قال أحمد طالب ولد المعلوم، نقيب الصحفيين الموريتانيين، إن الساحة الإعلامية تعج بعشرات التنظيمات الصحفية، مشيرا إلى أن هذه التنظيمات "إن كانت جادة يكون الأمر جيد؛ يكون فيه تعاون على الهم العام، ولكن إذا كانت هذه التنظيمات من أجل حاجة في نفس يعقوب أو بعض الأمور الشخصية فهي ستكون عائقا كبيرا"، بحسب تعبيره.
وأوضح ولد المعلوم، في مقابلة مع الوئام TV، أنهم في نقابة الصحفيين الموريتانيين يرحبون بكل تنظيم، "ونحاول التعامل معه مهما كان شكله ونوعه ما دام يشترك معنا في ثنائية الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للصحفيين"، على حد وصفه.
نص المقابلة:
الوئام TV/
السيد النقيب؛ هيئات صحفية عديدة تتشكل وتجد التصاريح اللازمة من الوزارة الوصية.. ما الفائدة من ذلك مع وجود نقابة تسع الجميع؟
النقيب أحمد طالب:
في البداية أشكر قناة الوئام TV على هذه الفرصة، سنحاول -قدر المستطاع- تسليط الضوء على بعض إشكالات العمل النقابي الصحفي..
نحن في نقابة الصحفيين الموريتانيين نرى أن الاستمرار في منح الترخيص أو الإشعار (كان في السابق ترخيصا والآن أصبح إشعارا فقط) في ظل نظام ليبرالي ديمقراطي يسمح بحرية التجمع وحرية التنظيم للمجتمع المدني بشكل عام لا ضير فيه، ولكن كان من الأجدر أن تكون هناك ظروف وشروط وبعض الالتزامات التي تقع على عاتق الراغبين في تشكيل التنظيمات.. نحن الآن في البلاد تعُجّ -والحمد لله- الساحة الإعلامية بعشرات التنظيمات الصحفية وهذه التنظيمات إن كانت جادة يكون الأمر جيد؛ يكون فيه تعاون على الهم العام، ولكن إذا كانت هذه التنظيمات من أجل حاجة في نفس يعقوب أو بعض الأمور الشخصية فهي ستكون عائقا كبيرا، ونحن في نقابة الصحفيين الموريتانيين نرحب بكل تنظيم ونحاول التعامل معه مهما كان شكله ونوعه ما دام يشترك معنا في ثنائية الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للصحفيين؛ لذلك تشكَّلَ المكتب التنفيذي في هذه المأمورية من أعضاء أغلبُهم يمثلون بعض هذه الهيئات الصحفية، خاصة الهيئات الصحفية الجادة والتي تسعى إلى تذليل الصعوبات والمشاكل التي يعاني منها القطاع بشكل عام والصحفيين بشكل خاص.
بالفعل في عدة مرات تحدثتُ مع بعض المسؤولين -خاصة بالقطاع الوصي- كانوا يتحاججون دوما بكثرة وانتشار هذه الهيئات وطريقة التعامل معها.. نحن هنا نريد أن نؤكد أن انتشار أو وجود هذه الهيئات بهذه الطريقة وبهذا التعداد قد يكون -أحيانا- ضرره أكثر من نفعه، خاصة إذا كانت هذه الهيئات بعضها لا يلتزم بالمبادئ والواجبات اللازمة في إطار السعي لحل مشاكل القطاع الصحفي ومشاكل العاملين فيه، وفي عدة مرات بعضُ المسؤولين يتذرعون بكثرة التعامل مع هذه الهيئات.
في بعض البلدان -خاصة بعض البلدان المجاورة- فيها تعدد الهيئات والتنظيمات الصحفية -وهي حالة صحية في الدول الديمقراطية- ولكن هناك جسم أكبر يجب أن يكون المخاطب الأول في هذا الإطار من أجله تنظيمه ولتعُم الفائدة؛ لذلك نحن سنسعى دوما إلى لملَمَة الشمل رغم تناثر هذه الهيئات والتنظيمات ومحاولة لَمّ ما هو جاد منها في إطار تنسق نقابي مشترك في القضايا الكبرى والهامة.
الوئام TV/
ما الذي قامت به النقابة فى السنوات الماضية من اجل الاستمرار وتصحيح المسار؟
النقيب أحمد طالب:
شكرا، هذا سؤال مهم..
- نقابة الصحفيين الموريتانيين في هذه المأمورية انتهجت سياسة نقابية واضحة المعالم بيّنة القسمات؛ كان من أول هذه السياسة محاولة رأب الصدع بين الصحفيين وبين التنظيمات داخل العمل النقابي بشكل عام ليسود جو من الهدوء والتشاور والتآزر والتآخي في إطار الحقل من أجل عمل جماعي قادر على أن يكون له تأثير، قد تلاحظون ذلك؛ أن تلك الصراعات والمناوشات التي كانت تأخذ كثيرا من وقت العمل النقابي، ولا جدوى من ورائها سِوى ضياع الوقت في أمور تشغل القائمين على النقابة عن الأساسيات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ركّزنا على توطيد العلاقات مع الشركاء؛ سواء كانوا شركاء محليين أو دوليين، وسواء كان في القطاع العمومي أو الخصوص، حيث قمنا بالتشاور والتنسيق مع الهيئات والعاملين في المجال والفاعلين في القطاع من أجل التعاون معهم، كما قمنا أيضا على المستوى الخارجي بإبرام بعض الاتفاقيات مع بعض النقابات العريقة؛ كما هو الحال مع النقابة الوطنية التونسية، ونقابة الصحافة المغربية، ومع الاتحاد الدولي للصحفيين، وبعض المؤسسات الأخرى كالجزيرة واليونسكو.
قمنا ببعض التكوينات في مجال السلامة المهنية وفي مجال تغطية الانتخابات وعدة تكوينات ونسعى إلى القيام بالمزيد من هذه التكوينات من أجل التحسين من خبرات ومستويات العاملين في القطاع.
الوئام TV/
دعا رئيس الجمهورية الى اصلاح القطاع الصحفي واتخذت اجراءات فى هذا الصدد
ما الذي تم انجازه؟
النقيب أحمد طالب:
فعلا رئيس الجمهورية أعطى تعليمات واضحة وصريحة في ما يتعلق بإصلاح القطاع، ولمسنا ذلك في إنشاء لجنة خاصة بدراسة مشاكل الصحافة والبحث عن حلول لها، هذه اللجنة عهدَ بها إلى صحفيين كبار من أجيال وأعمار مختلفة، استطاعت هذه اللجنة أن تقوم بمسح ورصد لما يعانيه القطاع وقدمَت تقريرا، وهذا التقرير كانت له نتائج كبيرة وما زلنا إلى حد الساعة نقطف بعض هذه الثمار، على الرغم من أننا ننتظر الكثير من هذا التقرير.. هذه اللجنة -بتوجيهات سامية من فخامة رئيس الجمهورية- اتجهَت إلى غربلة القطاع والتشاور مع القائمين والعاملين والفاعلين فيه، وقد نتج عن ذلك ترسانة قانونية كبيرة جدا من الجانب التشريعي، تتعلق بقوانين عدة؛ نذكرُ منها -على سبيل المثال- قانون الصحافة الإلكترونية، والقانون الصحفي المهني الذي ننتظر بفارغ الصبر المراسيم التطبيقية له.. وكذا صندوق دعم الصحافة الخاصة والذي أصبح شبه المتنفس الوحيد لدعم القطاع الخاص في المجال الإعلامي.. أيضا على المستوى العمومي لاحظنا في السنتين الأخيرتين تحسين الأنظمة الأساسية كما هو في الوكالة وإذاعة موريتانيا وقناة الموريتانية؛ حيث حسّنَت هذه الأنظمة من الأجور فضاعفَت منها في بعض الأحيان، كما حسّنَت أيضا من علاقة الإدارة بالعاملين في هذه المؤسسات بحيث لم تعد المزاجية لها دور كبير في العلاقة التي تربط إدارة هذه المؤسسات مع الصحفيين والعاملين في القطاع، ورغم ذلك نحن لاحظنا أن هناك نقصا كبيرا لا يزال يُشكِّل عائقا، وخاصة في ما يتعلق بالصحافة الخصوصية التي تفتقد للموارد وأدى ذلك إلى اندثار بعضها كما نراه اليوم في الصحف الورقية، وفي المجال العمومي أيضا تظل إشكالية المتعاونين تؤرقنا، وبالمناسبة نحن قدّمنا عريضة مطلبية كانت النقطة الأولى فيها تتعلق بالمتعاونين في مؤسسات الإعلام العمومي، أيضا في ما يتعلق بالعقود للمؤسسات الصحفية الخصوصية التي يعاني فيها الصحفيون من عدم وجود عقود، وبالتالي هذه الأمور وأخرى نحن ننتظر في نقابة الصحفيين الموريتانيين أن تجد طريقها إلى الحل، وهناك أيضا بعض الأمور الأخرى في ما يتعلق بهذه الإصلاحات الناجمة عن هذه اللجنة.
عموما يمكن أن نقول في نقابة الصحفيين الموريتانيين إن عناية كبيرة لاحظناها في السنوات الأربع/الخمس الأخيرة في إعطاء أولوية للقطاع ومحاولة إصلاحه، رغم أن الطريق مازال طويلا ونحتاج لجهود أكبر من أجل حل القضايا التي مازالت عالقة وننتظر في المستقبل القريب والبعيد -إن شاء الله- أن تكون هناك استراتيجية لحلحلتها.
الوئام TV/
ما الفائدة من البطاقة الصحفية المنتظرة اذا لم تستطع توفير تأمين صحي أو مردود مادي لحاملها؟
النقيب أحمد طالب:
بالفعل القانون الصحفي المهني كنا ننتظر -وما زلنا- منه إزاحة الضباب الذي خيّمَ لعقود على القطاع من فوضوية وعدم مهنية ونأمل أن يساهم هذا القانون في تحديد من هو الصحفي.. أنتم تعلمون أن الولوج إلى الحقل يسير وسهل ويستطيع أي ممن أخفقوا في الدراسة أن يتوجهوا إلى قطاع الإعلام، فقط يحتاجون لهاتف ذكي أو جهاز كومبيوتر وموقع والكتابة.. وبالتالي يصبح الواحد صحفيا ولا يمكن أن تقول بأنه غير صحفي ! لذلك سيكون هذا القانون بمثابة تنظيم لهذا القطاع أو مساهمة في تنظيمه؛ لأن منح التأمين ومنح الامتيازات لا يمكن أن يتأتى إلا بمعرفة من يستحق هذا الامتياز..
لذلك ننتظر من هذا القانون أن يكون له دور كبير في إزاحة هذا الضباب وأن يساهم في تمكين الصحفيين من الحصول على بعض الامتيازات المادية والمعنوية التي ستساهم في تمهين الحقل وفي تقديم الخدمة الصحفية بشكلها اللائق، ونرجو أن تكون المراسيم التطبيقية -التي ننتظر صدورها من حين لآخر- صريحة ودقيقة وصارمة، كي لا تترك فرصة للالتفاف على ما تم إنجازه، كما لاحظنا في المرة الماضية في ما يتعلق بمجلس السلطة العليا الذي رفضنا طريقة تشكيله في السنة الماضية، لذلك نأمل أن يكون هذا القانون له دور كبير في محاربة التمييع وعدم المهنية والابتذال وأن تقف المهنة على قدميها وأن تُقدِّم ما هو مطلوب منها على أحسن وجه.
الوئام TV/
هل من كلمة أخيرة:؟
النقيب أحمد طالب:
في ختام هذا اللقاء أُوجّهُ تحية كبيرة للزملاء القائمين على وكالة الوئام بشقيها المكتوب والمسموع-المرئي، ولإدارتها، وأخص بالذكر أخي وزميلي جمال، على هذه الفرصة التي أسألُ الله -تبارك وتعالى- أن تكون من أعمال البر لإنارة الطريق في مشواره كمهني صحفي، وأن يوفق القائمين على هذا الصرح الإعلامي الكبير السبّاق دوما إلى العمل الوطني الجريء والمهني، وشكرا لكم.