الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022: تساؤلات عديدة حول حظوظ كريستيان توبيرا في الفوز؟

فازت كريستيان توبيرا، وزيرة العدل السابقة في عهد الرئيس فرانسوا هولاند (2017/2012)، بالانتخابات التمهيدية "الشعبية" التي نظمها معسكر اليسار نهاية شهر يناير/كانون الثاني، لتضيف بذلك اسمها إلى القائمة الطويلة لمرشحي هذا المعسكر للانتخابات الرئاسية 2022. توبيرا دعت مباشرة بعد فوزها المرشحين الآخرين من المعسكر اليساري إلى "الوحدة" والالتفاف حولها كمرشحة وحيدة ممثلة لليسار.

 

مرشحة أخرى تعزز معسكر اليسار

 

كريستيان توبيرا هي المرشحة السابعة التي ستخوض غمار الانتخابات باسم اليسار الفرنسي، علما أن هدف الانتخابات التمهيدية كان أصلا تقليص عدد المرشحين وتوحيد أنصار هذا المعسكر السياسي. لكن لم يتوصل اليسار إلى هذا المبتغى، كون أن توبيرا قررت التمسك بقرارها في الترشح وانضمت لمرشحين آخرين، وهم آن هيدالغو عمدة العاصمة باريس (الحزب الاشتراكي) ويانيك جادو (حزب الخضر) وجان لوك ميلنشون (فرنسا الأبية) وفابيان روسيل من الحزب الشيوعي وناتالي أرتو (حزب النضال العمالي) إضافة إلى فيليب بوتو (الحزب الجديد لمناهضة الرأسمالية).

ورغم تصريحات توبيرا بأنها تريد "توحيد صفوف اليسار" للفوز بالانتخابات الرئاسية، إلا أنه من الصعب إيجاد الحجج والأسباب التي ستقنع المرشحين الآخرين بسحب ترشحاتهم. حتى استطلاعات الرأي لا تعزز هذه الفرضية ولا تتوقع أن تحصل نائبة غويانا السابقة إلا على 5 بالمئة فقط من الأصوات في الجولة الأولى.

هذا، ورفض كل من آن هيدالغو ويانيك جادو وجان لوك ميلنشون الاستجابة إلى "نداء" كريستيان توبيرا، وعلقوا قائلين بأنها "مرشحة إضافية أخرى فقط" في معسكر اليسار. بالمقابل، يعتقد مناصرو ومقربو الوزيرة السابقة بأن تصدرها لنتائج الانتخابات التمهيدية  الشعبية سيخلق "ديناميكية" انتخابية جديدة قد تجعل ربما آن هيدالغو ويانيك جادو يفكران في سحب ترشحيهما.

بأي برنامج انتخابي ستخوض توبيرا الانتخابات؟

وإلى ذلك، يرى متتبعون للسياسة الفرنسية أن ناخبي اليسار لم يصوتوا لوزيرة العدل السابقة بفضل برنامجها الرئاسي الذي لم تكشف منه سوى عن بعض الخطوط العريضة فقط، بل لكونها "رمزا" من رموز اليسار. ولم يفوِّت كل من جان لوك ميلنشون ويانيك جادو الفرصة لانتقاد عدم عرض توبيرا برنامجها الانتخابي بشكل مفصل، وحذرا من أن "وحدة معسكر اليسار لا يمكن أن تتجسد على الميدان بدون الاتفاق حول برنامج انتخابي".

 

وجدير بالذكر أن من بين مقترحات توبيرا في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2002 والتي شاركت فيها باسم الحزب الراديكالي، تأسيس نظام رئاسي قوي وتقليص الضرائب التي تدفعها الطبقات الشعبية فضلا عن بناء اتحاد أوروبي فيدرالي. وخلال ولاية الرئيس فرانسوا هولاند، لم تغادر توبيرا الحكومة بسبب اختلاف الرؤى فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية المتبعة آنذاك كما قام به أرنو مونتبور أو بونوا هامون، بل بسبب رفضها لمشروع القانون المتعلق بتجريد الفرنسيين المزدوجي الجنسية من جنسيتهم الفرنسية في حال ارتكبوا جرائم إرهابية.

مشاركة رمزية مثل 2002

توصف مشاركة توبيرا في الاستحقاق الانتخابي القادم "بالرمزية" كونها لا تملك حظوظا كثيرة للعبور إلى الدورة الثانية. ففي عام 2002، حصلت فقط على 2.32 بالمئة من الأصوات. أكثر من ذلك، أثرت مشاركتها في الانتخابات الرئاسية سلبا على مرشح الحزب الاشتراكي، وهو رئيس الحكومة السابق ليونيل جوسبان، الذي أقصي من السباق الرئاسي في الجولة الأولى.

وعلى الرغم من ذلك بقيت توبيرا محبوبة من قبل مناضلي اليسار وتملك شعبية مرتفعة لا سيما بعد نجاحها في المصادقة على قانون زواج المثليين الذي غير طبيعة ونسيج العائلات الفرنسية.

وإلى ذلك، أعلنت توبيرا في آخر يوم من شهر يناير/كانون الثاني في حوار مع قناة فرنسية أن فوزها في الانتخابات التمهيدية "يمكن أن يغير المعطيات" في معسكر اليسار، داعية إلى تكوين "أكبر قاعدة شرعية" فيما يتعلق باختيار مرشح اليسار للانتخابات الرئاسية من جهة وإظهار "إرادة قوية وشعبية من أجل إنجاح فكرة الوحدة" من جهة أخرى.

لكن المقربين منها يدركون بأن الصعوبات قادمة في الأيام القليلة المقبلة. لذا يتمنون أن تبين استطلاعات رأي جديدة مدى تعلق الفرنسيين بكريستيان توبيرا ومساندتهم لها.

ويرى متتبعون للسياسة الفرنسية أنه في حال "انتعشت حظوظ توبيرا في استطلاعات الرأي، فهذا بدون شك سيؤدي إلى إرباك منافسيها"، لا سيما آن هيدالغو التي قد يهجرها بعض من مناصريها بسبب نتائجها المتدنية في استطلاعات الرأي والتي لم تتجاوز 3 بالمئة.

نفس السيناريو يمكن أن يظهر عند مناصري مرشح الخضر يانيك جادوا الذي تتراوح نتائجه وفق الاستطلاعات ما بين 5 إلى 7 بالمئة من الأصوات. فهل سيفرض الواقع السياسي في معسكر اليسار كريستيان توبيرا كمرشحة وحيدة باسم اليسار الفرنسي؟

 

 

 

فرانس24

خميس, 03/02/2022 - 08:39