الوئام الوطني: (افتتاحية) خلال العقد الأخير، سال الكثير من الحبر لإقناع الرأي العام بخطورة مساعي الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الرامية نحو تقسيم البلد والانفجار المجتمعي، وتسخيره السخي لموارد الدولة من أجل تحقيق هدفه المدمر، والذي لو كان قد تم وفق إرادته لما كنا اليوم ننعم بموريتانيا موحدة ومنسجمة ومتطلعة للمستقبل.
لم تكن علاقة ولد عبد العزيز بالحركة العنصرية الانفصالية "افلام" وليدة اللحظة، فقد فتح لها الأبواب للعمل داخل البلد، بعد أن كانت منظمة محظورة بقوة القانون وبواقع المنطلق وبإجماع الشعب، وقدم لها التمويلات السخية من تحت الطاولة، وكلفها بلعب الأدوار القذرة، والتي كان آخرها السعي لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة من خلال الوقيعة بين مكونات الشعب، وهو المخطط الذي تم إجهاضه بسرعة وقوة تدخل الدولة التي أعادت المياه لمجاريها.
وفي هذه الحادثة الخطيرة لا يفوتنا أن نسجل، بكل تقدير، الموقف النبيل الذي اتخذه المرشح الرئاسي حينها، السيد بيرام الداه اعبيدي، بالبراءة من مخطط أراد ولد عبد العزيز و"افلام" أن يكون هو عنوانه الأبرز لزيادة الانقسام المجتمعي في ذلك الظرف الحساس، فدعا للهدوء وعدم التظاهر باسم نجاحه في السباق الرئاسي.
لقد وفر ولد عبد العزيز الكثير من الجهد على من كانوا يؤمنون بقوة علاقته بالتنظيم العنصري المتطرف الساعي لتقسيم البلد، فكشف عن نواياه الحقيقية للجميع، ولكن في لحظة يأس وضياع وتشرد، لم يعد يملك فيها غير التباكي على هيبة فقدت، وكرامة أهدرت، وسلطة لا سبيل لاستعادتها.
إن عنوان منشور من يسمون أنفسهم "ملتزمون من أجل موريتانيا موحدة" حمل الكثير من الحقيقة، فهو بحق "الإعلان النهائي"، كما سموه، لأنه يحمل في طياته النهاية الفعلية لمسيرة نمر من ورق، عَوَّد الرأي العام على كشف حقيقته كلما تحدث أو تصرف.
إنه "الإعلان النهائي" الذي لن يكون له ما بعده، نظرا لزيف المعلومات المضللة التي احتواها، والتي تسعى لتشويه صورة البلد.
لقد أدرك ولد عبد العزيز وحركة "افلام"، المعزولان في غرفة ضيقة بباريس، أن نظام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني استعاد مصداقيتنا الدبلوماسية في الخارج، وأعاد الثقة والاستقلالية لمؤسسات الدولة، واسترجع ما نهبه نظام العشرية من أموال الشعب، وتصدى بكل قوة وصرامة وفاعلية للأزمات الدولية العابرة للحدود، وأطلق البرامج التنموية والإغاثية التي عم نفعها مختلف أرجاء الوطن، ودخل كل بيت وخيمة وعريش أينما كان، وفتح أبواب القصر الرئاسي وقاعات وزارة الداخلية أمام المعارضين... لقد أدرك أصحاب "الإعلان النهائي" كل ذلك، فاضطروا لإظهار تحالف طالموا أنكروه، لكنهم اليوم مكرهون لا أبطالا، بعد أن فاتهم القطار.
وكالة الوئام الوطني للأنباء