وكالة الوئام الوطني - التراث مفاهيم وآراء وافتراءات وتحريف لرسالة الإسلام، تستهدف نبل دعوة الإسلام وطمس القيم السامية في كتاب الله وصرف العرب من اتّباع أوامر الله سبحانه في الوحدة بأمره لهم في قوله:
« وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ » ثم أنذرهم بقوله سبحانه: «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» (الأنفال: 46)
فلم يستجيبوا له لأنهم في معزل عن الآيات حين طغت على عقولهم الروايات فأصبحوا يعيشون في حلقة مفرغة بين ما اختلقوه مما سميت أحاديث بعشرات الآلاف من مصادر متعددة لكي يتعرفوا على الصحيح منها والمكذوب والآحاد والمتواتر، واستمرؤوا المجادلة والخلاف حتى تمزق المسلمون إلى فِرق وطائف يقتلون بعضهم بكل الوحشية، ويتلقون الروايات كأنها أوامر إلهية تدعوهم للقتل والتدمير.
شيوخ الروايات حجروا على عقول المسلمين
وهكذا ضاع من عمر العرب بالذات أربعة عشر قرنًا اختطف الشيوخ والعلماء عقولهم وحجروا على تفكيرهم وحرموهم من المساهمة في الحضارة الإنسانية التي يدعو لها القرآن المبين من تشجيعه للعلم والاكتشافات والاختراعات والتعرف على كنوز الأرض لاستغلالها لمنفعة الناس.
لقد تكفل شيوخ الدين بمنع فكر المسلمين العرب من المشاركة مع دول العالم المتقدمة والانفتاح عليهم متخذين موقفًا مغايرًا لقول الله سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ ..» (الحجرات: 13)
والتعارف يتطلب التواصل مع الآخرين وتبادل العلوم والخبرات، ولكن الدعاة أجرموا في حق رسالة الإسلام بعد ما تم تلويثها بالروايات التي شغلت كل الذين يحاولون استخدام عقولهم استنباط معارف حديثة والرجوع للقرآن يستمدون منه النور الإلهي والإيمان بفتوحات علمية، بل دفعوا الناس لغزو المجتمعات العربية وغيرها باسم الفتوحات التي لا تمُتّ لرسالة الإسلام بصِلة، وهم يعلمون أن الله أمر رسوله بتبليغ رسالته وحدد له اُسلوب دعوته في قوله سبحانه: «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ » (النحل : 125)
تلك هي الوسيلة الوحيدة التي كلفه الله بها، ولم يأمره بغزو الدول (الفتوحات) بل كانت غزوات سياسية ومصالح دنيوية دفعتهم للحروب والقتال والاحتلال.
ثم ظل أولئك الشيوخ يدعون في المساجد دعاء التدمير لأصحاب الديانات الأخرى من أن ينزل على شعوبهم غضب الله، ويرسل عليهم الصواعق ويشتت شملهم، فخلقوا حاجزًا نفسيًا بين العرب المسلمين وبين الأمم الأخرى.
هم يتعلمون ويتقدمون في شتّى العلوم والمعارف ونحن جالسون في المساجد ندعو عليهم بالويل والثبور.
شيوخ الروايات سبب تأخر المسلمين
لقد كان شيوخ الروايات السبب الرئيسي في تأخُّر المسلمين عن ركب الحضارة بخطاب الكراهية الذي يدعون إليه، وظل العرب قبائل متناحرة وطوائف متصارعة كلٌ يغزو أخيه وكلٌ يبني دولته، فلم يتعلموا من الإسلام غير اللقب والعبادات، وعزلو ا من القرآن كل الأخلاقيات السامية والعلاقات الإنسانية، وقطعوا الروابط الأخوية بين الأوطان العربية إلى يومنا هذا حينما وظّفوا الروايات لتكون عقيدة الإرهابيين من الإخوان والقاعدة وداعش والتكفيريين القتلة. يحاربون الله ورسوله ويحاربون الآمنين.
ذلك هو الإسلام الذي قدمه لنا شيوخ الإسلام ولا زالوا مُصرّين على الخطيئة بهجر القرآن وعدم اتّباع تعاليمه التي تدعو للرحمة والعدل والحرية والإحسان والسلام.
لقد منعوا حرية التفكير والله يدعونا للتفكر في آياته والتدبر في قرآنه كما يقول سبحانه: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (آل عمران: 191)
لقد جعلوا أنفسهم أوصياء على الإسلام يكفّرون من يشاؤون والله منح حرية العقيدة للناس بقوله: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ ..» (الكهف: 29).
الله سبحانه لم يتخذ له وكيلًا في الأرض
تلك الحرية صادرها شيوخ الإسلام ونصّبوا أنفسهم وكلاء عن الله في الأرض، فإذا كان الله سبحانه لم يعطِ ذلك الحق لرسوله وكيلًا عنه فمن أعطى شيوخ الدين ذلك الحق!
ومن ما مر على المسلمين من أدعياء الدين من كوارث الفتن والصراع والقتل باسم الإسلام، آن الأوان أن يوضع حدًا لذلك، فليس في الإسلام كهنة أو وكلاء عن الله، فكل إنسان سيحَاسب بعمله كما قال سبحانه: «وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ ۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ» (الأنعام: 94).
والخلاصة أن خالق الكون رب السموات والأرض الرحمن، وهو الذي أنزل على رسوله القرآن ليبلّغ الناس رسالة الإسلام أن الله لا إله غيره، والكتاب هو القرآن ورسول الله خاتم النبيين.
وعلى هذا الأساس فكل كلام عباد الله اجتهادات من عند أنفسهم لا علاقة لها بنا، بل هي والعدم سواء، والمسلمون ليسوا ملزمين بالتراث فهو ليس بكلام الله، بل هو كلام بشَر دُفن معهم في القبور.
وختامًا فالله يأمرنا بقوله: «اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ» (الأعراف: 3)