الأخذ بالأسباب لاينافي التوكل

 

قد يظن البعض أن الأخذ بالأسباب والاكتساب ينافي التوكل ، وأن الأمور إذا كانت مقدرة فلا حاجة إلى الأسباب ، وهذا فاسد .

فالأخذ بالأسباب لاينافي التوكل على الله بل هو مما أمر الشرع به ، مع الاعتقاد أن الضر والنفع بيد الله سبحانه.

فالتوكل الصحيح إنما يكون مع الأخذ بالأسباب وبدونه تكون دعوى التوكل جهلا بالشرع .

فليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول البعض ، وإلا كان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل في قوله تعالى{{ وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله }}آل عمران ١٥٩.

ومما يدل على ضرورة الأخذ بالأسباب قوله تبارك وتعالى لمريم عليها السلام {{ وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا }}مريم ٢٥ ،  فلا يتصور أن يسقط أربعين رجلا تمرة من نخلة بهزونها فكيف بامرأة نفسآء ، 

فلو شآء الله أن تجنيه من غير هز النخلة لجنته ولكنه يسن بذلك للأخذ بالأسباب ، فكل رزق له سبب .

وقوله تبارك تعالى {{ يايها الذين آمنوا خذوا حذركم }}النسآء ٧١.

وقوله عز وجل {{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل }}الأنفال ٦٠.

وقوله تعالى {{ فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه }}الملك ١٥.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل المتوكلين يلبس لامة الحرب ويمشي في الأسواق .

وقد أخرج ابن حبان في صحيحه (( أن رجلا جآء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يترك ناقته وقال : أأعقلها وأتوكل؟ أو أطلقها وأتوكل؟ فقال صلى الله عليه وسلم : اعقلها وتوكل ))

وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم ، 

وقد قال عمر رضي الله عنه (( لايقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول : اللهم ارزقني ، وقد علمتم أن السمآء لاتمطر ذهبا ولا فضة ))

خلاصة القول أنه على العبد أن يتوسط في أمره بين الأمرين ، فلا هو بالذي يهمل الأسباب مطلقا ، ولا هو بالذي يتعلق قلبه بها وكأنها كل شيء .

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحمي بلادنا وجميع بلاد المسلمين من كورونا وكل الأمراض والأوبئة ، وأن يديم علينا وجميع المسلمين الصحة والعافية إنه ولي ذلك والقادر عليه ...

محمدالسالك ولد مدو

 

ثلاثاء, 24/03/2020 - 17:01