الوئام الوطني/
مع اتساع مدينة انواكشوط وإيوائها لربع ساكنة البلد، بات البحث عن العمل يتطلب الكثير من الجهد، وأصبحت الحاجة إلى كسب المال تزداد مع طلوع كل فجر.
لم تعد المدينة الساحلية كما كانت فى السابق، ولم يعد الشباب ينتظر الولوج إلى الوظيفة العمومية، فلا هي متاحة للجميع، ولا المصاريف المتزايدة تسمح بالانتظار.
وتحت ضغط الحاجة وتفشي البطالة، لم يكن أمام معظم خريجي الجامعات غير الانخراط في الأعمال الحرة والمبادرات الفردية التي لا تناسب مجالات تخصصهم، لكنها تؤمن لهم دخلا لا غنى عنه لتلبية احتياجات لا ترحم ولا تحتمل التأجيل، ولا تعترف بالمبررات.
قد تكون تلك الأعمال مجرد محطة مسافر على طريق البحث عن شغل يناسب مستوى الشاب التعليمي وتخصصه الذي التهم جزءا لا يستهان به من عمره، لكنها، في كثير من الحالات، تكون محطة النهاية، والعمل الدائم لبعض أؤلئك الشباب الذين يرون أن حفظ الموجود أولى من طلب المفقود.
ويعتبر سوق "نقطة ساخنة"، الذي تأسس على فكرة بيع الهواتف النقالة قبل أن يطال صنوفا لا تحصى من التجارة، مثالا حيا لشباب لا ينتظر الوظيفة ويشق طريقه من أجل الحصول على عيش كريم.
محمد بحث كثيرا فى الانترنت عن الطريقة التى يصلح بها الهواتف النقالة والبرامج التى تساعد فى تطوير الهاتف، واستطاع أن يتعلم بنفسه ويحصل على مهنة توفر له دخلا يوميا لا يمكن أن يحلم به أقرانه في الوظيفة العمومية.
مثله مثل الكثير من الموريتانيين الذين اختاروا المبادرة وعدم الإتكال أو انتظار المجهول.
رؤية هؤلاء الشباب للعمل تنطلق من حكمة مفادها أن الباحث عن الشغل يبدأ صغيرا، لكنه ومع مرور الوقت، يكبر كلما تدحرج في السوق، تماما مثل كرة الثلج.
ففي وسط العاصمة وأطرافها هناك من يبيع السمك وحبال الصيد، ومن يزرع الأرض، ومن يصلح الهواتف النقالة أو يبيع الرصيد، ومن يبيع لبن الإبل، وآخرون يبنون المنازل، أو يزخرفونها... والقائمة تطول.
لقد تعددت الحاجات، فتنوعت معها اختراعات سبل العيش الكريم.
تقرير/ جمال أباه