عندما يكون الإجماع الوطني واقعا يستشعره الكل

"لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل"،.. في خطاب إعلان ترشحه لرئاسة الجمهورية فاتح مارس 2019 عبر فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن نمط من الانفتاح على الجميع، وروح التصالح، واحترام الغير، وفهم عميق للوطن بكل ألوان طيفه، وهي مميزات لا تـُستكثر ممن تربى في بيت عز وصلاح، فطيب المنبت، وكرم المحتد، وحسن التربية، مميزات من الله بها على الرئيس ولد الشيخ الغزواني، أفرزت شخصية وطنية تتسم بالرزانة، وبعد النظر، وشكل خطاب الترشح صدمة إيجابية للشعب، انشغل الأدباء بفصاحته وبلاغته، واهتم السياسيون بعمق طرحه، وشمولية نظرته للمشهد الوطني، بينما وجد المواطن البسيط ضالته في البرنامج الانتخابي الواعد، الذي لم يكن وعودا انتخابية فحسب، بل كان خطة عمل قابلة للتطبيق.

وطوال محطات الحملة الانتخابية كان فخامة رئيس الجمهورية يكسب دعم جماهير الشعب، بخطاب انتخابي هادئ، يحترم المنافسين السياسيين، ويركز على نقاط قوته بدل استغلال نقاط ضعف الآخرين، وفور تسلمه مقاليد الحـُكم، فتح باب القصر الرئاسي على مصراعيه للجميع، جاعلا منه بيتا لكل الموريتانيين، دخله المعارض والموالي، واستشعر الجميع فعلا أن لديه رئيسا يـُنزل الجميع منازلهم، وسرعانما كسب احترام وثقة المعارضين، محققا مستوى من الإجماع الوطني غير مسبوق، تجسد لاحقا في مهرجان المدن القديمة بشنقيط، لكن احتفالات الاستقلال الوطني بأكجوجت كانت لوحة فنية تعكس فسيفساء الوطن بكل ألوانه، ولئن كان العرض العسكري الرائع أثار إعجاب المواطنين، إلا أن مشاهد أخرى التصقت بالذاكرة، وأجبرت الجميع على التوقف أمامها إعجابا وتقديرا.

فعندما يجلس على منصة العرض الرئيس سيدي ولد الشخ عبد الله، والرئيس محمد خون ولد هيداله، والزعيم أحمد ولد داداه، وتأخذ شخصيات معارضة مكانها في الصدارة، مثل زعيم المعارضة الديمقراطية، ورؤساء أحزاب المعارضة – مع حفظ الأسماء والألقاب- نكون أمام مشهد وطني في حد ذاته يعتبر إنجازا غير مسبوق، يجعل موريتانيا مقبلة على مرحلة من الانسجام والتصالح مع الذات، والشراكة الوطنية الحقيقية التي لا تستثني أحدا مهما كان موقعه، وفي خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني أكد فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني هذه المعاني السامية، فالعدالة ستأتي للمواطنين بدل الذهاب إليها، بفتح مكاتب في جميع الولايات لتوفير خدمة قضائية لمن يحتاجها، ولسان حال الشعب اليوم " لدينا رئيس لا يـُظلم عنده أحد".

وشكل تنفيذ وعد الرئيس خلال الحملة بإنشاء "المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء"، وإشراك المعارضة في تسييرها في سابقة دليلا عمليا على جسر الهوة بين طبقات المجتمع، وحرصا من رئيس الجمهورية على استفادة جميع المواطنين من خيرات وطنهم، فالوطن شجرة يتفيأ الجميع ظلالها، وموريتانيا تسع الجميع، وتحتاج لجهود جميع أبنائها – كما أكد ذلك فخامة الرئيس في أكثر من مناسبة-، ورغم ابتعادي عن الشأن السياسي في معظم الأحيان، إلا أنني أعتقد أنه من واجب كل مواطن مسايرة توجه الإصلاح والانفتاح والتآخي، وروح الشراكة التي انتهجها فخامة الرئيس، فكانت مائة يوم من حكمه كافية لإقناع الجميع بأن موريتانيا مـُقبلة على مرحلة ازدهار تنموي يساهم فيه الجميع، ويستفيد منه الجميع، وكما أكد الرئيس في خطاب ذكرى الاستقلال التاسعة والخمسين فإن تحقيق ذلك يتطلب وحدة وطنية حقيقية يستشعرها الجميع واقعا ملموسا، لتتكامل جهود القمة والقاعدة فتبحر سفينة وطننا الغالي نحو بر الأمان بقيادة رئيس نال ثقة شعبه فكان أهلا لها.

 

*أم كلثوم محمد الطايع*

سبت, 30/11/2019 - 22:25