يبدو أن الساحة السياسية في موريتانيا بدأت تسير في اتجاه لي الأذرع بين سلطة قررت وضع ثقل الدولة بميزانيتها وإدارتها ورجال أعمالها في كفة مرشحها, وبين معارضة وجدت نفسها أمام تنافس غير متكافئ ويفتقر إلى أبسط قواعد الشفافية.
المراقبون يعتقدون أن إفراط النظام في استغلال وسائل التزوير بشكل فج, بدءا برفض تطبيق القانون فيما يتعلق باللجنة المستقلة للانتخابات التي باتت لجنة موالاة بامتياز بعد انضمام بعض أعضائها المحسوبين على المعارضة للحزب الحاكم وتأييد بقية زملائهم لمرشح السلطة, ومرورا بالإفراط في استغلال وسائل الدولة وأعضاء الحكومة ورئيس الجمهورية شخصيا لصالح مرشحهم, وانتهاء بمنح صفقة البطاقات الانتخابية لرجل أعمال مؤيد للنظام... يرون أن إفراط النظام في كل ذلك يهدف إلى دفع مرشحي المعارضة إلى الانسحاب من السباق الرئاسي لزيادة حظوظ مرشحهم الذي بات يدفع ثمن ارتهانه لحملته الانتخابية الطاردة لمؤيديه والرافضة لانسجامه مع خطاب ترشحه, لأنها تريده أن يبقى نسخة غير مصدقة من رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز.
إن ما يرعب النظام, وهو يستهلك كافة أوراق التزوير وتهيئة الظروف لإنجاح مرشحه في الشوط الأول, هو حديث مرشحي المعارضة عن رفض التزوير والعمل على فرض الشفافية, بل إن الأدهى من ذلك هو تنسيقهم في دعم من يتأهل منهم للشوط الثاني.
لكن مؤيدي مرشح النظام دخلوا في حالة هيستيريا بمجرد إعلان المعارض الشرس ورجل الأعمال السخي محمد ولد بوعماتو عن دعمه لمرشح التغيير المدني سيدي محمد ولد بوبكر, وهو يرى المتابعون للشأن السياسي أنه بقدر ما يزيد من فرص فرض التغيير المدني, فهو حافز قوي وملح للسلطة في انتهاج كافة أساليب التزوير لكسب الشوط الأول مهما كانت تلك الأساليب فاضحة وغير مقبولة, وذلك ليقينهم أن الشوط الثاني يعني خسارة مقعد الرئاسة لصالح المعارضة, وهو ما اعتبره ولد عبد العزيز كارثة على مستقبل البلد, ويعني بها طبعا مستقبل السلطة الحاكمة.
إن ما صدر عن مرشحي المعارضة لرئاسيات 2019, في مؤتمرهم الصحفي اليوم, من إظهار التماسك والثقة في قدرتهم على حماية أصوات جماهيرهم, يعتبر سابقة في تاريخ المرشحين من خارج السلطة, وهو ما سيشكل سدا منيعا للحيلولة دون تفرد الحكومة بأحد المعارضين إذا ما حصل شوط ثان على غرار ما تم في رئاسيات 2007 التي طعن فيها الزعيم مسعود ولد بلخير ظهر رفاق دربه وهم على شفا دخول القصر الرئاسي ليستمر بذلك حكم العسكر الذي بدأ بالانقلاب على الرئيس المدني المؤسس الأستاذ المختار ولد داداه وانتهى بالانقلاب على أول رئيس مدني منتخب, هو الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.
فهل سيسمح العسكر بإجراء انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة يجمع الكل على أنها ستشكل بداية عهد مدني جديد؟.. أم أن حليمة لن تتخلى عن عادتها القديمة؟.
هيئة تحرير وكالة الوئام الوطني للأنباء