دخلت موريتانيا اليوم الجمعة في خضم الحملة السياسية والإعلامية التي ستمهد على مدى أسبوعين، للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية المتزامنة المقررة يوم 13 مايو المقبل.
وتتنافس في هذه الاستحقاقات 2071 قائمة مقدمة من 25 حزبا يتصدرها في سعة الترشحات، حزب الإنصاف الحاكم، يليه حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل".
وقد اتخذت جهات الإشراف على تنظيم الحملة السياسية إجراءاتها حيث وزعت الحكومة بالتساوي الدعم المالي العمومي المقدم للأحزاب وقدره مليار أوقية موريتانية، كما وضعت السلطة العليا للصحافة وسلطة الإشهار واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات برنامجا لتوزيع الحصص المجانية في وسائل الإعلام العمومية على الأحزاب المترشحة.
وأكد الرئيس الغزواني في كلمة وجهها بالمناسبة “أن موريتانيا تقف اليوم على عتبة محطة بالغة الأهمية في تجربتها السياسية المعاصرة، تتمثل في تنظيم انتخابات تشريعية وجهوية وبلدية، تمنح شعبنا فرصة كاملة، غير منقوصة، ليقول كلمته، ويختار ادارته المحلية وسلطته التشريعية كما اختار من قبل سلطته التنفيذية بكل حرية وشفافية”.
وأضاف “تشكل هذه الاستحقاقات بحق استثناء لم يتقدم له نظير في تاريخ البلاد: فهي أول انتخابات تجري بتوافق تام بين كل القوى السياسية، يؤسسه إجماع موثق على قواعدها وأسس تسييرها”.
“إنما طبع ساحتنا السياسية طيلة الأعوام الثلاثة الماضية من الهدوء، يقول الرئيس الغزواني، والاختلاف في ظل الاحترام، والتباين في المواقف دون تشنج، كان مني تعهدا، والتزاما قطعته على نفسي، وبذلت جهودا كبيرة في تحقيقه أولا وللمحافظة عليه ثانيا”.
وقال “أود أن أنبه إلى أن هذا الهدوء، وهذه العلاقات الطبيعية بين مختلف مكونات ساحتنا السياسية، تشكل في حد ذاتها، مكسبا يلزمنا جميعا صونه والحفاظ عليه: فلنختلف باحترام، ولنعبر عن تباين آرائنا برقي، ولنتنافس بقوة، لكن في إطار من المسؤولية الأخلاقية والالتزام الأدبي”.
ودعا محمد ماء العينين ولد أييه رئيس حزب “الإنصاف” الحاكم في افتتاحه لحملة حزبه إلى “الابتعاد عن الخطاب الشرائحي والقبلي والجهوي، وإلى خوض حملة بروح المسؤولية وحسن الخلق”.
وانتقد حمادي ولد سيدي المختار رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية في كلمة افتتاح للحملة السياسية، الأوضاع التي تعيشها موريتانيا مؤكدا “أن الفساد ينخر البلاد، وأن الأوضاع العامة للمواطنين مزرية”، مردفا “أن حزبه يرى أن الفرصة مواتية للمواطنين لاختيار مرشحي حزبه التجمع من أجل تغيير هذه الواقع”.
ودعا ولد سيدي المختار أنصار حزبه “لاستحضار مرجعيتهم الإسلامية، والابتعاد عن كل ما يخالف الإسلام”، مؤكدا “أن حزبه يطالب بتطبيق الإسلام في شتى مجالات الحياة، من أجل حل مشاكل موريتانيا”.
أما قادة تحالف “أمل موريتانيا” وهو كشكول سياسي متعدد المذاهب يدخل الساحة لأول مرة، فقد دعوا لإحداث تغيير في مسار موريتانيا، التي أكدوا أنها تمر “بأوضاع بالغة السوء”.
وتحدث إبراهيم مختار صار رئيس حزب العدالة والديمقراطية/حركة التجديد، في افتتاح حملته “عن قضية التعايش بين السكان السود الأفارقة والعرب في موريتانيا”، مؤكدا “أنها هي المشكلة الوحيدة الجوهرية التي تجب مواجهتها عبر مسلكيات جديدة يعكسها البرلمان القادم”.
هذا وأعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات عن وصول مجموع الموريتانيين المسجلين على القائمة الانتخابية العامة لاستحقاقات مايو 2023، إلى 1.785.035 ناخبـا.
وأشارت اللجنة إلى “أن القوائم المترشـحة للبلـديات وصلت إلـى 1378 قائمة، تمثل النسـاء فيهـا نسـبة 32.57%”.
وذكرت “أن اللوائح المرشحة للجهات وصـلـت إلـى 145 قائمة، بلغ فيها حضور المرأة 35,10%، فيما وصلت القوائم المرشحة للبرلمان 559 قائمة بنسبة 36,73% من النساء”.
وأوضحت اللجنة “أن حزبا واحـدا (هو حزب الإنصاف الحاكم) تمكن مـن تقديم ترشحات لجميع مقاعد البرلمان والجهات والبلديات على امتـداد الـتـراب الـوطني، فيما لم تغط ترشحات 16 حزبا من الأحزاب الخمسة والعشرين المرخصة، سوى 20% فقـط مـن الـتـراب الـوطني، ووصلت ترشحات 6 أحـزاب لنسب تتراوح مـا بـين 20 و40%، كما وصلت ترشحات 3 أحـزاب أخرى لنسب تتراوح مـا بـين 40 و70%”.
وبمقارنة الترشحات الحالية مع الترشحات في انتخابات 2018 التي هي آخر انتخابات عامة، نلاحظ أن الأحزاب الخمسة والعشرين التي احتفظت بتراخيصها، قد تقدمت للانتخابات المنتظرة بمـا مجموعـه 2071 قائمة، بينما تقدمت الأحزاب ال 110 التي كانت مرخصة سنة 2018 (فقد غالبها ترخيصاته بسبب ضئالة نتائجه في الانتخابات) بما مجموعه 2251 قائمة لانتخابات 2018.
هذا ويستعد حزب “الإنصاف” الحاكم لخوض معركة شرسة مع خصومه ومغاضبيه لتحقيق أغلبية مطلقة في البرلمان المقبل، مع استمرار الهيمنة المطلقة على المجالس الجهوية والبلدية.
أما حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" المعارض، والذي حقق المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الماضية لعام2018، فيسعى، بوصفه أكبر منافسي الحزب الحاكم، للحفاظ على زعامة المعارضة الديمقراطية للمرة الثالثة تواليا، وعلى مواقعه السابقة في البلديات، رغم أنه شهد انسحابات لعدد من قيادييه.
ويمثل تحالف “أمل موريتانيا” الذي يقوده برلمانيون سابقون معارضون بعضهم منسحب من أحزاب اتحاد قوى التقدم، تكتل القوى الديمقراطية، وحزب تواصل ويسعى للظهور بقوة في البرلمان القادم كقوة معارضة رئيسية معتمدا على ما حققه قياديوه من حضور في البرلمان السابق.