات معمارية وادارية تسهل الحياة والاستثمار جميعا يشكلون قوة سياسية عميقة تعتبر اليوم ان ترشح سيد محمد ولد بوبكر فرصة ذهبية للتغيير الهادئ والبناء، وان ترشحه مسافة وسط بين البقاء في مربع النظام القديم من جهة، وبين التغيير العنيف الذي يدعو اليه بعض المرشحين، وتبدو حشود الجماهير مجمعة انه يجب اغتنام هذه الفرصة للتأسيس من جديدة لمفاهيم الدولة المدنية.
يجب ان لا يفوت الناخب الفرصة، لأن صوته الحقيقي منذ "الآن الآن. وليس غدا" سيكون مسموعا فقط في حالة لانحياز لخيار التغيير ومنح صوته للمرشح سيد محمد ولد بوبكر، وانهاء الازمة السياسية التي استمرت لـ 40 عاما بعد اول انقلاب عسكري تشهده البلاد عام 1978 والذي كان بداية لاختطاف الدولة واشغال الجيش بالسياسة، وضياع الشفافية التي تشكل حجر الاساس في كل ديمقراطية.
هيئة تحرير الوئام