هل تنقل الأحداث الأخيرة قضية "العصابات المسلحة لمنعرج جديد"

مقتل الشاب ولد جلفون، وقتل الشرطي سيدي للص، أحداث تفتح باب التساؤل حول الجرائم  في موريتانيا

الوئام الوطني ـ تمدد المدن وترامي أطرافها عامل رئيسي من عوامل عدم كامل بسط الأمن عليها، هذا هو حال مدينتي نواكشوط العاصمة ونواذيبو العاصمة الاقتصادية.

لكن مهما تمددت المدينة يجب أن ترافق هذا التمدد حركة أمنية تضمن سلامة وأمن المواطنين وممتلكاتهم.

بداية الأمر..

قبل يومين وذات ليلة رمضانية في مدينة نواذيبو الشاطئية اهتز الشارع العام لوقع جريمة قتل، وإن كان مصطلح جريمة قتل هذا أصبح روتينيا على شناعة مقتضاه، ولكن الأمر ازداد حدة حين تم التعرف على الضحية فهو شاب في مقتبل العمر، قتل لسبب تافه، وهو أيضا ابن شخصية سامية في الدولة ومدير واحدة من أهم المؤسسات في المدينة الشاطئية، فمع أن هذه الأوصاف تتلاشى حين يذكر الإنسان إلا أنها تعود ولو بعد حين.

رحلة الأسى والبحث..

انهال المعـارف بالتعازي، وانهمرت الدموع وتراكمت الأحزان، وبدأ رجال الأمن في تحريًاتهم لمعرفة الجناة، وما هي إلا ساعات حتى تم تحديد هوية اثنين أنهما الجاني المباشر ومنفذ عملية القتل البشعة، ولكن هؤلاء موضوعين تحت الرقابة القضائية، كيف لشخص يوقع صباحا مساء لدى مفوضية الشرطة أن يرتكب جريمة بحجم القتل؟.

أولى علامات الاستفهام، فثمة إذا خلل في المعادلة الأمنية، وعلى المسؤولين أن يتعرفوا أولا على مكمن الخلل ومن ثم يبادروا للتغلب عليه.

مقتل الفتى المرحوم سيد محمد ولد جلفون ولد ردة فعل منقطعة النظير على مواقع التواصل الاجتماعي وبدأ الكل بالتعاطف حتى من غير العارفين بالشاب ولا أسرته، ما استدعى التساؤل هل تنقل وفاة ولد جلفون قضية "العصابات المسلحة لمنعرج جديد"؟

على من تقع المسؤولية.

في الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال قد لا تكون بلا ونعم، فلا زلنا نسمع عن محاولات الاعتداء، وخصوصا إذا علمنا أن المرحوم ولد برو قتل ومثل به، ولم تعقد جلسة أمنية طارئة، وما إن أعلن عن القبض على أشخاص يشتبه في أنهم الجناة (بلغة العدالة)، حتى طويت تلك الصفحة، وواصلت العاصمة سيرها نحو هدر مزيد من الدماء.

حين بحثنا عن إجابة على عنوان هذه الورقة توصلنا إلى أن المجمع عليه هو أنه من اللازم فرض مزيد من الأمن، أمن تواكبه مقاربة واضحة وصرامة مع منفذي مثل هذه الجرائم، وتطبيق حد القصاص المنصوص عليه بالشرع والقانون.

ولكن تطبيق القصاص في حد ذاته ليس أمرا سهلا، في ظل وجود ديون على موريتانيا وعدم الاستقلالية التامة في أخذ القرار، ولكن من الطبيعي أن يوجد حل وسط بين الافراط في التساهل مع الجناة، والتفريط في سبل الانتقام والعقوبة الأكثر نفعا على الجاني قبل المجني عليه.

ردود أفعال متباينة..

مدونون يرون أن قضية المرحوم ولد جلفون مجرد محطة في مسلسل هدر أرواح المواطنين مستحضرين وفاة المرحوم أحمد ولد عبد العزيز التي ولدت حينها ردة فعل بعد حادث سير أليم، ولكن لا يرون أن ثمة جديد، وأنه لم تبذل أي جهود لوقف الاعتداءات المسلحة على المواطنين.

وتداولوا على نطاق واسع:

" ول جلفون ليس الأول و ليس الأخير و أحمدو ول عبد العزيز ليس الأول على طريق الأمل و ليس الأخير، أحسن الله خواتم المسلمين. 
مسلسل الإجرام لم يتوقف يوما و لم تبذل جهود لإيقافه أصلا الفرق الوحيد هو أنه إزداد و استقوى فى زمن قل فيه الظهير 
والنصير وكثرفيه الإجرام- 
و في ظل شعب سيطر عليه الجبن لدرجة أن أحدهم يرى أخاه يقتل أمامه و لا يحرك ساكنا… بدلوا أنفسكم و انصروا اخوانكم أمام اللصوص حتى يرجع اللصوص لزمن الخوف من الضوء
و لا ترحموهم و بعد ذلك زلزلوا الفيسبوك والواتساب والاعلام بطلب الأمن و تطبيق الشريعة وضبط الأمور ..
إذا لم تفعلوا فانتظروا ما هو أشد من هذا… عسى أن تفهم الحكومة الآن المدى الذي وصل اليه اللصوص حتى أصبح بإمكانهم قتل أبناء السياسيين الذين كان يظن ذويهم أن الأمر لا يعنيهم و تتعظ. 
رحمة الله على المرحوم و على جميع موتى المسلمين..".

عدم تطبيق العقوبة المنصوص عليها، وعدم أخذ الحيطة ربما عاملان ولدا تكرار مثل هذه الجرائم."

المدون سيدي خطري كتب:

الشرطة في نواذيبو تؤكد القبض على قتلة الشاب ول جلفون رحمه الله 
لكن الإشكالية ليست سرعة القبض على الجاني المعضل الذي يسبب كل هذا الاختلال الأمني على مر السنين هو إفلات الجناة من أي عقاب ردعي يناسب حجم الجرم الذي يقترفون 
يعتقل السكير القاتل والسارق المبتز الواحد يعتقل اليوم وغدا تلقاه في الشارع متجولا حرا طليقا إلى حين يصطاد نفسا أخرى بريئة أو يسلب شخصا آخر متاعه لتذهب الشرطة إلية ويسجن ويقولون صاحب سوابق ...
طبعا صاحب سوابق ومعاملته بهذا النهج تجعله أيضا صاحب لواحق !!!

هو شخص قاتل يقتل قصاصا أو يحكم عليه بالمؤبد. .. 
لماذا يطلق سراحه؟ !!!!!!".

المدون سيد بوي محمذن باب، وخلال رده على سؤال وكالة الوئام، أضاف.. "للاسف اغلب العصابات هم خريجي سجون واصحاب سوابق، وهذا يوحي ان السجن ليس إلا  مكان للراحة بالنسبة لهم لابد من تطبيق الشرعية وإن كان ذلك غير ممكن على الأجهزة الأمنية والقضاء استحداث عقوبات جديدة يتم بها ردع كل من تخول له نفسه الإعتداء على الآخرين وإلا لا شيئ سيتغير وجميعنا في خطر".
على المقلوب...

ولكن في مقابل هذا عرفت العاصمة نواكشوط مقتل لص على يد شرطي حين حاول رفقة زملاء له مداهمة الشرطي الذي يرتدي زيا مدنيا لكن ردة الفعل أن اللصوص دفعوا الثمن، فأطلق الشرطي النار على أحدهم ليرديه قتيلا.

تصرف قد يولد فكرة لدى كثيرين أنه من الممكن التصدي للصوص، وهو ما ينذر بأمر خطير، فقد تتحول المواجهة إلى مجازر لا قدر الله.

وبين ردة فعل المهاجَمِ وتعرضه لأسوء الاحتمالاتـ تظل مسؤولية تأمين أرواح المواطنين وممتلكاتهم على عاتق رجال الأمن وسياسات حكومات متعاقبة، ويبقى المواطن في كل الحالات الدافع الأكبر للثمن.

 

هيئة تحرير الوئام

خميس, 30/05/2019 - 18:46