حين اتجهت بوصلة التحقيق البرلماني إلى صاحب السعادة السفير ، أقدم على استقالة فريدة ، كانت محل إشادة من طرفي ، باعتبارها سابقة بين المُحَقَّق معهم ، غير أن هامان #حين اعتبرناه يبحث عن الحقيقة الإيمانية لاتباع الحق ، كان في الواقع يعد الطين المحروق " القرميد " لبناء الصرح ، حتى يمكن معبوده الذي استخفه فأطاعه ، من الاطلاع على إله موسى ( وهو أمر بعيد المنال ) ، مستجيبا لأمر فرعون "فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى" أما #حين استرضى الغرب استدلالا بفكرة ( جون ديمتري نگرو بونتي ) وخطته للفوضى الخلاقة ، وإعجابا بمظاهر الحضارة الغازية ، واحتقارا للفكر الإسلامي في طرق المواجهة ، فكان مصداقا للآية " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى ..." ، وتلك خطيئة مثقفينا الذين ابتعثوا للدراسة في الخارج ، فانبهروا بما لدى القوم ، وصار حلما لحياتهم ، دون تمييز بين المتغير من وسائل الحياة ، والثابت من أصول الدين .
انتقل سعادة السفير في تصوره للربيع البرلماني ، بشكل يؤسف القارئ ، #فحين أخطأ دعاة الرحيل تقديرهم للحالة الموريتانية ، التي تختلف عن دول الربيع العربي بحداثة عهد الرئيس بالسلطة ، #حين كان النظام في عمر الرضاعة ولما يكمل الحولين ( فقد استلم معبود هامان السلطة #حين تفرعن عليها في الشهر السابع من سنة 2009 ) بينما قامت الثورات العربية على حكام قضوا ما بين 30و40 سنة
أخطأ هامان مرة أخرى في حق الوطن ، #حين اعتبر أن تضحيات الشعب الموريتاني ووعيه بمخاطر المحيط الإقليمي ، هي جزء من إرادة فرعون الذي أقنعه بآلهته السياسية ، فنسب له الفضل في امتناع الشعب عن المشاركة في غير المقنع لا حسابيا ولا سياسيا ولا زمانيا ولا مكانيا ، فصار معبوده السياسي ، ولقبه على لغة الإغريق " آلهة الرئاسة " ، متناسيا أن الله قال " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ففشل في نسبة الفضل في إفشال الزعزعة من الشعب إلى غيره .
غير أن الصرح هوى #حين تزلف هامان بعبوديته لفرعونه ، في بحر طربي غير موزون المواطنة ، فلم يبدأ من " لكحال " لإشباع ذائقة المطروب له ، ولم ينته ب " لبياظ " لإمتاع السامع ، فكان أقل حبكا من " بوسوير " وأقرب لسرد " اتفيتيت " دون معنى يقتفى أو مبنى ينتقى ، فأدار بوصلته بشكل خاطئ في اتجاه رعاية مصير معبوده بدل وطنه ، فكان عليه الإيمان بالوطن والحرص على البلد والخوف على الدولة ، ولكنه آثر التزلف لآلهة الرئاسة ومحاولة تدعيم الصرح من جديد ، رابطا مصير بلد وقدسيته ، بندرة علاقة ، لم ينتبه أن جانب الندرة فيها كان من الطرف الذي لم يحسب له فرعون وهامان حسابا ، فكان لهم كما في الآية : "فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا " فنجا الوطن ، وخاب ظن من اعتبره عرضة للمخاطر بربطه بمعبوده .
واستدرك هامان الموقف قائلا " على هامان يافرعون " #حين ذكَّره بأنه اختار أغلبية البرلمان بعيدا عن الكفاءة والأهلية ، كي يمرروا له المأمورية الثالثة " معبودة فرعون " فكانوا بذلك " كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ" غير أنه نسي أن من البرلمان من مثله "كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ" وهم من قاموا بالتحقيق إرادة خالصة لمصالح الوطن العليا بعيدا عن عبودية "آلهة الرئاسة " اكتمل خشوع هامان في طقوس عبادته لفرعون ، سبيلا إلى إقناع العامة ب" آلهة الرئاسة " ليحكم على التحقيق بالجرم ، لأنه تدنيس للآلهة المزعومة عنده ، معتبرا أن ما قاموا به من توبة بدعم التحقيق ، هو ردة كبرى ليئد بذلك الفكر والسياسة والأخلاق في فضيحة واحدة ، مجسدا الحديث " إذا لم تستح فاصنع ما شئت
" إن هذا الربيع البرلماني " اخريف بَجْعَارِينُ" مبارك وسعيد ، و "إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ " وسيمر البلد بسلام ، لا يكدره فقد صداقة ، وسيكون صورة حسنة للوطن وسمعته ، وكمواطن لا صفة لي أشرف منها ، للاستعلاء إلا الإيغال في الوطنية ، فإني أبشركم بأن الوطن بخير ويسير في الاتجاه الصحيح ، رغم تزلف هامان لفرعون .
النائب : محمد بوي الشيخ محمد فاضل