حاول الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، طيلة مؤتمره الصحفي الليلة البارحة، اختصار الأزمة الطارئة بينه وخلفه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في إشكال قانوني داخل بيت حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
ورفض بشكل قاطع أن تكون للقضية أبعاد أخرى تتعلق بنواياه حول المشاركة في السلطة أو استعادتها، مستغربا كل الاجراءات التي أقدم عليها النظام في قيادة الأمن الرئاسي "بازب"، وما صاحبها من معلومات توحي بتخطيطه للعودة لسيادة القصر الرمادي.
ظلت نبرة التحدي حاضرة في مختلف فقرات المؤتمر الصحفي، فوصف إشكال مرجعية الحزب ب" الفكرة الجنونية والشيطانية وغير المسؤولة"، معبرا عن رفضه المطلق لها ومضيه في ذلك الرفض إلى أبعد الحدود.
وألمح ولد عبد العزيز إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء بغية إعادة الحزب إلى ما وصفه بمساره الدستوري والقانوني، أو اللجوء إلى خيارات أخرى، لم يسمها.
وقال إن ما تعرض له حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو عملية اختطاف من قبل أشخاص لا ينتمون له أصلا، ولم يترشحوا باسمه، في إشارة إلى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
وفي مقابل هذا التصعيد، ردد الرئيس السابق، أكثر من مرة، أنه لا نية لديه في السلطة ولا في المشاركة فيها ولا في رئاسة الحزب، وأن دافعه الوحيد للعودة إلى البلد والاجتماع بلجنة تسيير الحزب هو الغيرة على المكاسب الديمقراطية، والمساعدة في ترسيخها من خلال العمل من داخل صفوف حزب هو المنتسب رقم واحد فيه، وهو من أسسه قبل عشر سنوات.
وأضاف أنه في ظل إحكام الطرف الآخر السيطرة على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بطريقة وصفها بغير الدستورية وغير القانونية، لم يبق له ولرئيس لجنة التسيير ونائبه غير النأي بأنفسهم عن المؤتمر المقرر يومي 28 و29 من شهر دجمبر الجاري، مؤكدا أنهم لن يستعملوا السلاح لاستعادة شرعية الحزب.
وفي ردوده على أسئلة الصحافة بعث ولد عبد العزيز رسائل في مختلف الاتجاهات، منها ما هو موجه للرأي العام، ومفاده أنه لا يخضع لإقامة جبرية، وأنه فاعل سياسي وسيستمر في التعاطي مع الشأن العام.
وهنالك رسالة تطمين غير مشفرة تم توجيهها لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، تقول بالحرف الواحد: "سلمتك السلطة طواعية وسافرت إلى الخارج بغرض إتاحة الفرصة لتدعيم حكمك، ولا نية لدي في مقعدك الرئاسي، ولا في التحكم بتوجيه أغلبيتك البرلمانية.. فقط أمارس حقي كمواطن بسيط، والمشكلة حزبية حصرا ولا شأن لها بالسلطة التنفيذية".
رسالة أخرى كانت من نصيب العمد، والمنتخبين عموما، ومناديب مؤتمر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهي أن بعضهم لا وزن له ولا تأثير في المعادلة السياسية، والبعض الآخر نسي دوره القيادي وبات يتلقى الأوامر من أتباعه.
كما وجه رسالة ضمنية إلى فرنسا، التي ربما لاحظ انحيازها ضده في الأزمة القائمة أو يرى أنها لعبت دورا ما في إقناعه بالتخلي عن السلطة، فرفض الحديث باللغة الفرنسية أكثر من مرة، بعضها كان مصحوبا بتشنج لافت.
أما الرسالة الأهم، التي حاول ولد عبد العزيز إيصالها عبر البريد السريع المضمون، فهي أنه أب الديمقراطية الموريتانية وواضع أسسها وكافل الحريات، وأنه يتدخل كلما كان هناك خطر يتهدد الدستور والقانون.. وذلك تحسبا لأي طارئ في حال تطورت أزمته مع النظام ووصلت حد المساءلة والاعتقال، فيبدو حينها سجين رأي يستحق مؤازرة الجميع، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان.
تحرير وكالة الوئام الوطني للأنباء