بعد مقتل البغدادى.. على محمد الشرفاء يكتب : المفسدون في الأرض: «داعش» وأخواتها

من ماضٍ سحيق مليء بالكراهية والحقد والإرهاب، أتيتم تحملون شعار رسالة الإسلام والتي تحمل معاني السلام والعدل والرحمة وتمارسون إجراماً حرّمه الله على الناس جميعاً بقتل الأنفس البريئة، لم تراعوا حرمة النساء ولم تحترموا براءة الأطفال فاغتالت أيديكم المضرجة بالدماء آباءهم وأمهاتهم وأزواجهم، وزرعتم الرعب في قلوب الآمنين وحصدتم الرؤوس دون رحمة أو وازع من أخلاق أو دين.

كيف أتيتم ومن أي عصر قدمتم! هل أنتم الصورة المعدلة للتتار؟ أم أنتم من الخوارج؟ هل عقدتم صفقة مع الشيطان الأكبر وتابعه إسرائيل؟ هل هانت عليكم أوطانكم حتى أصبحتم معاول هدم وتدمير في كل قطر عربي؟ هل سُلبت عقولكم وغابت ضمائركم فحصدتم الأوهام مقابل أرواحكم؟ هل تحققت لكم المتعة في الدماء التي تريقونها والأرواح التي تزهقونها؟! هل أنتم مستمتعون بملايين اللاجئين من السوريين والعراقيين والليبيين؟ أم انتم تقومون بتحقيق أهداف إسرائيل من النيل إلى الفرات؟ وما الثمن الذي تأملون؟ وما الجائزة التي تنتظرون؟ لن تنالوا غير الخزي والعار يلاحقكم في الحياة الدنيا وعذاب الآخرة، فالله سبحانه يصفكم في كتابه الكريم:

«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10) وإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)» (سورة البقرة). ويؤكد سبحانه وتعالى نقضهم عهد الله بقوله: «الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ» (البقرة -27). وأن الله قدّر عليهم حكمه وأقر عليهم أمره بقوله: «إِنَّمَا جَزَاءُ الّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِــنْ خِـــلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِـــنَ الْأَرْضِ ذَ?لِكَ لَهُـــمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ في الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (المائدة -35).

لقد أتتكم فرصة الغفلة التي تعيشها الأقطار العربية واغتنمتم انشغال الشقيق بالشقيق يقاتلون بعضهم بعضاً دون قضية ودون مبرر اللهم إلا أن يكون تنفيذاً لمخطط غدر يريد لأمتنا تشرذماً وتمزقاً من أجل تحقيق أهدافه الملعونة بالسيطرة على ثرواتها البترولية واحتلال أراضيها واستغفالها بحجة حمايتها من المجهول، وهو يصنع الأعداء ويسلحهم ويدربهم ليتمكن من ابتزاز القادة العرب واستغلال حسن النوايا، ليستطيع الذئب إقناع الحمل بصداقته وحمايته. ورغم تجاربنا المريرة معهم، والكوارث التي صنعوها في أوطاننا بدءاً من إقامة دولة إسرائيل سنة 1948 وانتهاءً بتدمير سوريا وتشريد ملايين اللاجئين كي تظل إسرائيل آمنه فيما استباحته من أرض وفيما سلبته من حقوق وليبقى الوطن العربي أسيراً مستغلا مسلوب الإرادة ممزق الأوصال. وما «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» إلا أدوات صنعتها أياد شريرة جعلت مصالحها فوق كل الاعتبارات الإنسانية.

وما نراه من استباحة للعراق وسوريا من قبل تلك العصابات الإجرامية لا يحرك ساكناً لدى بعض قيادات العالم العربي، بل نرى استسلاماً للكارثة وانتظاراً لغزوة الأشرار وأملا في الذئاب التي وعدت بالذود عنا لتزيدنا رهقاً وتمزيقاً. وكانت الأمة العربية تنتظر هبة القيادات لنجدة العراق في اجتماع عاجل لتشكيل فرق عسكرية تنفيذاً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، تتعامل مع العصابات الإجرامية وتبيد وجودها، وإلا فما قيمة تلك الجيوش المدججة بأحدث الأسلحة إذا لم يتم استخدامها في وقتها؟

لقد ضاعت كرامة الأمة العربية واستهان بها أعداؤها عندما أصابها الهوان والاستسلام، فمتى تفيق من غفوتها؟ ومتى تسترجع شهامتها وكبرياءها؟ من المؤسف أن تنساق الطبقة المثقفة من إعلاميين في الفضائيات والصحف وراء الترويج للأعمال الهمجية ومشاهد قطع الرؤوس ليشاهدها المواطن العربي فتروعه وتفزعه وتهيء نفسه للاستسلام والخوف.

ألم يئن للعرب أن يتساءلوا: إلى أين نحن سائرون؟ ومتى نفيق من غفوة طالت؟

لقد تبددت الآمال بمستقبل عربي مشرق، واختلطت بصيحات من المشردين تعالت في كل قطر تنادي: أمة العرب هبوا سراعاً قبل أن تساقوا نحو حتفكم أو تستعبدوا في أراضيكم، فامعنوا النظر من حولكم ولا تصدقوا قول الطامعين فيكم، ولا تأمنوا لهم بموقف أو قول وراجعوا مواقفكم وتلاحموا صفاً واحداً ولا تجعلوا أعداء الله يفرقون بينكم، واجمعوا كلمتكم على المحبة والتعاون والدفاع المشترك، فمصيركم واحد وعدوكم واحد ومستقبلكم مشترك.

ومن قلب عربي مخلص يعتصره الألم على تمزق الأمة وتشرذمها، أدعو الله لقادة الأمة العربية أن يُبصرهم بطريق الوحدة والتعاون لصالحها، وحدة تصون ولا تبدد، تشد أزر الصديق وترد كيد العدو، تعادي من يعاديها وتسالم من يسالمها، تحمي استقلالها وتحافظ على أوطانها.

والله المستعان

اثنين, 28/10/2019 - 13:17