(افتتاحية الوئام الوطني ) : في خطابه القوي والصريح، الذي ألقاه اليوم بمناسبة تخرج دفعات من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، طالب رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني القائمين على الإدارة بتحمل مسؤولياتهم كاملة، وذلك قبل بدء إجراءات عصرنة الإدارة التي بشر بها في برنامجه الانتخابي "تعهداتي"، ونبه على أن ساعتها قد أزفت ولا مكان فيها لمن لم يستطع التخلص من أساليب الماضي التي لا تقيم وزنا لكرامة المواطن، ولا تلقي بالا لحل مشاكله، ولا تأبه بضرورة استفادته من وقته الثمين.
لقد فتح خطاب الرئيس بابا واسعا للمغادرة أمام كل من ليست لديه القدرة على مواكبة الإدارة العصرية التي بشر بها وأصدر أوامره الصارمة بانتهاج أساليبها السريعة والفعالة، مطالبا إياه بحفظ كرامته بالانسحاب من المشهد، وترك مكانه لمن هو أجدر منه وأقدر.
إن البديل عن ولوج باب تغيير السلوك الإداري نحو الأفضل أو الانسحاب المشرف، سيكون نفقا مظلما يبدأ بالتجريد من الوظيفة وينتهي بالمحاضر والمحاكمات والسجون، فلقد زرع الرئيس حقول أمل لا مجال فيها للحشرات الضارة التي يمتلك النظام مبيداتها الفعالة الجاهزة للاستعمال.
لقد ركز رئيس الجمهورية، في نقده للإدارة على القطاعات الخدمية والسلطات الإقليمية، وذلك باعتبارهما الجهتان الأكثر احتكاكا بالمواطنين والمسؤولتان عن حل مشاكلهم، فجاء تشخيصه لتلك المشاكل دقيقا، وعلمه بتعاطي الإدارة معها مطابقا للواقع.
إن ما بعد خطاب اليوم لن يكون كما كان قبله، وهو ما يتوقع أن يلمسه المواطنون في تعاطي الإدارة مع مشاكلهم، بحيث ستنقلب القاعدة التي ظلت تحكم علاقة المسؤولين بالمواطن، ليصبح المواطن سيدا والمسؤول خادما.
لقد مثل خطاب رئيس الجمهورية اليوم انحيازا تاما للمواطنين ضد تعقيدات وروتين الإدارة، وضد أباطرة الاتجار بمعاناة الناس والمتربحين من التحايل على الحقوق، وضد كافة أشكال المافيا المنتشرة في الإدارات العمومية.
وكالة الوئام الوطني للأنباء