"الخدمة القضائية".. فقرة مفخخة في خطاب الغزواني/ سيدي محمد يونس

استمعت إلى خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بمناسبة الذكرى ال59 لعيد الاستقلال الوطني، فأثارت فضولي فقرة اجبرتني لاحقا على قراءتها أكثر من مرة، فلم أجد لها وصفا غير "التفخيخ"، باعتبار أنها قد تنسف القدسية التي يتمتع بها رؤساء البلد بعد مغادرتهم السلطة، وترفع عنهم الحصانة العرفية لتتسنى مساءلتهم عن أفعال ارتكبوها وهم في سدة الحكم.

لكن الفقرة، بالنظر إلى سياقها الزمني، تعتبر تحربضا لأصحاب المظالم خلال العشرية الأخيرة على شخص بعينه هو الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

فعندما يفرد الرئيس الحالي حيزا معتبرا من خطابه لما وصفه بتقريب الخدمة القضائية من المواطنين البسطاء المعدمين، متكفلا ب "تفعيل مبدأ المساعدة القضائية"، وفتح "مكاتب في كل الولايات بحيث يتاح لكل متقاض، في أي ولاية كان، إن ثبت عجزه الكلي عن التكفل بأعباء محام، أن يعين له، محام، مجانا، يعينه على استيفاء حقوقه بالدفاع عنه أمام المحكمة".. فالأمر بات أكثر وضوحا، والشكاوى من رأس نظام العشرية أصبحت مسألة وقت.

إن فقرة" تقريب الخدمة القضائية من المواطنين" لم تقف عند هذا الحد، حتى لا يصاب البعض بالتراخي خوفا من شعوره بأن التكاليف المادية لذلك قد لا تكون في المتناول قريبا، فقد أكدت الفقرة "المفخخة" من خطاب الرئيس أن المبالغ الضرورية لتغطية الأعباء المترتبة على هذه المساعدة القضائية "رصدت في ميزانية 2020"، بصيغة الماضي.

 ثم إن الفقرة قدمت تطمينات تتعلق بضمان بعد القضاة عن التأثر بماضي علاقة بعضهم بالرئيس السابق، فكان ختامها بما نصه: "كما يجري العمل على تنفيذ استراتيجية متكاملة تهدف إلي تقوية القضاء و تعزيز استقلاليته وترسيخ دولة القانون".

لكن السؤال الذي سيظل مطروحا إلى أن تتضح الصورة: هل تكفي محاكم موريتانيا لإعادة مظالم العشرية السوداء لأصحابها، حتى ولو تم تسخيرها مجتمعة لملفات مظالم لا حصر لها؟ 

 

خميس, 28/11/2019 - 16:57