باتت ظاهرة جنوح بعض شباب المسلمين لدعوات الإلحاد لافتة أكثر من أي وقت مضى، وأصبح الوقوف في وجهها والتصدي لخطرها أكثر إلحاحا.
لكن مجرد الإدانة والتشهير بالمنحرفين والمطالبة بمعاقبتهم لن يكون له الأثر المرجو، ولن يعيد الشباب المنحرف إلى جادة الصواب، كما أنه لن يحد من انتشار الظاهرة الخطيرة على الدين والدولة والمجتمع.
فلكي تعالج مرضا ما، عليك أن تلجأ لأصحاب الاختصاص، وأن تعمد إلى تشخيص الأسباب وتبحث عن الدواء المناسب، فلا جدوى من لعن المرض والمريض.
إن تزايد أعداد الشباب الملحد في المجتمعات الاسلامية سببه الجهل المنتشر على نطاق واسع، ولا شيئ غيره.
وأتصور أن علاج الشباب المنحرف يكون بالدعوة بالحكمة وتعليم الجاهل، وعدم إعانة الشيطان عليه بالسبب والتكفير.
هم ضحايا التجهيل والتجاهل، ولذلك تجدهم يناقضون أنفسهم بالدعوة إلى الإلحاد والعمل لصالح دين غير الإسلام.
ولا ننسى أن المجتمع، بعلمائه ونخبه وأسره، والدولة، بقادتها ومؤسساتها التربوية، مسؤولون عن انحراف الشباب الذي راح ضحية للتجهيل والتجاهل من قبل الجميع.
لا تلوموهم ولوموا أنفسكم.. إذ لا سبيل لزرع الأخلاق وتعليم الأحكام إلا عن طريق تكاتف حهود الأسرة والشارع والمدرسة والعلماء، حتى لا يترك الشباب ضحية للأفكار الهدامة الوافدة التي تدعو لإعمال العقل بغرض الوصول لاستنباط في غير محله.
حصنوا أبناءكم بالعلم، ولا تحاولوا بناء الأسوار للتحكم في حركة الطيور، فذلك العبث بعينه.
إن المعلومات المتدفقة عبر الفضاءات المفتوحة لن تستأذن لدخول بيوتكم أو هواتف أبنائكم، ولا حتى عقولهم.
وعلينا أن ندرك أن هبوط إبينا آدم، عليه السلام، من جنة كلها خير، تم على أرض تحمل ميزانا كفتاه الخير والشر، وأن الكفتين محكومتان بنظام التناسب العكسي، فثقل إحداهما يعني بالضرورة خفة الأخرى.
لقد عجزنا عن توفير بضاعة كفة الخير، من علم وعمل به وأخلاق ومنفعة للغير... لنترك الساحة فارغة للمستثمرين في إنتاج بضاعة كفة الشر، المتمثلة في الجهل والمعاصي والانحراف والإضرار بالناس... ونحن نقرأ في كتاب ندعي الإيمان به: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، صدق الله العظيم.