مع وصوله إلى السلطة في ظرفية اتسمت بانتشار جائحة كوفيد، سارع الرئيس ولد الغزواني إلى اتخاذ وفرض إجراءات صارمة للرقابة والوقاية من وباء جديد فاجأ العالم، وعرّض البشرية لأكبر تهديد في تاريخها. فكانت سلسلة من تدابير الصحة الوقائية لحماية كل من السكان واقتصاد البلاد، وهي الاستراتيجية الاستباقية التي ساهمت بشكل كبير في تأخير انتشار الوباء في موريتانيا.
وإلى جانب هذه الإجراءات، أطلق رئيس الدولة، الذي تولى السلطة حديثا حينها، برنامجًا اجتماعيًا واسعًا مدعومًا من صندوق كوفيد، والذي ساعد السكان على تحمل الآثار الجانبية للقيود والإجراءات الصحية المفروضة.
ولا بد من القول إن الرئيس السابق لأركان القوات المسلحة، والذي كان وزيرا للدفاع، قبل أن يتولى رئاسة البلاد عن طريق صناديق الاقتراع، كان بمثابة فارس شجاع في مواجهة عدو هائل. وساعده في ذلك وضوحه وحكمته، في إدارة مصير موريتانيا، التي كانت محظوظة طوال عشر سنوات، بكونها بعيدة عن التهديدات الإرهابية التي عانت منها منطقة الساحل، فكانت بمثابة حديقة مزدهرة في وسط صحراء.
وبناء على ما سبق، فإن تكريم منظمة الصحة العالمية لهذا الرجل، هو أمر في محله. فكما نعلم، على الصعيد الاجتماعية، هناك شريحة واسعة من السكان الأكثر احتياجا، تدين له بتوسيع الولوج إلى التأمين الصحي.
وقد أعلن في 7 أبريل الجاري، عبر حسابه بتويتر، عزمه على مواصلة الجهود، لتحقيق التغطية الصحية الشاملة للمواطنين، وتزويدهم بخدمة نوعية تعمل على تحسين أوضاعهم.
وسنلاحظ هنا، وقبل كل شيء، أن رغبة هذا الرجل في تزويد الموريتانيين بخدمة صحية نوعية، تجسدت من خلال تعيين وزير للصحة بدأ بإصلاحات صارمة. حيث وقف الوزير نذيرو في وجه جماعات الضغط، لوضع قطاع الصحة على المسار الصحيح وإنقاذه.
وفي ما يخص التعليم، فإن قرار إنشاء مدرسة جمهورية اعتبارًا من العام الدراسي الحالي، هو إرادة شجاعة سياسيًا من جانب رئيس الدولة الذي سيتعامل مع نظام تعليمي أصبح لعقود من الزمان مصدر قلق بشأن مستقبل المواطنين، فهناك انخفاض في مستوى التحصيل لدى الطلاب، ناتج عن عدة اختلالات، بعضها يتعلق بوجود مدارس للنخب الاقتصادية والعسكرية والسياسية، يتم فيها تكوين أبنائهم بشكل جيد على حساب أبناء الطبقات الأخرى من المجتمع، لذلك فهذا الإصلاح عبارة عن "إضفاء الطابع الديمقراطي" على التعليم، في بلد تتم فيه محاربة الإقطاع والمحسوبية.
إنجاز آخر يحسب لهذا الرجل الذي يقود موريتانيا بشكل مختلف عن سابقيه، وهو إنشاء معهد لترقية وتعليم اللغات الوطنية (IPELAN). استجابة لطلب الاعتراف بالتنوع الثقافي، وقبل ذلك التزام بترسيخ الوحدة الوطنية، وإظهار ثروة موريتانيا الحقيقية، المتمثلة في تعددها الثقافي.
وفي هذا السياق، لن ننسى دعوة ولد الغزواني الموريتانيين إلى محاربة هذه الآفات. ولم يتردد في التأكيد، يناير الماضي في تيشيت، على النداء الذي وجهه قبل عام في وادان بخصوص "ضرورة التخلص من المسلكيات والقوالب النمطية التي تولد عدم الثقة وعدم الفهم تجاه بعضنا البعض والأحكام المسبقة التي تغذيها".
"لقد أمرنا الحكومة بتطبيق القانون بصرامة لهذا الغرض، واتخاذ التدابير اللازمة، على مختلف المستويات، لتخليص مجتمعنا بشكل دائم من هذه السلوكيات المؤذية"، هذا ما قاله ولد الشيخ الغزواني، الذي بدا مصمما على مواجهة تصاعد ظواهر القبلية والطائفية.
ومن الواضح أن هذه الرغبة تجلت كذلك، مع بدء التحضير للانتخابات المقرر إجراؤها في مايو المقبل. فعلى عكس ما كان عليه الأمر في السابق، لم يكن لترشيحات معسكر البارونات وزعماء القبائل والشخصيات السياسية والعسكرية أي حظ لدى حزب الإنصاف، مع أن الأمر يمثل تحديًا كبيرًا لرئيس دولة ترتبط إمكانية إعادة انتخابه لولاية ثانية بإعادة الاستيلاء بأي ثمن على الأغلبية الرئاسية في البرلمان.
فالجمعية الوطنية يجب أن لا تكون مساحة للتنافس القبلي، بل يجب أن تكون مؤسسة ديمقراطية حقيقية. وهذا مطابق لما قاله رئيس الجمهورية حين قال: "ليس من المعقول ولا المقبول، أن نكون في الألفية الثالثة، ونشهد بعض الظواهر التي حدثت كثيرًا في الآونة الأخيرة، ولا سيما تحول بعض النزاعات على الأراضي إلى صراعات قبلية بدائية وحادة وعنيفة، يتعارض انتشارها بشكل أساسي مع مفهوم الدولة الحديثة، تمامًا كما يعطل التنمية ويقوض التماسك الاجتماعي بشكل خطير".
بالنسبة لمحمد ولد الشيخ الغزواني، فإن الدولة تعترف بالملكية الخاصة للأراضي وتحميها، والتي تستوفي الشروط القانونية، تمامًا كما تعترف بحيازة الامتياز وتحميها، طالما تم استيفاء الشروط المطلوبة.
وبهذه الطريقة تكون الدولة قوية، لأنها تقدم مبدأ سيادة الدولة على أراضيها وتطبيق مقتضيات القانون.
يجب أن نفهم بأنه لن يتم بأي حال من الأحوال استغلال موارد طبيعية أو مشاريع تنموية، على ممتلكات ليس لها أساس قانوني، لنركز إذا على التنمية!.
تفسح البيئة السياسية الراهنة المجال للتنمية، فالمعارضة السياسية التقليدية أصبحت أقل حدة مع وصول ولد الغزواني إلى السلطة. وقد لوحظ هدوء في المشهد الاجتماعي. كما أن العلاقات الدبلوماسية في حالة جيدة، بسبب الخطاب اللطيف الذي يتبناه الرئيس الموريتاني تجاه البلدان المجاورة، بعيدًا عن توترات الماضي القريب.
ويمكن معرفة الطريقة التي يتم بها التعامل مع التحديات الأمنية من خلال ما حدث مع الإرهابيين الذين فروا من السجن مؤخرًا.
ونحن اليوم على بعد حوالي عام من الانتخابات الرئاسية، التي سيكون ولد الغزواني المرشح الأوفر حظا فيها حتمًا، بعد نجاحه في مشاريعه: التوظيف، الاندماج، مشاريع الغاز والنفط ، إلخ. يضاف إلى ذلك قضية الوحدة الوطنية التي يسعى جاهدا بتبصر وحكمة لتعزيزها.
ترجمة وكالة الوئام الوطني
لمتابعة المقال من المصدر افتح الرابط التالي :
https://ondeinfo.com/tribune-mohamed-ould-cheikh-ghazouani-gouverner-aut...
نقلا عن موقع :Initiativesnews
https://initiativesnews.com/index.php/2023/04/10/tribune-mohamed-ould-ch...