التَّحذق بألسنة الموتى …/ محمد ولد سيدي عبد الله

 

ترى نازك الملائكة أن الشاعر المتكلف كالراقص الذي ينظر بين قدميه، ويرى المتخصصون في الفنون وقراءة اللوحات أن تعدد الألوان والخطوط التي يضيفها بعض الحرفيين على صنعاتهم يزيدها قتامة، ونعرف في موروثنا الشعبي قصة تقليد الرّخمة للغراب…!
في سياق التحضير لأحد أعداد مجلة الموكب الثقافي، ونظرا للقيمة الفكرية للمرحوم محمد يحظيه ولد أبريد الليل، ولما يرمز إليه ظهوره اسمه مع موضوع علمي أو ثقافي قررت أن استكتبه، وكلفني التواصل معه عدة اتصالات تدخل على إثرها بعض أصدقائه ورفاقه، من بينهم خله دفالي ولد الشين وآخرون…
وفقت في التواصل مع المرحوم، وتعهد بأن يكتب لصالح الموكب الثقافي فور انتهائه من عمل فكري كان قد شرع في إعداده، ومكن هذا الاتصال من التطرق لحاجة الساحة الثقافية إلى مساهمة بعض الأسماء، واعتبر المرحوم أن الأجواء التي شهدتها البلاد في الفترات الماضية فرضت عليه الانخراط في العمل الساسي، وتسخير قلمه وفكره للسياسة، رغم وعيه لما تستحقه مجالات أخرى من عناية؛ وأكد المرحوم أنه يعتقد أن الظروف الحالية ستسمح له بالمساهمة في مجالات أخرى، لأن الفترات التي تطمئن خلالها الشعوب على ذواتها وكياناتها، هي الفترات التي يمكن أن تشهد إبانها ازدهارا فكريا.
بهذه الحذاقة عبر الفقيد قبل وفاته بشهرين من خلال كلمات تتبختر في قيودها، عن ما اعتبرها أجواء غير مسبوقة تشهدها البلاد.
هي مشية محترف يهتدي على حفر الجمر المطمورة تحت الرماد، لما خبر واختبر ، ومشية مثقف واع أمَّن فكره من الضياع والتمييع - قبل أن يغادر دون أن يودع - في رقاب أصدقاء ومتابعين ومهتمين، يأخذهم قاموسه، ويميزون بين أقواله و“التقولات” عليه.