خطوة سليمة أم قرار أخرق
تتكون المنظومة الطبية من عناصر أربع المرض والمريض والطبيب والدواء وهي المنظومة التي على أساسها بنيت المستشفيات ووضعت الاستراتيجيات الصحية من أجل الوصل إلى الغاية الأسمى والهدف المنشود ألا وهو مجتمع صحي نشط ومعافى ولئن كان الهدف هو القضاء على المرض من أجل صحة المريض فإن ذلك لا يتأتى دون منح الثقة للطبيب والأهم من كل ذلك هو امتلاك سوق صيدلي زاخر بالأدوية الأصلية المحترمة للمعاير الدولية وأن لا يعاني ذلك السوق من أي نقص أو اختلال.
وقد راجت شائعات في الآونة الأخيرة تروج لترهل سوق الصيدلة وامتلائه بالأدوية المغشوشة وهو الأمر الذي جعل وزارة الصحة تعبر عن نيتها احتكار استيراد الأدوية حتى تضمن الجودة المقدمة للمواطن وهي نية وإن كانت في ظاهرها طيبة إلا أنها ستخلق مشاكل لا حصر لها سنستعرضها في هذا السياق .
فقطاع الأدوية مثله مثل مجمل القطاعات يخضع لنظام السوق المفتوح بحيث يتعدد المستثمرون فيه بتعدد أصناف ومناطق تصنيع الدواء وهو الأمر الذي يجعل خيارات المستهلك لا تنحصر في دواء محدد بقدر ما يتوفر لديه الدواء وبدائله المختلفة والمتعددة ولعل عوامل فشل خطوة الوزارة تلك تبدو ملوحة في الأفق . فليس بلدنا أول بلد أقدم على احتكار الأدوية فقد جربت في عديد البلدان وخلفت نتائج كارثية كان المواطن البسيط أكثر المتضررين منها .
كما أن الدولة تعتمد منذ تأسيسها على النظام الرأسمالي الليبرالي وهو ما يعني أنها عنصر محايدا في السوق ولا تمتلك وسائل الإنتاج بقدرما تطرح القوانين المنظمة وتسهر على احترامها بكل صرامة وحزم.
ولعل اختيار مورد وحيد يندرج في إطار الاحتكار والانحياز لطرف عن بقية الأطراف الناشطة والمستثمرة في القطاع ويعتبر تنكرا صارخا للموردين الذين عملوا بكد طلية سنوات عدة حتى يقوم سوق الصيدلة على قدميه وحتى يحصل المواطن على دواء مناسب من مصانعه الأصلية .
فهل تساءلت الوزارة عن مدى تأثير خطوتها تلك على مصير الكثير من الاستثمارات العائمة في القطاع وكيف ستطمئن الموردين على مستقبل أموالهم .
ولعل السؤال عن مدى تأثير الخطوة على اليد العاملة المشتغلة في الحقل سيكون مطروحا فمجمل المستثمرين يدفعون رواتب لعديد العمال والذين بدورهم يسهرون على إعالة الكثير من الأسر .
فهل هي خطوة محسوبة مدروسة بعناية أم أنه قرار غير محسوب النتائج ولا علاقة له بالعقلانية ولا بالحكم الرشيد.