يملأ المدونون والكتاب والساسة المؤيدون لمرشح السلطة الحاكمة, محمد ولد الغزواني, الفضاء الأزرق بتحميل إخفاقات الأنظمة السابقة, من لدن الرئيس الأسبق محمد خونة ولد هيدالة بداية ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم, بتحميلها للمرشح الرئاسي المستقل سيدي محمد ولد بوبكر, باعتبار شغله للعديد من المناصب الإدارية والوزارية والدبلوماسية السامية خلال مسيرته المهنية التي انتهت بتقاعده سنة 2015.
لا أسعى لتبرئة ولد بوبكر بقدر ما أود من مؤيدي خصومه السياسيين احترام ميزان الإدانة الذي تفضلوا بوضعه معيارا لقياس درجات فساد العاملين ضمن أنظمة فاسدة.
فكيف لمن قرر بمحض إرادته تحميل كل من عمل مع رئيس سابق مسؤولية إخفاقات نظامه, أو أنظمته, أن يمارس هوايته المزاجية, إدانة وتبرئة, في انتقاء فاضح لا يحترم عقول الناس, ولا يراعي حرمة المعايير التي اختارها بكامل حريته دونما استشارة أحد.
ولكي نحترم معايير نشطاء حملة ولد الغزواني, التي تُحمِّل ولد بوبكر خطايا أنظمة ولد هيدالة وولد الطايع وولد محمد فال وولد الشيخ عبد الله وولد عبد العزيز, سنفترض جدلا عدم أهلية مرشح التغيير المدني لقيادة البلد!!.. لكننا لن نتوقف عند حد إدانة يتيمة لمرشح بعينه, بل إننا بوضع مرشح السلطة محمد ولد الغزواني على ذات الميزان, سنجده مسؤولا عن فساد نظام ولد الطائع المالي وعلاقاته بالكيان الصهيوني وتعريض دبابات الجيش للتدمير "دبابة دبابة", وذلك باعتباره قائدا لكتيبة الدبابات التي نفذ أفرادها محاولة انقلابية فاشلة, وقائدا للاستخبارات العسكرية, ومسيرا لميزانية إحدى إدارات الجيش التي عاش منتسبوها ظروفا مالية في غاية السوء, رغم ضخامة تلك الميزانية.
وخلال فترة حكم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله, يضع ميزان أنصار ولد الغزواني مرشحهم في دائرة الاتهام حينما أطلق الأمن النار على المشاركين في ما عرف بثورة الجياع, وعندما قُتِل جنود في الغلاوية وتورين, وحينما نقلت الجماعات المسلحة معركتها مع موريتانيا إلى قلب العاصمة نواكشوط.
وبذات المنطق, يتحمل ولد الغزواني المسؤوليات الكاملة عن تدهور القوة الشرائية وركود السوق وانخفاض الأوقية وجمود الرواتب واستفحال البطالة وتبديد الثروات وانهيار المؤسسات... خلال فترة حكم ولد عبد العزيز, ليس باعتباره عاملا ضمن نظام العشرية الأخيرة, بل لكونه شريكا أساسيا في الحكم باعترافه الموثق.
فقليلا من الإنصاف, يا من توزعون أحكام الإدانة لولد بوبكر وتمنحون صكوك الغفران لولد الغزواني.. فمعاييركم ليست في صالح مرشحكم الذي يدين نفسه بقرينة الإعتراف بشراكة عمرها أربعة عقود مع من أوصل البلد إلى حافة الإفلاس والانهيار.