إن الغارات الإسرائيلية المستمرة على سوريا، والإجرام الذى ترتكبه تركيا فى تدمير الدولة السورية، متعاونة مع العدو الإسرائيلي فى معركة ضد الوطن العربي السوري، لتحييد سوريا فى معركة المصير العربي، واسترداد الحقوق العربية المسلوبة، سواء كان فى الجولان أو الإسكندرونة أو فى فلسطين المحتلة والمغتصبة، يضاف إلى الإجرام التركي رعايته للإرهاب ودعمه قوى الشر بالسلاح لاحتلال ليبيا وتحويلها الى ولاية عثمانية.
يسفكون دماء الشعبين السوري والليبي وإخوانهم العرب يغطون فى سبات عميق، والأمانة العامة للجامعة العربية تعيش فى البيات الشتوي، دخلوا الكهوف، وأخشى أنهم سيظلون فيها مثل أصحاب الكهف إلى أن يشاء الله، وقد انتهت صلاحية الجامعة منذ تأسيسها، حيث لم تتصد على المستوى الإقليمي والدولي للدفاع عن الحقوق العربية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاولة التدخل الدبلوماسي مع الأطراف المتحاربة والمحرضة من أجل وقف سفك الدماء، وفى حال فشلت نتوجه للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتدخل الدولي، واتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، ومعاقبة المعتدى بإجراءات فعالة ليتوقف عن عدوانه.
ألم تكن مسئولية الجامعة متابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة من قبل الدول العربية في كل ما يتعلق بتنفيذ اتفاقية الوحدة الاقتصادية، واتفاقية الدفاع المشترك من أجل حماية الأمن القومي العربي؟! كيف تقف الجامعة العربية وأمينها العام ينظرون إلى العدوان الإسرائيلي والتركي دون أن يتخذوا موقفا بتقديم شكوى للأمم المتحدة ومجلس الأمن للمطالبة بردع البرابرة والمجرمين عن استمرارهم فى تدمير سوريا وليبيا، واستباحة الدول العربية وكأنها أصبحت كالقطيع، لا يوجد بينهم مصير مشترك، ولا عدو يهدد أمنهم ووجودهم، ويسطواعلى ثرواتهم ويسخرهم لخدمة أهدافه الخبيثة!
كيف تصمت الجامعة أمام الوقاحة الإسرائيلية والتركية باستمرار تهديد الأمن القومي العربي؟! لماذا لا تطلب اجتماع قمة عاجلا ليعيد العرب فى مسيرتهم الحالية لينظروا للمستقبل، حتى لا يزداد سوادا وظلمة، ويستسلموا للمجهول دون البحث عن كافة الوسائل التى تعيد للعالم العربي تضامنه ووحدته، حماية للوجود العربي، والحفاظ على ثرواته، من اللصوص والثعالب الذين يتحينون الفرص للانقضاض على أمة ضاعت وسط الزحام، تفرقت وتقاتلت ولديهم كتاب يدعوهم للوحدة فى قوله سبحانه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) ( الآية 103من سورة آل عمران) ويحذرهم من التنازع والخلاف الذى تشعله العصابات الدولية، من أجل السيطرة على ثروات الشعب العربي، وتوظيفها لصالحهم، حيث يقول سبحانه (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)(سورة الأنفال).
أين الحكماء وأين القيادات السياسية وأين البصيرة والرؤية أين العروبة والأخوة والروابط العميقة بين الأشقاء العرب كيف يقبل العقل من أجل عصابة الإخوان أن يضيع مستقبل أمة ويتفرق الأشقاء من أجل مصالح ضيقة وأفكار فاسدة اتخذت الإسلام وسيلة للوصول إلى السلطة لتمارس القتل والتدمير، وتنشر الفزع بين الآمنين فى العالم العربي، فهم قرامطة هذا القرن، يسفكون دماء الأبرياء التى حرمها الله، ويدمرون المدن التى أمر الله بتعميرها، ويثيرون الفزع فى الناس، وقد أمرالله الناس بدعوته للرحمة والعدل والسلام!
هل يقبل المنطق أن تضيع أمة وتنهب ثروات الوطن العربي، وتسقط دول من أجل حفنة يحملون فكرا مريضا يتعارض مع رسالة الإسلام التى أنزلها الله على رسوله الكريم فى قرآنه المبين ؟!
متى يفيق العرب ومتى يراجعون ما حدث من أخطاء وخطيئة؟ وكيف يعوضون عشرات الالاف من أبنائهم سقطوا مضرجين بدمائهم ظلما وعدوانا؟! ألم يحن الوقت بعد ما حدث للأمة العربية من تمزق وصراع للجلوس على طاولة واحدة، ووضع أسس جديدة للعلاقات العربية، وإعادة النظر فى ميثاق الجامعة العربية ليكون معبرا عن مرحلة المستقبل للشعب العربي، يضمن له الأمن والسلام والاستقرار، ووحدة الصف والهدف، لحماية الأمن القومي للأمة العربية فكفانا تمزقا، وكفانا تشرذما، لنقف صفا واحدا أمام اللصوص والثعالب والذئاب من أعداء الأمة العربية لإجبارهم على احترام العالم العربي، وعدم التفكير يوما بعدوان على أي قطر عربي، أو استلاب أي جزء من أراضيه ، والله أدعو فى هذا الشهر الكريم شهر الرجوع إلى الله الواحد الأحد الذى يعز من يشاء ويذل من يشاء نتبع أوامره فى الوحدة ونجل تحذيره من التنازع والفرقة ، لأن ذلك يعتبر عصيانا لأمر الله فأين تذهبون من قضائه وقدره؟! فكم أمم زالت وبادت بعقابه لما ظلموا بعد تحذيره لهم؟!
فلنتبع كتاب الله ونعمل صالحا، وتتوحد الصفوف وتلتحم القلوب، وتتكاتف الأيدى من أجل خير الأمة العربية لبناء مستقبل مشرق للمواطن العربي، يعيش فى وطنه مكرما عزيزا مستعدا للتضحية بكل غال ونفيس من أجل استقلال وطنه وحرمته.