رغم التأثيرات القوية لجائحة كورنا، وما تسببت فيه من أضرار بالغة وقوية، ضربت الاقتصاد العالمي بشدة، والقت بظلالها على كل مصادر الدخل البشري على اختلاف تنوعها، حتى تسببت في كسر رافعات تنموية عديدة، واحالت مؤسسات ضخمة وقوية إلى التقاعد، وأقعدت أخرى عن المنافسة، بل، عن المواكبة..!
تأثيرات وتداعيات لم تسلم منها دول قوية تملك تنوعا اقتصاديا، وتعتمد أساليب متطورة وتقنية غاية في الحداثة والتفوق، وتعتمد التنوع في الصناعات أساسا لحماية منتجها القومي؛ فمابلك بؤخرى فقيرة وضعيفة يقوم جل دخلها على الهبات والصدقات والديون مع استفادة بالكاد تذكر من مداخل خاماتها الأساسية كما هو حال بلادنا.
ليس من العصي على أي متابع لتلك التقلبات ان يدرك بسهولة حجم الضرر الذي تسببت فيه هذه الوضعية من شلل للاقتصاد وترهل في المشاريع التنموية وعجز بعض المنشآت الخدمية والعمومية عن القيام بدورها بشكل طبيعي، وطبعا يتعلق الأمر هنا بتلك المؤسسات ذات الامكانات والموارد الهائلة والتي يعتمد عليها الاقتصاد كمحرك وتنتظرها السياسات الاجتماعية لتساعد في خلق فرص عمل ونشاطات موازية تفيد في تحريك راكد الاقتصاد، وتدفع بالمنتج المحلي إلى حيث التنافسية والصدارة..
وبالنظر لكل ذلك فقد لا يكون من الوارد الحديث عن نجاح لبعض المؤسسات السياحية لما يمثله ذلك من ترف غير منطقي وتناقض صارخ مع واقع العالم المعقد والمتأثر سلبا من تداعيات الظرف..
غير أن حالة استثنائية وفريدة حصلت في موريتانيا، حيث استطاع المكتب الوطني للسياحة أن يحول حالة الذعر والفوضى العالمية إلى نقيضها وذلك من خلال تبني سياسة غاية في الدقة والايجابية سهلت له الوصول لأهدافه بشكل لافت، سياسة كان قوامها تفعيل وتقوية الشراكة مع الفاعلين في القطاع والاستفادة من التراكمي التجريي لهؤلاء، وهو ما مكن المكتب من نسج علاقة فورية وقوية مع جميع المؤسسات العالمية التي تقدم خدمات سياحية، فأثمر ذلك التعاون رفع مشاركة موريتانيا في معرض "فيتور مدريد" بضعفين مقارنة مع سنوات الرخاء الماضية.
كما تمكن المكتب من تعزيز قدراته من خلال الاستثمار في مصادره البشرية تأطيرا وتكوينا، وفتح الباب للتعاون أمام جميع المهتمين والمستثمرين والعاملين في القطاع، وعزز من قدرة المنشآت السياحية على الاستقطاب وأعطى للسياحة الثقافية مكانة مهمة، ولا يزال يعمل على توسيع رقعة النشاطات السياحية، وتحويل السياحة إلى صناعة تخدم الفكر والثقافة والفن وتربط بين كل حلقات الانتاج المعرفي والبئي والتاريخي..
يتبع..