في فاتح شهر مارس 2019 كان الشعب الموريتاني على موعد مع حدث سياسي مختلف عما عهده في مساره الديمقراطي، حيث أعلن السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ترشحه للسباق الرئاسي عبر خطاب غير مسبوق في لغته المتصالحة وتعهداته المعززة بتاريخ من الوفاء، فكان ثورة طال انتظارها في إعادة رسم العلاقة بين فرقاء السياسة وبين القمة والقاعدة على أسس الثقة المتبادلة.
وبعد خمس سنوات من الإنجاز، الذي لم يكن سوى وفاء بالعهد، يلقي رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني حجرا من العيار الثقيل في مياه السياسة يوم 24 إبريل 2024، بإلغائه كل المظاهر الكرنفالية المعتادة لدى ساسة البلد في مهرجانات إعلان ترشحهم، ويولي وجهه تلقاء الشعب، مباشرة ومن دون وسيط، ليعلن له ترشحه لمأمورية ثانية، وذلك عبر رسالة مفعمة بالصدق، وراشحة بالوعود المعززة بقائمة طويلة وعريضة من الانجاز.
هذا الأسلوب الرائد في إعلان الترشح، برره ولد الشيخ الغزواني بالقول إنه ارتأى أن يتوجه إلى المواطنين برسالة مباشرة، ليطلعهم على قراره التقدم لنيل ثقتهم لمأموريةٍ جديدة، "تلبية لنداء الواجب، وحرصاً على مواصلة خدمتكم، وخدمة بلدنا الغالي عبر تحصين ما تحقّق من مكاسب مهمة، وفتحِ ورشاتِ جديدة، وإطلاق إصلاحات ومشاريعَ بنيوية، بحجم طموحاتنا جميعا، تدعم ديناميكية الجهد الإنمائي الوطني ليكون أسرع وتيرةً، وأعمق أثرا، وأكثر شمولاً واستدامة".
لقد حدد ولد الشيخ الغزواني الهدف المركزي لكل محاور البرنامج الانتخابي الذي سيتقدم به لنيل ثقة الموريتانيين لمأمورية ثانية في "ترقية الشباب ومحاربة البطالة"، مؤكدا أن مأموريته المقبلة ستكون، بإذن الله، مأموريةً بالشباب ومن أجل الشباب.
وأضاف رئيس الجمهورية، ولديه الشهود من العدول والمستفيضات، أن اهتمامه بالشباب لا يضاهيه إلا حرصه على تبوإ المرأة الموريتانية المكانةَ المناسبة لكي تلعب الدور المنوط بها، والذي لا غني عنه، في كل المرافق الإدارية والاقتصادية والسياسية، واصفا المرأة الموريتانية بأنها "تاج رؤوسنا".
وتضمنت رسالة الرئيس إلى الشعب التذكير بحرصه خلال السنوات الماضية على تحقيق العديد من مطالب الشباب وأولوياته في مختلف المجالات، مضيفا أنه عمل على إصلاح المنظومة التعليمية الوطنية لكي توفر لكل الشباب فرصا متساوية في تعليم ذي جودة يؤهلهم للاندماج السلس في الحياة العملية وللمشاركة الفعالة في بناء الوطن، إيمانا منه "بأنّ شباباً بلا تعليمٍ شبابٌ ضائع، وضياعُ شباب الأمة ضياعٌ للأمة".
تذكير معزز بالشواهد القائمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، بناء وتجهيز مركب جامعي جديد يتسع لـ11 ألف طالب، وتشييد وتجهيز عدة مؤسسات علمية وفنية، وإطلاق برامج عدة للتكوين والتأهيل والتشغيل، فضلا عن العمل على تعزيز حضور الشباب في مركز صنع القرار، من خلال استحداثُ لائحةٍ خاصة به لضمان تمثيله في الجمعية الوطنية.
ورغم كل تلك الانجازات غير المسبوقة، فهي لم تحجب عن الرئيس ما لدى الشباب من مآخذ وانتظارات،فهو مدرك ومدركٌ حق الإدراك لما تشكّله البطالة من عبْءٍ ثقيل على الشباب الطامح إلى بناء مستقبله ومستقبل بلده، وما يعنيه القضاء على البطالة من تمكين له من أداء دوره الريادي، كقوة تغييرٍ اجتماعي، وكفاعلٍ أساسي في تصوّر وتنفيذ السياسات العمومية.
ولم تغفل رسالة الرئيس اهتمامه المشهود في مجال التعليم، الذي طالما شغل باله وقرر إعادة تأسيسه على أرضية صلبة من خلال المدرسة الجمهورية، حيث أكد أن الاهتمام به هو في جوهره، اهتمام بالشباب وبدوره الحاسم، الذي لا غنى عنه، في تنمية المجتمعات، وإحداث التغيير الإيجابي فيها، مردفا أنه على يقين بأنّ أي رؤية تنمويةٍ تسعى لإحداث تحولٍ اجتماعي أو اقتصادي أو سياسي حقيقي ليس الشباب وسيلتَها الأولى وغايتَها النهائية ستنتهي قطعا بالتعثّر والفشل.
لقد اعتبر خطاب الترشح لمأمورية ثانية أن التحدي الأول كان وما يزال، هو تلبية طموحات وآمال شبابنا، وتحرير طاقاتهم، وتأهيلهم للمساهمة الفعالة في رسم وبناء معالم موريتانيا التي ينشدونها.
إن من شأن هذه الرسالة وهذا الإعلان أن يكون لهما صدى واسعا في كل شبر من الوطن، حيث يتعين على كل مواطن غيور على وطنه، وكان شاهدا على إنجاز المشاريع التنموية الكبرى، والانحياز للفقراء والطبقات الهشة، أن يردالجميل لرئيس الجمهورية، وأن يضمن لنفسه وأسرته وجيرانه وشعبه استمرار الإنجاز، عبر تمرير برنامج الرئيس في الشوط الأول، كما فعل أول مرة منذ خمسة أعوام.
المختار ولد خيه
المستشار السياسي لرئيس حزب الإنصاف والعمدة السابق لبلدية بومديد