الوئام الوطني : قال رئيس مجلس المستشارين المغربي، السيدالنّعمَ ميَّارَه، إن الجمعية الوطنية (برلمان موريتانيا) شريك للمجلس في المحافل الدولية والاقليمية.
وأضاف السيد مياره، في مقابلة حصرية مع وكالة الوئام الوطني للأنباء على هامش زيارة يؤديها لموريتانيا تلبية لدعوة من رئيس الجمعية الوطنية السيد الشيخ ولد بايه، أنه يطمح لأن تكون هذه الزيارة بداية لفتح مجالات عديدة للتعاون بين المملكة المغربية والجمهورية الاسلامية الموريتانية، مشيرا إلى أن الدبلوماسية الموازية، كأحد المهام الموكولة للبرلمانات الوطنية، أثبتت عبر التاريخ انها جزء أساسي من الديبلوماسية الرسمية، وجزء أساسي في تقريب وجهات النظر بين الشعوب، بحسب تعبيره.
وأضاف: "في هذا الإطار تدخل هذه الزيارة التي يقوم بها مجلس المستشارين المغربي إلى دولة شقيقة وهي الجمهورية الاسلامية الموريتانية، وبالضبط للجمعية الوطنية".
نص المقابلة:
وكالة الوئام: إلى أي حد أسهمت الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز علاقات موريتانيا والمغرب؟
النّعمَ ميَّاره:
الدبلوماسية الموازية كأحد المهام الموكولة للبرلمانات الوطنية أثبتت عبر التاريخ انها جزء أساسي من الديبلوماسية الرسمية، وجزء أساسي في تقريب وجهات النظر بين الشعوب
في هذا الإطار تدخل هذه الزيارة التي يقوم بها مجلس المستشارين المغربي إلى دولة شقيقة وهي الجمهورية الاسلامية الموريتانية، وبالضبط للجمعية الوطنية والتي تعتبر بالنسبة لنا شريك في المحافل الدولية والاقليمية، ونطمح لان تكون هذه الزيارة بداية لفتح مجالات أخرى للتعاون بين البلدين.
وكالة الوئام: كيف وجدتم التجربة الديمقراطية في موريتانيا؟
النّعمَ ميَّاره: أعتقد ان التجربة الموريتانية هي تجربة تراكمية فيها الكثير من العطاء والكثير من نضالات الشعب الموريتاني من اجل الحرية والديمقراطية وبناء دولة المؤسسات
واليوم، وعلى مستوى الجمعية الوطنية، نجد ان هناك أغلبية وهناك معارضة ديمقراطية، وقد التقينا بالجميع.
نعتقد ان هذا التراكم يمكن معه اعتبار موريتانيا إحدى الدول التي تتمتع بديمقراطية حقيقية في مجال شمال إفريقيا الذي كثيرا ما تسود النزاعات والحروب في بعض مناطقه والأشياء التي تعيق تقدم الشعوب.
أعتقد ان تجربة الدولة الموريتانية بصفة عامة واهتمامها بالعنصر البشري، وهذا الاختلاف الذي لا يفسد في الكثير من الأحيان للود القضايا الكبرى للجمهورية الاسلامية الموريتانية، ساهم كثيرا في ان الديمقراطية الموريتانية تتطور بشكل كبير.
نحن في المغرب ننظر لهذا التطور من منظور كيف يمكن تعزيز التعاون المشترك في ما بيننا في مجالات عديدة، اقتصادية وسياسية وبرلمانية، وفي تبادل الخبرات والتجارب، وفي تنسيق المواقف على المستويين الدولي والقاري والجهوي، وكيف يمكن أن تنسق البرلمانات لخدمة شعوب المنطقة، وهذا التفكير نابع من إرادة حقيقية داخل مجلس المستشارين، ومن توصيات جلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي يلح كثيرا على التعاون جنوب جنوب، الذي هو تعاون من أجل مصلحة شعوب الجنوب، وهذه المصلحة تقتضي منا كبرلمانيين تكاتف الجهود اولا، وتقتضي كذلك من دولنا وحكوماتنا تكاتف الجهود فيما بينها.
نحن نعلم أن جائحة كورونا وما بعدها وما سيأتي بعدها قسم العالم إلى قسمين، قسم شمالي يمتلك لقاحات ووسائل مكافحة كورونا، وقسم جنوبي يضم الكثير من البلدان يفتقر إلى أبسط الاشياء التي يمكن بها مكافحة هذا الوباء، وبالتالي فإن توجه المملكة المغربية نحو هذا التعاون جنوب جنوب ابتدأناه في امريكا اللاتينية بإنشاء المنتدى البرلماني الافريقي الامريكي اللاتيني، وهو الذي يتطور بشكل كبير، وكذلك هذه الزيارة ستتيح فرصة للتعاون جنوب جنوب.
نحن نعتقد أن موريتانيا هي بوابة المغرب على كامل إفريقيا، كما الجمهورية الاسلامية الموريتانية يجب ان تعتبر ان المغرب هو بوابتها نحو أوروبا، وأن مصالحنا المشتركة والمصير المشترك يقتضي منا جميعا التفكير مليا بأوجه التعاون وإرساء الثقة المتبادلة، وكذلك أوجه تعاون تترجم المستوى المتنامي لعلاقات سياسية مميزة، وترجمة ذلك يجب أن يلمسها المواطن العادي في موريتانيا وفي المغرب، وأعتقد لأن الجانب الاقتصادي، وكيف يلمسه المواطنون في البلدين، أعتقد ان في موريتانيا موارد طبيعية متنوعة، وموريتانيا بلد زراعي بالطبيعة، وموريتانيا يمتاز بالثروة الحيوانية الكبيرة والسمكية، وبلد المناجم... فيمكن لموريتانيا أن تستفيد من المغرب في كل هذه المجالات، وخاصة في المجال الزراعي، وهو الطلب الذي ألحت عليه كافة الأطياف السياسية التي التقيتها في هذه الزيارة، لأن المجال الزراعي، خاصة في جنبات نهر السنغال بالجنوب الموريتاني، حيث آلاف الهكتارات من الاراضي الصالحة للزراعة، وملايين الأطنان من المياه التي تتدفق وتختفي في المحيط الأطلسي.. فكيف تستثمر موريتانيا هذه المناطق من أجل ضمان الاكتفاء الغذائي الداخلي فضلا عن التصدير لجهات أخرى.
أعتقد أن المغرب بتجربته في الميدان الزراعي، يمكنه أن يعمل مع موريتانيا تعاون رابح رابح، ويكون تعاونا من أجل استثمار فرص وآليات التعاون الحقيقي المبني على أهداف حقيقية وليس فقط اكليشيهات أو زيارات من أجل أخذ الصور أو من أجل إثبات وجود.
يجب أن نكون براغماتيين وعمليين فيما يخص تعاوننا المشترك.
وكالة الوئام: ما النتائج المتوقعة من هذه الزيارة، خاصة على المستوى التشريعي؟
النّعمَ ميَّاره: أولا تم الاتفاق مع الجمعية الوطنية الموريتاني على التنظيم السنوي للمنتدى الاقتصادي البرلماني، وسيكون مجالا رحبا لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين بشكل دوري بين الرباط ونواكشوط.
سيكون له دور في تقريب وجهات النظر وتقريب الخبرات في المجال الاقتصادي وفي كذلك جلب الاستثمارات بين البلدين.
سيكون أيضا مجالا مهما فيما يخص العلاقات الثنائية بين البرلمانيين في البلدين، وقد اتفقنا مع الجمعية الوطنية في موريتانيا على تبادل الخبرات الإدارية، ولكن طموحنا داخل مجلس المستشارين وما يخوله الدستور المغربي، خاصة في القضايا المتعلقة بالاقتصاد، ان نكون كبرلمانين جسرا لتعاون اقتصادي حقيقي مثمر بين البلدين.
نحن نعتقد ان تعزيز العلاقات بين بلدينا يمر حتما عبر تعزيز الشراكة الاقتصادية من خلال التبادل التجاري والاستثماري.
الوئام الوطني: من المعلوم ان موريتانيا والمغرب بلدا عبور بالنسبة للهجرة غير الشرعية.. هل تناولت مباحثاتكم هنا هذا الموضوع، وهل من تشريعات مشتركة بشأنه؟
النّعمَ ميَّاره: من ناحية التشريعات، هنالك العديد من التشريعات الدولية والوطنية بخصوص الهجرة غير الشرعية، لكن نحن اتفقنا داخل البرلمانين على انه يجب ان نبحث كثيرا في الاسباب الحقيقية للهجرة غير الشرعية.
أعتقد موريتانيا بلد عبور، والمغرب بلد عبور وبلد استقرار أيضا، وأعتقد ان إنشاء تنمية اقتصادية في موريتانيا وفي الدول المجاورة، وتحسين ظروف عيش الساكنة، وكذلك شعور الساكنة بالاطمئنان والاستقرار والكرامة، هو الكفيل بأن يوقف هذه الافواج من الهجرة التي تبحث عن هذه الأشياء التي تبحث عنها، والتي ترى أن اوروبا هي المكان الوحيد للمهاجرين من المناطق الاجتماعية الهشة.
نحن في إطار السياسة المغربية لاحتواء الهجرة غير الشرعية، نعمل على تسوية الوضعية القانونية، وقد وصلنا لحوالي 83 ألف من المهاجرين من دول الساحل والصحراء، وسنعمل كذلك على أن المغرب في سياسة محاربة الهجرة السرية يكون اقرب من الدول المصدرة للهجرة، فقربنا من الدول المصدرة للهجرة سيحد من حدتها، ويحد من المخاطر التي يواجهها المهاجرون غير الشرعيين، وهو ما سيؤدي إلى تراجع حدة هذه الظاهرة، ويجعلنا نجنب شعوب هذه المنطقة المهاجرون لما رأيناه مؤخرا في الناظور أو في الأسلاك الشائكة من إهانة لكرامة الإنسان.
أعتقد أن هذا الموضوع يتعلق أساسا بشبكات منظمة لتهريب البشر، وهي شبكات تهدد الأمن والسلم، لا على مستوى شمال المغرب ومنطقة الساحل والصحراء فحسب، وهذا خطر حقيقي يجب علينا جميعا كدول أن نحاربه في هذه المنطقة.
وهنا أود أن أثمن المجهود الذي تقوم به الجمهورية الاسلامية الموريتانية في مجال محاربة التطرف وظاهرة الإرهاب المتنامية في الساحل، وهذه القوة الناعمة التي تتمتع بها موريتانيا في هذا المحيط المضطرب، فهي من الدول الاكثر استقرارا والأكثر محافظة على علاقاتها الثنائية مع محيطها، وهذه تجربة مفيدة يجب أن تستفيد منها المملكة المغربية.
وكالة الوئام: ما الدور الذي لعبه مجلس المستشارين المغربي لدى البرلمانات الدولية من أجل تكريس الوحدة الترابية للمملكة؟
النّعمَ ميَّاره: أولا أعتقد أن علاقة مجلس المستشارين بقضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية هي قضية كل المغاربة، ونحن نتكلم عن ثوابت مغربية وعن الأشياء التي لا نتجادل فيها، وهي الدين الإسلامي والملكية والوحدة الترابية.
المجلس عمل في الولاية الماضية وأكثر في هذه الولاية للتي نرأسها حاليا على نسج العديد من العلاقات، خاصة في امريكا اللاتينية والتي استطعنا فيها أن ندحض مجموعة من المزاعم المتعلقة بالوحدة الترابية للمملكة المغربية.
مشكل الصحراء المغربية افتعل في فترة ما ويجب على كل الدول ان تنظر بنظرة مغايرة لكل ما كان سائدا فيما يخص هذا الملف.
المغرب لديه مقترح جريئ هو مقترح الحكم الذاتي الذي يمنح صلاحيات واسعة للصحراويين، وهو اقصى ما يمكن أن يمنحه المغرب وأن يتنازل عنه المغاربة لإخوانهم في الجنوب المغربي.
أعتقد أن الطرف الآخر، المتمثل في البوليساريو ومن وراءها، لم يقدم أي حل للقضية منذ 1975 لحد الآن غير التعلق باستفتاء مستحيل نظرا لاستحالة تحديد هوية الناخب الصحراوي الذي يتميز تاريخه بالترحال ولا يمكن تحديد الصحراوي من غيره في منطقة كانت مفتوحة على أكثر من دولة.
مجال حركة الصحراويين كان فسيحا جدا ينتقل من شمال وشمال موريتانيا وجنوب الجزائر والشمال الغربي للنيجر وحتى جنوب المغرب، فهذا هو المجال الصحراوي، فإذا استطعنا أن نحصي تعداد هذه الساكنة بالكيفية التي طرحت يمكننا ان نعمل استفتاء وهو امر مستحيل، لذلك كان على الاطراف أن تبحث عن حل متفق عليه لا غالب فيه ولا مغلوب، ويضمن صيانة كرامة الجميع، وهو ما يتجلى في الحل الذي قدمه المغرب بحكم ذاتي حقيقي وبصلاحيات واسعة وبالأمور التي ستمكن الصحراويين من تسيير شؤونهم بأنفسهم، وتمكنهم من الالتحاق بركب التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها المناطق الجنوبية، وستمكن الصحراويين أيضا من ممارسة حقوقهم الدستورية أولا، وبحقوقهم التي ستنبثق عن مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، في حين أن الإخوان في تيندوف لحد الساعة لم يأتوا بحل واقعي آخر يمكن أن نلتقي جميعا في وسط الطريق من أجله.
وللإشارة فقط، فإن هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يكلف منطقة المغرب العربي اقتصاديا بصفة عامة 2% من نموها السنوي مما يعادل تقريبا فرص شغل تتجاوز 30 ألفا، ويكلف كذلك الشعوب المغاربية المزيد من العناء في التنقل وإيجاد فرص شغل في رحاب مغربها العربي الكبير، الذي أعتقد أنه من بين المناطق الجغرافية التي تعد أكثر تكاملا اقتصاديا ولغويا وإنسانيا من اي مناطق أخرى في العالم، لكن للأسف تعنت الإخوان في البوليساريو ومن معهم هو الذي يؤدي إلى تعطيل هذه المؤسسة الاندماجية التي انتظرها الآباء ونحن أيضا انتظرناها لمدة 45 سنة التي هي عمر هذا النزاع المفتعل.
وكالة الوئام: السيد النّعمَ ميَّاره، رئيس مجلس المستشارين المغربي، شكرا جزيلا على رحابة الصدر وعلى هذه الأجوبة الشافية.