لا يكاد يغمض ولد عبد العزيز جفناً بسبب ما يعتبره خيانة له من طرق أقرب المقربين منه، حتى أن هاجس “الخيانة” أصبح حاضرا لديه، لا يفارق ذهنه، فكلما أسدى له أحد نصحاً فيما يتعلق بعلاقته بصديق الأمس محمد ولد الغزواني صاح في وجهه “أنت أيضا.. تريد أن تخونني؟!”، كما فعل مع صهره محمد ولد امصبوع الذي هاج الرئيس في وجهه بمجرد أن طلب منه التهدئة لأن “الدخول في صراع مع الرئيس الجديد لا يخدم مصالح الأسرة”.
كان يحي ولد حدمين أول من تخلف عن ركب ولد عبد العزيز، حيث اتصل به أحد المقربين منه عقب تصريحاته خلال اجتماعه باللجنة المؤقتة لتسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، فكان رد ولد حدمين “نو…نو..صاحبنا (يقصد عزيزاً) هو الظالم”، و في اليوم الموالي تفاجأ ولد عبد العزيز حدَ الانبهار و هو يطالع في الصحافة بيان ولد حدمين المؤيد لولد الغزواني”.
احميده ولد اباه أيضا مستشار ولد عبد العزيز،( المسؤول عن التنصت على الهواتف و قرصنة الإيميلات و ابتزاز المعارضين و المسؤولين بتسجيل حياتهم الخاصة، وهو أمر لم يسلم منه ولد الغزواني نفسه) كان أيضا من ضمن من تفاجأ ولد عبد العزيز بـ”خيانتهم” له، حيث رأى أن الدائرة تدور عليه، فغادر البلاد إلى المغرب و منها إلى فرنسا، متحاشيا التواجد في موريتانيا عند عودة ولد العزيز. و كان احميده قد زار ولد عبد العزيز في تركيا، حيث أَوهمَ أنه يسافر للسعودية ثم سافر من موريتانيا إلى الجزائر ليقطع منها تذكرته لاسطانبول، حيث مكث أياما رفقة ولد عبد العزيز فيها، و كان يراهن على عودته للسلطة.
مقربون من ولد عبد العزيز يتهمون احميده بالتجسس على الرئيس السابق، و يربطون بين استهداف “بازب” و رصد ولد اباه لمكالماتهم، و يذهبون لأبعدَ فيتهمونه بالتنصت على ولد عبد العزيز و تسجيل مكالماته و أحاديثه التي ينتقد فيها ولد الغزواني.
و هكذا أيضا كان الوزير الشاب محمد ولد عبد الفتاح الذي تعوّد أن يخاطب ولد عبد العزيز بـ “بابا”، و الذي تعتبره الأسرة التي كانت حاكمة جزء منها بحكم صداقته الوطيدة بابنها الراجل أحمدّو، خان هو الأخر الرئيس السابق، حيث مثّل عليه الولاء و أوهمه بالدوران في فلكه، ثم كان عيناً عليه و رصداً لحركاته و سكناته، التي كان يبلْغ بها. و قد دافع أحد أصدقاء الوزير الشاب عنه بأنه “في ريعان شبابه السياسي، فلن يربط مستقبله بمن أدبرت أيامه”.
و لم يكن المختار ولد اجاي بمنأى من ذلك، فقد تطابقت المصادر أنه لازم ولد عبد العزيز، عند عودته للبلاد، فكان يناجيه و يتهامس معه، و يقرأ أفكاره، ثم ينقل عنه كل ذلك.
و هكذا أيضا تقول مصادر متطابقة أن الضابط عالي ولد علوات، الذي كان مقربا جدا من ولد عبد العزيز، كان يبلغ عن اتصالات ولد عبد العزيز به، و ينقل ما يتحصل عليه من معلومات عنه،
المحيطون بولد عبد العزيز يتقلصون اطّراداً، و رجال ثقته يخيّبون أمله، و الرجل يتردّى به الغرور و تضخم الأنا إلى حضيض النهاية.
و لكن كيف يمكن الوفاء بعهد شخص لم يعرف الوفاء أبداً؟!
مريم منت عينينه